في اليوم العالمي لاضطراب طيف التوحد.. ماذا تعرف عن “الإعاقة الغامضة”؟
يصادف الثاني من نيسان من كل عام “اليوم العالمي لاضطراب طيف التوحد”، وهو يوم أعلنته الأمم المتحدة بالإجماع لتسليط الضوء على مصابي التوحد وحاجتهم للمساعدة من أجل تحسين حياتهم وتقليل معاناتهم، حتى يتمكنوا من العيش حياة أسهل كاملة كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
ويعرف التوحّد بأنه: “اضطراب نمائي عصبي يؤثر بشكل واضح على التواصل اللفظي وغير اللفظي والتفاعل الاجتماعي والسلوك والاداء التعليمي للفرد”، وفق المدير الفني في جمعية الربيع لرعاية الأشخاص المصابين باضطراب التوحد بحمص، الدكتور رائد طحان.
وقال الدكتور “طحان” لتلفزيون الخبر إن: “اضطراب التوحد يظهر في جميع أنحاء العالم وبمختلف الجنسيات والطبقات الاجتماعية، وتصل نسبة انتشاره بين الذكور والإناث إلى نسبة 1/4، ويظهر في خصائص معينة، منها السلوكية كرفرفة اليدين والتحديق أو عبر التمسك الشديد بروتين الحياة ورفض التغيير في البيئة المحيطة، أو الاهتمام المحدود واللعب التخيلي كاللعب بالتراب لساعات دون ملل، والتعلق غير الطبيعي بأشياء محدودة”.
وبين الدكتور “طحان” لتلفزيون الخبر أن: “التوحد يتميز بخصائص اجتماعية تظهر بعدة أشكال أيضاً، ويعاني الأطفال التوحّديون من صعوبات اجتماعية تتمثل في عدم فهمهم بأن للآخرين أفكار ومشاعر تختلف عما لديهم، وعجزهم عن التنبؤ بما يجب أن يفعلوه في المواقف الاجتماعية”.
ولفت الدكتور “طحان” إلى الخصائص التواصلية، فجميع الأطفال يعانون من اضطراب في التواصل بشكليه اللفظي وغير اللفظي، حيث يعتبر التأخر في نمو اللغة من الخصائص الواضحة والمميزة للطفل أول مؤشر يثير شكوك الأهل حول وجود شيء ما غير طبيعي لدى طفلهما”.
أما عن أسبابه، فتشير الدراسات، وفق الدكتور “طحان” إلى وجود عدة نظريات حول أسباب التوحد، ورغم تعدد التفسيرات لكنه وحتى الآن لا يوجد ما أثبت سبباً واحداً للتوحد، فمعظم ما كتب هو مجرد فرضيات لم تثبت صحتها.
وتابع الدكتور “طحان” أن من تلك النظريات ما يبحث في دور الوراثة، ومنها ما يرد التوحد إلى الخصائص الشخصية للوالدين، ومنها ما يفسر التوحد بوجود اضطراب فيزيولوجي عصبي، كما تناولت بعض تلك النظريات عوامل ما قبل الوالدة.
وقال الدكتور رائد إن: “هناك فرضيات حديثة أرجعت الاضطراب إلى أسباب بيوكيميائية ، وتشير بعض الدراسات أن للأطفال التوحديين فروقاً في الاستقلاب الدماغي، ومن الفرضيات التمثيل الغذائي، ويذكر بعض الباحثين أن الأطفال التوحديين يعانون من صعوبة في عملية التمثيل الغذائي لبروتيني (الغلوتين) الموجود في القمح ومشتقاته و(الكاسين) الموجود في الحليب”.
وأكمل الدكتور “طحان” لتلفزيون الخبر: “هناك فرضيات وراثية، وتشير بعض الدراسات إلى أن العوامل الوراثية تسهم بنسبة 4 ـ 5% في حدوث التوحد، كما وربطت بعض الدراسات بين الخلل الكروموسومي والتوحد الا أن الباحثين لم يتفقوا على كروموسوم واحد يسبب التوحد”.
أما العوامل البيئية وتشمل، بحسب الدكتور “طحان” مشكلات وصعوبات الحمل والولادة والمطعوم أو اللقاح الثلاثي، وهو لقاح مركب يعطى في حقنة واحدة للحماية من الإصابة بالحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، والفيروسات والأمراض المعدية، والمواد الكيماوية السامة.
وختم الدكتور رائد حول آخر الفرضيات وهي اضطراب التمثيل الأيضي حيث يؤدي انخفاض مستويات السيروتونين في الدم إلى اختفاء الأعراض المرضية وارتقاء السلوك التكيفي، وما تم الاتفاق عليه هو أن حوالي %5 فقط من الأشخاص التوحديين يعانون من اضطرابات أيضية.
وتحدث الدكتور رائد عن البرامج العلاجية قائلاً إن: “هناك عدة برامج وطرق للعلاج، أولها العلاج الطبي، مشيراً إلى أنه لا يوجد دواء خاص بالتوحد، وكل الأدوية التي تعطى للأطفال التوحديين هي للتخفيف من السلوكات غير السوية، وعلى الرغم من ظهور تحسن في بعض تلك السلوكات إلا أنه غالباً كان مترافقاً بأعراض جانبية”.
وثاني البرامج العلاجية هي التدخل التربوي، تابع الدكتور “طحان” لتلفزيون الخبر، مبيناً أن أولها برنامج “تيتش” ويعني علاج وتربية الأطفال التوحديين ومشكلات التواصل المرافقة، وبرنامج “لوفاس” وبرنامج “ليب” وبرنامج تعديل السلوك، وبرنامج هيلب وبرنامج الايبلز”.
وأشار الدكتور “طحان” إلى الخدمات المساندة واالختصاصية المقدمة في الجمعية ومنهاخدمات التربية الخاصة، الرسم، الموسيقا، الدراما، الكمبيوتر
الرياضة،نظام التواصل عبر الصور ( بيكس) والأنشطة الترفيهية.
وتوجه المدير الفني في جمعية الربيع إلى الأهل بأهمية الكشف والتدخل المبكر وخاصة في مرحلة الطفولة الأولى من 3-5 سنوات، وهي مرحلة اكتمال الأعراض، علماً أنه يتم اكتشاف هذه الأعراض في عمر الأشهر الأولى
من الولادة.
وأضاف الدكتور “طحان”: “وهنا تظهر أهمية التوجه إلى المكان المناسب وهي المراكز المتخصصة في تعليم وتدريب الأطفال على المهارات الأكاديمية واللغوية والتواصلية والاجتماعية والاستقلالية والعناية بالذات إلى آخره، علما أنه لا يوجد علاج طبي لاضطراب طيف التوحد حتى الآن”.
ولفت الدكتور “طحان” إلى أن: “العلاج المناسب هو العلاج التربوي والسلوكي، فمن الملاحظ مؤخراً الترويج إلى طرق علاج هدفها تجاري ولا يمكن تعميمها على جميع الأطفال، وهنا يجب البحث والاستفسار عن مدى مصداقية وأثر هذه الطرق العلاجية من المختصين في مجال التوحد”.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت هذا اليوم يوماً عالمياً للتوعية باضطراب طيف التوحد، بتاريخ 26/3/2007 وذلك إيماناً منها بضرورة مساعدة الأطفال والبالغين الذين يعانون من اضطرابات التوحد، ومساعدتهم على تحسين جودة حياتهم.
عمار ابراهيم-أرشيف – تلفزيون الخبر