بعد 21 عاماً.. كيف سقطت بغداد؟
ظهر وزير خارجية أمريكا كولن باول بـ”كذبته” الشهيرة في 5 شباط 2003 خلال اجتماع مجلس الأمن، وبيده أنبوب صغير يوجد به مسحوق أبيض على أنه مادة كيميائية، كانت المبرر الرئيسي أمام المجتمع الدولي لغزو العراق، وليقوم لاحقاً بالاعتراف بكذب أمريكا وأن الأنبوب لم يحتوي عينات من أسلحة دمار.
بداية الحكاية
بدأت القصة عندما قررت القيادة الأمريكية بعد هجمات 11 أيلول 2001 غزو المنطقة العربية بحجة محاربة الإرهاب، وبحثت عن الدلائل لتشريع ذلك لتنفيذ مخططها المسمى “الشرق الأوسط الجديد”.
واتخذت حكومة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش من نظام صدام حسين العراقي شماعة لغزو العراق، حيث أظهرت علناً رغبتها بالقضاء عليه، بتهمة استخدام أسلحة الدمار الشامل واحتواء تنظيمات إرهابية.
طلائع الغزو
انطلقت الحرب الدولية على العراق في ليل 19 آذار 2003 بحملة قصف عنيفة على كامل البلاد فيما عُرف لاحقاً باستراتيجية “الصدمة والترويع”، وتم استهداف جميع القصور الرئاسية والمخابئ التابعة لرئيس النظام صدام حسين.
وفي 21/3 انطلقت أسراب الطيران الأمريكي بحملات تستهدف تدمير البنية التحتية العراقية، حيث نفذت يومها 1700 طلعة جوية ألقت خلالها حوالي 550 صاروخ كروز وأطنان من المتفجرات.
سقوط بغداد..
استمرت بعد ذلك عمليات القصف والتدمير لمدة 3 أسابيع، تلقت بغداد وحدها في إحدى الليالي ألف غارة جوية، ما أدى لدمار هائل في عموم البلاد وسط اشتباكات غير متكافئة ما بين العراقيين والمتطوعين العرب من جهة، وقوات التحالف الأميركي من جهة أُخرى.
وبعد أيام وفي 9 نيسان 2003 بينما كان وزير الإعلام العراقي آنذاك محمد سعيد الصحاف يُعلن عن “دحر العلوج الأمريكان”، سقطت بغداد دون أية مقاومة تذكر جراء انفراط عقد الجيش العراقي عدا عن العنف الكبير المستخدم من قوات التحالف، حيث كانت تتلقى مشافي بغداد 100 قتيل كل ساع، بحسب مصادر حينها.
ودخلت القوات الأمريكية إلى قلب العاصمة بتغطية تلفزيونية مباشرة، وشاهد العالم كله جندي أميركي يضع العلم الأميركي على رأس تمثال برونزي شاهق للرئيس العراقي صدام في ساحة الفردوس قبل إسقاطه، في مشهد لن ينسى في تاريخ البث التلفزيوني.
ما بعد السقوط
تابعت أمريكا عملياتها في عموم البلاد لتحتل كامل العراق وتنهب خيراته وتهجر سكانه وسط انتشار عمليات السرقة واقتحامات الوزارات والبنوك والمتاحف من قبل المواطنين نتيجة انعدام الأمن، وكل ذلك بغطاء أميركي عدا عن تغذية الصراعات الطائفية وتحويل العراق لخزان تطرف.
وظلت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تعلن عن إلقاء القبض على صدام ثم تنفي ذلك حتى 13 كانون الأول 2003، حيث تم القبض عليه وتقديمه للمحاكمة في 2004 بتهم تتعلق بغزو الكويت والهجوم الكيمياوي في “حلبجة” ومجزرة “الدجيل” ليتم اعدامه 30 كانون الأول 2006.
ولم يكن العراق قبل انطلاق الغزو الأمريكي يعيش حالة استقرار لكونه يتعرض لحصار اقتصادي دولي خانق منذ آب 1990 أدى لوفاة مئات الآلاف، نتيجة سوء الغذاء وغياب القدرة على تجهيز بنيان الدفاع عن البلاد عدا عن المشاكل الداخلية.
وبعد كل ما حصل في العراق لم تتوقف الولايات المتحدة عن سياستها العدوانية تجاه المنطقة لاسيما في سوريا ولبنان وليبيا واليمن وفلسطين، حيث عادت مع 2011 لتنفيذ خططها بتدمير المنطقة عبر خلق التنظيمات الإرهابية، واحتلال أجزاء من الشمال الشرقي السوري ونهب خيراته وتهجير سكانه.
يضاف إلى ذلك ما خلفه عهد الرئيس السابق دونالد ترامب من اعترافات غير مشروعة بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل، والإعلان عما يسمى “صفقة القرن” الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.
وكان ٱخر الفُجر الأمريكي الدعم اللا محدود لكيان الاحتلال بعدوانه المستمر منذ أكثر من 6 أشهر على غزة والذي راح ضحيته أكثر من 30 ألف شهيد وعشرات ٱلاف الجرحى والمفقودين وإجبار المجتمع الدولي على الوقوف صامتاً أمام جرائم “تل أبيب”.
ووقفت فصائل المقاومة في لبنان واليمن وسوريا والعراق موقفاً داعماً للمقاومة الفلسطينية في عمليات “طوفان الأقصى” حيث استهدفت وعلى رأسها الفصائل العراقية تجمعات الاحتلال الأمريكي في سوريا والعراق إضافة لبعض النقاط الحيوية التابعة للكيان في فلسطين المحتلة.
يذكر أن دراسة أعدها معهد الاستطلاع البريطاني بسقوط مابين مليون و2.5 مليون عراقي خلال الفترة من عام 2003-2007، و5 مليون يتيم، و2 مليون أرملة، و6 مليون مهجر، ومئات آلاف المفقودين والمعتقلين، بينما اعترفت الصحة العالمية على مقتل 230 ألف، وأمريكا اعترفت بمقتل 77 ألف عراقي.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر