الركض “زيك زاك” و”الله والخفان” ..حكاية الأمس بين سكان حي الزهراء بحمص و”قناص الحميدية”
“من المضحك المبكي بمكان أن يدخل حي الزهراء بحمص موسوعة غينيس للأرقام القياسية على عدد التفجيرات التي استهدفته”، لا يجد سامر (55 عاماً) أبلغ من هذا الوصف ليحكي عن معاناة الحي خلال سنوات الحرب في المدينة.
ويأتي إحباط وحزن الرجل هذا جراء تذوقه شخصياً بعضاً من ويلات مفخخات المسلحين التي أصابته برجله وأدخلته المستشفى، ناهيك عن عدد رفاقه وسكان الحي الذين استشهدوا على يد قناص حي الحميدية المجاور البعيد مئات الأمتار فقط.
وعلى خط نظر مستقيم يمتد من ساحة الزهراء حتى وسط حمص، تظهر أبنية حي الحميدية واضحة مع غروب الشمس، وسط حركة مارة كثيفة تجاوزت فترة زمنية صعبة فيما سبق، عندما كان “الزلمة يسترجي يمد راسو”، يضيف سامر.
ويحرّض سامر ذاكرته، تارة يحك رأسه وتارة أخرى ذقنه، ليذكر تماماً موضع المساتر التي بنيت على عجل في الحي تحت جنح الظلام، فكانت كثيرة وتنتشر على جانبي الشارع الرئيسي، أما الآن فقد أصبح التذكر صعباً بعد مرور السنوات وعودة الحياة الى طبيعتها.
وكان “الخفّان” أو “البلوك” هو البطل والمنقذ وشعار الأمان لسكان حي لم يكد يستوعب صدمة المفخخات، حتى يليها سقوط الضحايا بطلقات قناصي الحميدية وفدعوس، أما من يحالفه الحظ فإنه “ينفد بريشه وروحه” مع الإسراع بالركض “زيك زاك” كما يقال، بحسب تعبيره.
“وكان الخوف كبيراً وخاصة على كبار السن والأطفال”، لا يخفي سامر أن للموت رهبة ولطلقات القناص وقع مرعب في القلوب وخاصة عند محاولة وصولها إلى بعض المختبئين خلف جدار الخفانات بصوت يشبه الطرق الخفيف.
“وفجأة صاحِت أول سيارة”، يحكي سامر لتلفزيون الخبر عن إصابته، مؤكداً أنه لا يزالُ يسمع صوت التفجير في ذهنه، ونداءات الإستغاثة والصراخ والبكاء وسيارات الإسعاف مع عجزه عن الحركة، قبل إسعافه إلى المشفى الأهلي الذي كان مكتظاً عن بكرة أبيه، ومن ثم إلى مشفى الزعيم مع حالة الإزدحام نفسها.
يذكر أنه يمكن مشاهدة هذه الأحداث الموثقة على موقع يوتيوب لحي الزهراء الذي كان شاهداً لسنوات طوال على مرحلة الموت اليومي بكل أشكاله، موت لم يكن كافياً لينال من عزيمة أهل الحي، كما كتب على أحد جدرانه المحطمة بالخط الأحمر العريض “هنا حي الزهراء الصامد”، قبل أن يرمم الجدار ومعه رغبة السكان المستمرة بالحياة.
عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر