50 عاماً على تحرير القنيطرة.. وما زال الحلم مستمراً
انتهت حرب حزيران على نكسة كبيرة للجيوش العربية، حيث ألحق بهم كيان الاحتلال هزيمة ساحقة ساهمت بسيطرته على الأراضي العربية بمقدار 3 أضعاف عما كانت عليه عام النكبة.
وشهدت الحرب سيطرة الاحتلال على محافظة القنيطرة التي كانت مركز قيادة العمليات السورية ضد العدو آنذاك ضمن ظروف فوضوية، وذلك في 10 حزيران 1967 وهو آخر أيام الحرب.
وبقيت القنيطرة بيد الاحتلال الصهيوني مدة ست سنوات وشكلت خط النار الأول على الجبهة، وقامت المدفعية السورية باستهداف قوات العدو المتمركزة بالمحافظة عدة مرات قبيل تحريرها.
حرب تشرين التحريرية..
في الثانية من بعد ظهر 6 تشرين الأول 1973 اندلعت الحرب مجدداً بين سوريا ومصر من جهة وكيان الاحتلال من جهة أُخرى، وذلك في سبيل تحرير الأرض المغتصبة من الصهاينة.
وتنقلت السيطرة على القنيطرة خلال الحرب عدة مرات بين الجيش العربي السوري وجيش العدو واستمر الأمر حتى توقيع اتفاق فك الاشتباك في 31 أيار 1974 والذي أعاد السيطرة السورية على المحافظة باستثناء الجولان السوري المحتل.
ورفض حزب “الليكود” قرار الانسحاب الصهيوني من القنيطرة، ودعا لبناء المستوطنات فيها إلى أن بدأت قوات الاحتلال انسحابها يوم 6 حزيران 1974 واستمرت بذلك عدة أيام قامت خلالها بسرقة كل ما يمكن سرقته من أثاث وأمور بناء وتسليمه لمقاولين صهاينة.
الأرض المحروقة..
نفذت قوات الاحتلال هجوماً “بربرياً” قبيل استكمال الانسحاب استهدف منازل المدينة والبنية التحتية فيها بهدف التدمير، حيث أن معظم المباني دُمرت إما بالقصف أو بالديناميت، وذلك في تطبيق ما يعرف بسياسة “الأرض المحروقة”.
وقالت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية في تقرير أعدته عن المدينة بعد تحريرها تصف هول الأفعال الصهيونية “لا يمكن تمييز المدينة اليوم أصبحت سقوف البيوت على الأرض كشواهد للقبور غُطي جزء من الحطام تحت الأرض بواسطة الجرافات”.
وتابعت “ستجد في كل مكان قطع أثاث أدوات مطبخ متخلى عنها.. صحف باللغة العبرية يعود تاريخها لأول أسبوع من يونيو/حزيران هنا تجدون فراش ممزق وبقايا أريكة قديمة.. كما تجدون عبارات بالعبرية على جزء من جدار صامد (سيكون هناك جولة أخرى) و(تريدون القنيطرة ستأخذونها مدمرة)”.
يوم التحرير..
صبيحة 26 حزيران 1974 زار الرئيس حافظ الأسد مدينة القنيطرة ورفع فيها العلم السوري مُعلناً تحريرها من الاحتلال، قائلاً: “إن إرادة الشعب لا يمكن أن تقهر وإن الوطن فوق كل شيء.. علينا أن نستمر في الإعداد لطرد العدو من كل شبر من أراضينا العربية المحتلة.. وواثق من أن أية قوة على هذه الأرض لن تستطيع أن تمنعنا من استرجاع حقوقنا كاملة”.
القرارات الدولية..
أسست الأمم المتحدة لجنة مختصة بالتحقيق في الممارسات الصهيونية بالقنيطرة، واستخلصت اللجنة أن القوات الصهيونية دمرت عمداً المدينة قبل انسحابها.
ومررت الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1974 قراراً يصف دمار القنيطرة بخرق خطير لاتفاقية “جنيف4″، كما أدانت الجمعية أفعال العدو بـ 93 صوت ضد 8 مع امتناع 74 دولة عن التصويت.
وصوتت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لإدانة الدمار المتعمد للقنيطرة في قرار صدر في 22 شباط 1975 بـ 22 صوت ضد واحد (الولايات المتحدة) مع امتناع 9 دول عن التصويت.
وكل هذه القرارات لم ترتقي لمستوى التجريم والملاحقة القانونية لمعاقبة الاحتلال على أفعاله في القنيطرة التي خرق بها جميع الأعراف الدولية، وذلك بسبب الدعم الغربي للاحتلال بزعامة أميركا الذي يمنع أي تنفيذ حقيقي لأي قرار يدينه.
القنيطرة والتحرير الثاني..
سيطرت الجماعات الإرهابية على القنيطرة عام 2014 ما دفع قوات الأمم المتحدة للانسحاب، وتحولت المدينة بعد ذلك لنقطة تلاقي بين الجماعات المسلحة وقوات الاحتلال، حيث سُجلت عدة لقاءات بين قيادات الإرهابيين وجنود ومسؤولين صهاينة ضمن إطار التنسيق لاستهداف سوريا وشعبها.
واستعاد الجيش العربي السوري وحلفائه السيطرة على المحافظة مرة أُخرى، منتصف 2018 في مشهد وصفه متابعون بأنه تحرير ثاني من سيطرة الاحتلال والجماعات المسلحة المتحالفة معه.
يذكر أن قوات الاحتلال نفذت على مدار سنوات الحرب عدة غارات جوية على القنيطرة استهدفت بها الجيش العربي السوري وحلفائه، بهدف محاولة مساندة الجماعات المسلحة التي تعرضت لهزائم متعددة على يد الجيش.
واشتعلت في ليلة 10 أيار 2018 جبهة الجولان على هدير صواريخ قواتنا المسلحة في ما بات يُعرف لاحقاً بـ”ليلة الصواريخ”، حيث تم تبادل اطلاق الصواريخ بين الجيش العربي السوري وقوات الاحتلال في رد مباشر على غطرسة الكيان وعدوانه المستمر.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر