العناوين الرئيسيةمحليات

باحث سوري يصمم منظومة للإنذار المبكر عن الكوارث معتمداً على آلية عمل النمل

صمم ونفذ الأستاذ في قسم الهندسة الإنشائية الزلزالية بالمعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية في جامعة دمشق الدكتور حسين عزيز صالح تقنية مبنية على آلية عمل النمل للإنذار المبكر عن الكوارث.

 

وحول ذلك قال “صالح” لتلفزيون الخبر إنّ: “الاختراع يستخدم التقنيات الجيومعلوماتية (مثل نظام الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية، إلخ) لتجميع البيانات الضخمة المتعلقة بالكارثة”.

وأضاف “صالح” “ومن ثم يطبق مبدأ مجموعة عمل النمل (المبنية على الذكاء الاصطناعي) لمعالجة وتحليل هذه البيانات بهدف الحصول على المعلومات الضرورية على نحوٍ سريع”.

 

 

وذكر “صالح” أنّ “الاختراع يهدف إلى دعم عمليات اتخاذ القرارات الصحيحة والفورية في الوقت المناسب للإنذار المبكر عن خطر هذه الكارثة، وتوفير المراقبة الدقيقة للتأثيرات والظروف المتغيرة المواكبة لتحولات الكارثة”.

 

وحول اعتماد المبدأ الطبيعي لعمل مجموعة النمل، قال “صالح” إنّ: “مجموعات النمل كائنات حية شبه عمياء وعديمة الذاكرة وذات دورة حياة قصيرة الأمد، ومع ذلك تتمتع بقدرتها الفائقة على تشكيل شبكة نموذجية من المسالك بين مساكنها وأماكن وجود الغذاء”.

وتابع “صالح” “وتمتلك هذه المجموعات بنية اجتماعية معقدة ومنظمة جداً مستخدمة مادة كيميائية تسمى الفيرومون (pheromone) للتواصل فيما بينها، وفي البداية تسلك مجموعة النمل مسارات متنوعة ومتعددة بشكل عشوائي كونها لا تملك أية معلومات مسبقة عن المسار الأفضل”.

 

وأردف المدير السابق للهيئة العليا البحث العلمي في سوريا أنه “عندما تصادف النملة مصدراً للغذاء الذي تبحث عنه، تفرز مادة الفيرومون معلمة بقية مجموعة النمل باكتشاف الطريق إلى مكان الغذاء”.

 

وأشار “صالح” إلى أنّه “تتحسس بقية أفراد مجموعة النمل المنتشرة عشوائياً الفيرومون، وتتبع المسار الذي يحتوي على كمية كبيرة منه لتصل بذلك إلى مكان وجود النملة التي اكتشفت أولاً المصدر الغذائي”.

 

ولفت “صالح” إلى أنه “كلما زاد حجم الفيرومون المفرز على هذا المسار ازداد انجذاب باقي أفراد مجموعة النمل إليه، وهذا يعني أن حركة النمل على هذا المسار متزايدة كونه المسار المثالي (الأقصر والأسهل) بين المسكن ومصدر الغذاء”.

 

وبيّن الأستاذ في المعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية أنه “يمثل تكرار الآلية المذكورة السلوك الجماعي لمجموعة عمل النمل الطبيعي الذي هو شكل من أشكال السلوك التحفيزي الذاتي”.

 

وحول المبدأ الاصطناعي لآلية عمل النمل، قال “صالح” إنّ: “السلوك الطبيعي في بحث النمل عن مصدر الغذاء ألهم إيجاد نموذج اصطناعي لألية عمل مجموعة النمل بحيث تمتلك بعض الذاكرة، وليست عمياء تماماً، وزمن عملها مستمر”.

وتابع”صالح” أنّ “النملة الموجودة على النقطة المساحية (i) تختار الانتقال إلى النقاط المجاورة لها باستخدام مصدرين للمعلومات هما الرؤيا والذاكرة، وفي هذا النموذج تتمتع النملة بصفتي الرؤيا والذاكرة اللتين تساعدانِها بسرعة على معرفة وإيجاد المسارات المناسبة للانتقال إلى النقاط الأخرى”.

 

وبيّن “صالح” أنّه “يعد تطبيق آلية عمل مجموعة النمل المبنية على الذكاء الاصطناعي في تصميم منظومة الإنذار المبكر عن الكوارث الطبيعية عملاً علمياً مهماً في الحصول على الحلول المثالية التي تساعد في تخفيف مستوى التشويش في الإنذار وتسريع عملية إيصال المعلومات إلى فرق الإنقاذ في الوقت المناسب”.

 

وطرح “صالح” مثالاً حول ذلك أنه “في حالة الإنذار المبكر عن التلوث البيئي الناجم عن الفيضان، تكون دراسة ومراقبة تلوث الهواء عملية مكلفة ومعقدة وتتطلب وسائل قياس وأجهزة رصد متنوعة وأعداداً هائلة من نقط المراقبة كون تأثير تلوث الهواء محلي مكاني غير متجانس، ويتغير على نحوٍ واضح، وكبير من مسافة إلى أخرى”.

 

وذكر “صالح” أنه “يستخدم النموذج الديناميكي لمنظومة الإنذار المبكر شبكة جيوماتية مكونة من محطات المراقبة الموزعة على كامل المنطقة الجغرافية لحدوث الفيضان، ومتصلة بقاعدة بيانات مركزية لتأمين معلومات موثوقة مستمرة وسريعة تساعد في مواجهة الفيضان ومراقبة خطر التلوث البيئي للمياه الذي يرافق تحولات هذا الفيضان”.

 

وقال “صالح”: “تستطيع منظومة الإنذار المبكر تحقيق الإدارة المتكاملة لمراقبة الوضع الكارثي الناتج عن تلوث الهواء من خلال تأمين الحلول التي ليست مثالية فقط فيما يتعلق بالوضع الحالي لإدارة كارثة الفيضان، بل أيضاً فيما يتعلق بالتغيرات المتوقعة للبيئة بعد حدوث الكارثة والانتهاء منها”.

 

ولفت “صالح” إلى أنّ”النموذج الديناميكي يقوم بتأمين المعلومات الدقيقة باستمرار طيلة مراحل إدارة كارثة الفيضان، ثم تحليل واستنباط البيانات ومعالجتها آنياً، وبالتالي توزيع واستخلاص المعطيات وتعميم استعمالها واستثمارها بفعالية في تحديد أنواع المشكلات التي تهدد الوضع المائي، وأنواع وصفات المعطيات التي تُعد ضرورية في تقدير طبيعة خطر التلوث”.

 

ما هو زمن الإنذار المبكر قبل الكوارث؟

 

قال “صالح” إن: “زمن الإنذار عن الكوارث متغيّر وفقاً لنوع وطبيعة الكارثة المراد مواجهتها، والهدف من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تحسين مدة الإنذار وتعظيم الفائدة منها”.

 

ما هي الكوارث التي يمكن التنبؤ بها؟

 

بيّن “صالح” أنّ “الإنذار المبكر يستخدم في الكوارث كافة من طبيعية (مثل الحرائق في الغابات، الفيضانات، التسونامي والتلوث البيئي، الخ) وتكنولوجية (الحرائق، التسربات النفطية في المصافي ومحطات التحويل الكهربائية، الخ)”.

 

وحول إمكانية تطبيق الاختراع من قبل الجهات المختصة، قال “صالح” إنه: “يتم العمل حالياً على تطوير وتطبيق هذا الاختراع في تصميم منظومة الإنذار المبكر عن الكوارث في مدينة عدرا الصناعية، حيث عقدت مجموعة ورشات عمل تطبيقية في هذا المجال بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في سوريا، ويتم التحضير للورشة التطبيقية الثالثة في جامعة دمشق”.

 

يذكر أنّ موضوع دراسة “صالح” البحثية في الدكتوراه الأولى من بريطانيا عام 2000، كان حول تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تصميم الشبكات الجيوماتية الضخمة.

 

وفي الدكتوراه الثانية من بلجيكا عام 2017 تناولت دراسته تطوير هذه الخوارزميات والشبكات الجيوماتية في إدارة الكوارث على مختلف أنواعها وتطبيقها على أرض الواقع.

 

فاطمة حسون – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى