ذكرى حريق الأقصى.. إجرام “إسرائيلي” مستمر منذ 55 عاماً
تحل في 21 أب، ذكرى إحراق المسجد الأقصى الـ55 على يد “الإسرائيلي” المتطرف “دنيس روهان” عام 1969، وسط تكرار لجرائم الاحتلال بحق فلسطين وشعبها بوسائل وطرق مختلفة.
واقتحم الإرهابي “روهان” في السادسة من صباح 21 أب 1969 البلدة القديمة في القدس المحتلة، وعبر “باب الأسباط” نحو “باب الغوانمة”، ثم دخل المسجد حاملاً حقيبة تحتوي على مادتي البنزين والكيروسين وذلك بتنسيق كامل مع قوات الاحتلال.
واتجه الإرهابي الأسترالي الأصل إلى “المُصلى القبلي” في المسجد، وقام ببل وشاح صوفي بمادة الكيروسين، ووضع أحد طرفيه على درجات المنبر، والطرف الأخر في وعاء مملوء بما تبقى بحوزته من مواد حارقة ثم أشعل الوشاح وهرب تحت أنظار جنود الاحتلال.
واشتعلت النيران وأتت على 1500 م2 من “المُصلى القبلي” البالغة مساحته 4400 متر2، حيث طال الحريق “مسجد عمر” التاريخي و3 أروقة من أصل 7 ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة.
كما سقط جزء من سقف المسجد نتيجة الحريق، وكذلك أعمدة حجرية، كما احترقت 74 نافذة وزخارف وزجاج ملون، وتمثل تلك المحتويات التي احترقت الوجه التراثي والحضاري للأقصى.
وسارع الفلسطينيون لإخماد النيران بملابسهم وبالتراب والمياه الموجودة في آبار الأقصى، بالوقت الذي قطع به الاحتلال الماء عن “المُصلى القبلي” ومحيطه، ومنع فرق الإطفاء من الوصول إليه بسرعة لضمان أوسع انتشار للحريق.
وزعم الكيان أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل، ادعت حكومة العدو أن “شاباً أسترالياً اسمه دينيس مايكل روهان هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة”، ولم يمض وقت طويل حتى تم معمعت الأمر بالقول إن الشاب معتوه وأُطلق سراحه.
ردود الأفعال
أصدر مجلس الأمن في 15 أيلول 1969 قراره رقم /271/ بأغلبية 11 صوتاً وامتناع 4 دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة، وأدان فيه الكيان، واعتبره مسؤولاً عن الحريق باعتباره القوة القائمة بالاحتلال، ودعاه إلى إلغاء جميع الإجراءات التي من شأنها تغيير الوضع في القدس.
وعلى صعيد الدول العربية والإسلامية كانت هناك حالة غضب شعبي عارمة، وعمت المظاهرات أرجاء الشوارع إلا أن الردود الرسمية كانت خجولة، حيث اجتمع قادة هذه الدول في الرباط يوم 25 أيلول 1969، وقرروا إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي التي ضمت في حينها 30 دولة عربية وإسلامية وأنشأت “صندوق القدس” 1976.
وفي 1977 أنشأت “لجنة القدس” للمحافظة على مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية ضد عمليات التهويد التي تمارسها سلطات الاحتلال برئاسة المغرب التي طبعت علاقاتها مع العدو في أيلول 2020.
وأوردت رئيسة وزراء الاحتلال “غولدا مائير” في مذكراتها حول الموقف العربي قائلة “عندما حُرق الأقصى لم أنم تلك الليلة، واعتقدت أن “إسرائيل” ستُسحق لكن عندما حل الصباح أدركت أن العرب في سبات عميق”.
اعتداءات مستمرة ومتكررة
تتزامن ذكرى حريق المسجد الأقصى الـ 55 هذا العام، مع تنفيذ الاحتلال عدواناً غير مسبوقاً على قطاع غزة منذ تشرين الأول الماضي، أدى لاست*شتهاد وجرح وفقدان ما يزيد عن 100 ألف مدني فلسطيني وسط صمت دولي تام.
وسطر الشباب الفلسطيني من أقصى الأرض المحتلة إلى أقصاها، أروع مشاهد الثبات والمق*اومة، حيث لم يستكين إلى عدوان الاحتلال، وثبت أقدامه على خطوط النار في غزة وجنين والقدس والضفة، غير آبه بماكينة الاحتلال العسكرية التي عجزت عن تغيير الواقع وكسر العزيمة.
وعمل الاحتلال خلال العامين الأخيرين تحديداً على تغيير ملامح المسجد الأقصى والاستيلاء على ساحاته والمواقع التاريخية في محيطه لتهويده، كما سعى لفرض تقسيم زماني ومكاني بين الفلسطينيين والصهاينة لدخول المسجد الأقصى.
ونفّذ الكيان حفريات في محيط المسجد لإقامة طريق وجسر استيطاني يسهل اقتحامات المستوطنين، الذين قاموا بعدة اقتحامات استفزازية خلال الفترات الماضية ٱخرها اقتحام 1600 مستوطن للمسجد في ذكرى ما يسمى “خراب الهيكل” المزعوم، وأدوا طقوس تلمودية منها السجود الملحمي ورفعوا علم الاحتلال بحضور الوزير المتطرف “بن غفير”.
وأصدرت أوقاف القدس بياناً في الذكرى الـ 55 للحريق المشؤوم قالت فيه إن “إشعال الحرائق بالأقصى مازال مستمراً إلى يومنا هذا من إقامة صلوات وطقوس تلمودية علنية وأهازيج ورقصات داخل رحابه، إضافة للحفريات المستمرة”.
يذكر أن عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 تشرين الأول 2023 جاءت نصرةً للمسجد الأقصى بعد الإجراءات التي اتخذتها حكومة الكيان والمستوطنين فيما يتعلق بالمسجد الأمر الذي وضع بقائه على المحك خصوصاً مع تنفيذ المستوطنين لطقوس تلمودية تشير لاقتراب هدمهم للمسجد.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر