سوري يروي تفاصيل رحلته “الممتعة” في عالم الأفاعي ويعرض معلومات قيمة عنه
عاش حاتم محفوض (43 عاماً) طفولته في منطقة ريفية بعيدة عن الازدحام السكاني، فكانت الحارة عبارة عن 3 بيوت متباعدة عن بعضها البعض، وقريبة من خزانات المياه التي تغذي مدينة صافيتا بين جبال ووديان شاسعة، مما جعله على احتكاك مباشر مع الطبيعة.
يروي ابن منطقة صافيتا بريف طرطوس لتلفزيون الخبر: “خلال تلك الفترة الماضية صادفت أشكالا ً متنوعة من الحيوانات والطيور، إذ كانت المنطقة تعتبر نقطة استراحة للطيور المهاجرة العابرة فوق بلدنا، وكانت تمر خلال فترات النهار والليل أنواع مختلفة من الحيوانات مثل الثعالب والخنازير وابن عرس الأفاعي وغيرها”.
ويضيف حاتم: “بحكم العادة المتوارثة من القدماء نتيجة الخوف والجهل، فقد كنت أشاهد الناس يقتلون الأفاعي وهم خائفون بينما كنت أراها مخلوقا ً عادياً دون أي خوف ومهما كان حجمها، واستغربت شعورهم بالرعب منها قبل أن ينهالوا عليها بالضرب بالعصي والحجارة والبنادق”.
“بدأ حينها الفضول يسيطر علي للبحث في سلوكياتها” يكمل حاتم، ويتابع “كان الحنش الأسود أكثر تلك الأنواع انتشاراً، حتى أنني صادفت أحدها عندما كنت صغيراً ألعب في الأرض، حيث مر فوق قدمي دون أن يظهر منه أي تصرف عدواني، فقررت الغوص أكثر في عالم الأفاعي، رغم صعوبة الحصول على معلومات سواء من الكتب أو الانترنت الذي لم يكن متوفراً حينها”.
ويستطرد حاتم: “كثيراً ما أنقذت حيوانات عالقة في الشباك أو الحبال حتى لو تعرضت للعض والخدش سواء كانت برية أو أليفة، وكانت بمعظمها طيور وأولها بومة حظائر كانت شائعة في منطقتنا، وذلك بعد أن علقت في لاصق فئران أثناء صيدها، فأطلقت سراحها بعد أن حررتها كما انقذت عدداً كبيراً من الخفافيش التي دخلت بالخطأ إلى المنازل”.
ويشير حاتم إلى أنه: “مع وصول الموبايلات والانترنت بدأت بالبحث المكثف عن الحيوانات وبشكل خاص الأفاعي بسبب حبي للكوبرا بعد أن شاهدت رقصاتها في الافلام الوثائقية والخدع التي ترافق ذلك كونها لا تملك مجرى للسمع”.
ويردف حاتم: “تأكدت من معلوماتي بأنه ليست كل الافاعي سامة بالمطلق، وقام أحد أصدقائي لاحقاً بإضافتي إلى مجموعة من الشباب الشغوف بالحياة البرية، فتبادلنا المعلومات والصور مع الشرح عن كل نوع منها من حيث نشاطها وغذائها، وكانت العائلات تتصل بي عند دخول أفعى إلى منزل ما أو حديقته فكنت أتوجه فوراً وألتقطها وأعيدها إلى البرية بعد التقاط الصور والتوثيق”.
ويوضح حاتم أنه: “يوجد 5 أنواع من الأفاعي السامة في بلدنا وهي البيضاء السورية، أفعى فلسطين ،الرقطاء الجبلية. القرناء الكاذبة (فيلد) والصل الاسود، وكل واحدة منها تعيش ضمن بيئة مختلفة ويتبعون إلى عائلة الفايبر أو مثلثيات الرأس، فتكون ملامحها غليظة برأس كبير وانتفاخات على جانبي الرأس، حيث تكون الغدد السامة ورقبة رفيعة وجسد ثخين”.
ويضيف “محفوض” لتلفزيون الخبر: “كما يوجد أكثر من من 40 نوعاً من الأفاعي غير السامة أو ضعيفة السمية دون أي خطر على البشر، ولكل نوع منها منطقة انتشار حسب البيئة سواء كانت جافة أو شبه جافة أو رطبة أو شبه رطبة أو جبلية وحسب ارتفاع كل منطقة عن سطح البحر، وكل نوع يعيش ضمن بيئته فقط”.
ويبين حاتم أن: “90٪ من الافاعي تتغذى على القوارض، أي أنها تعد مكافحاً حيوياً وبعض الأنواع يختلف غذائها، ولا يوجد أفعى تهاجم البشر في سوريا لأنه لا يوجد منها بأحجام كبيرة، لكن الهجوم يكون نتيجة خوفها وبعضها يصدر فحيحاً للتحذير و بعض الانواع لا يفعل، وبعضها يتظاهر بالموت حتى تتركها بحال سبيلها”.
ويلفت حاتم إلى أن: “فصيلة الأحناش غير سامة ولا تمتلك أنياباً أو غدداً سمية، إنما صفين من الاسنان بالفك العلوي ومنها الحنش الاسود الذي نطلق عليه لقب صديق الفلاح لأنه يبقى في الأرض طالما توجد القوارض و الجرذان لأنه يفترسها، كما يوجد حنش عقد الجوز الملقب المظلوم لأن الفكرة الشائعة عنه أنه سام وهذا غير صحيح”.
ويتابع “محفوض” أنه: “يوجد أيضا ً الحنش الأكحل و عدة أنواع أخرى، ويوجد أفاعي سوطية سريعة، وأفاعي قزمية وأفاعي دودية أصغر من دودة الارض، أما الأنواع السامة فكل منها لديه سم خاص ما بين عصبي ونسيجي يسبب بعضها تخثر الدم ونوع سم آخر يسبب تميع الدم، وتكون المضادات موجودة حصراً في المشافي، وبالنسبة لمنطقتنا توجد في مشفى الباسل بطرطوس”.
ويحذر حاتم من أنه: “يجب أخذ الحيطة و الحذر أثناء المشي ضمن الحقول والأعشاب الطويلة وارتداء بنطال طويل وحذاء ذو عنق طويل بالاضافة لضرب الاعشاب بواسطة عصى قبل خطو أي خطوة، و عند مصادفة أي افعى يرجى الابتعاد عنها وتركها لأنها ستذهب في حال سبيلها وعدم لمسها او إمساكها”.
ويضيف “محفوض” لتلفزيون الخبر: “في حال التعرض للدغ يجب عدم شق أو جرح مكان اللدغة إنما يجب تثبيت الطرف المصاب بالربط على خشبة و إسعاف المصاب فوراً، أما بالنسبة لعضة الاحناش يكتفى بغسلها و تعقيمها، مع التشديد على عدم قيام أي شخص تقليدي في التعامل مع الأفاعي مهما كان نوعها”.
ويتحدث حاتم عن روح المغامرة والاكتشاف لديه وبشكل خاص تجاه أي شيء جديد وخصوصاً الكهوف والمغاور، بالإضافة إلى أنه عضو بجمعية سنديان لحماية البيئة والتنمية المستدامة بمحافظة طرطوس، حيث ينظمون سنوياً محاضرات وندوات عن الأفاعي وأهميتها بالنسبة للبيئة.
ويتابع ” محفوض” : “كما أنني عضو في مجموعة رواد الطبيعة زرت مناطق مختلفة من ريف محافظة طرطوس وحمص وحماه و اللاذقية وقمت بتصوير مناظر خلابة فيها، كما أمتلك شغف صنع السكاكين كهواية إضافة لأشغال القصب والرسم وكتابة الشعر”.
ويختم حاتم لتلفزيون الخبر: “نمت في مغاور مختلفة خلال فترة الخدمة العسكرية وأشعر بالأمان عندما أكون في الطبيعة ولا أتعب من المشي لساعات طويلة ومسافات بعيدة مهما اختلفت صعوبة الطرقات ووعورتها، وأجد في الطبيعة شفاء من كل الأمراض و مهرباً نفسياً مريحاً ولذلك يجب الحفاظ عليها كي لا نخسرها”.
عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر