ورد الموصلي.. رحلة عشرين عاماً في التدريس وعمر كامل في الأمومة
تستحق الأم والمعلم أن يخصص لهما عيد سنوي باسمهما، وهما اللذان يعدان من أهم أساسات بناء المجتمعات، بدءاً من دور الأولى في رعاية الطفل وتربيته، ودور الثاني بتعليمه في المدرسة وما بعدها.
أما ورد الموصلي، وكغيرها الكثير من السوريات، فقد جمعت بين أمومتها وممارستها لمهنة التعليم على مدى عقود في حمص، فكانت المعلم المحبوب لطلابها والأم القدوة لأبنائها.
وقالت ورد (70 عاماً) لتلفزيون الخبر: “كنت الوحيدة التي تابعت تعليمي بين إخوتي لاعتبارات عديدة منها عدم وجود جامعة في حمص في تلك الفترة، ولم أستطع دخول الفرع الذي اخترته، وفضّلت أسرتي أن أدخل الصف الخاص في معهد إعداد المدرسين وتخرجت منه عام 1976″.
وبعد ذلك دخلتُ غمار العمل بالتعليم، تكمل ورد، ورغم أنني لم أستطع دراسة الفرع الذي أحببته وهو الأدب العربي، لكنني قررت أن أحب العمل الذي أقوم به وأعطيه كل طاقتي، وهكذا بدأت رحلتي مع العمل في مجال التدريس”.
وتابعت ورد: “بدأت في العام نفسه عملي كمعلمة صف أول بالمناطق الريفية مثل الرستن وجوبر، وفي العام التالي استلمت الصف الخامس ودرست خلاله مادتي الرياضيات والعلوم، ثم تركز اختصاصي بمادة الرياضيات بعد دورة أجريتها لمدة عام واستلمت الصف السادس بهذه المادة، واستمريت بهذا العمل حتى آخر سنواتي بالعمل الذي تقاعدت منه صحياً عام 2002”.
وعددت ورد لتلفزيون الخبر بعض أماكن التدريس، فعملت في عدة مدارس ضمن مدينة حمص منها مدرسة (كرم اللوز – عكرمة المخزومي- طيب شربك) إضافة إلى عملها الإداري في مدارس (محمد غرة – أسماء – حميدة الطاهر) في آخر سنوات عملها.
“اخترت أن أكون قاسية على الطلاب بعض الأحيان وخاصة الطلاب المتفوقين لأنني كنت أؤمن بإمكانياتهم وأن بإمكانهم إعطاء المزيد”، نوهت ورد، لكنني كنت في الوقت ذاته محبوبة من طلابي، حيث كنت دائماً أبقى معهم في باحة المدرسة ألعب معهم (خاصة بالحيز واللقطة) .
وأردفت ورد: “لم أختر الطريقة التقليدية بالتدريس، وكنت أختار دائماً اللعب والمسابقات واستخدام وسائل إيضاح أصنعها بنفسي ومن أموالي الخاصة لكي يصبح الدرس أكثر سهولة وقابلية للفهم”.
ولفتت ورد إلى أنه: “غالباً ما كان موجهو المادة يستغربون من وسائلي وطرائقي في التدريس لكنهم كانوا يثنون في النهاية على النتائج التي يرونها على الطلاب، خاصة غير المتفوقين منهم، وباتت هذه الوسائل والطرائق هي الطرائق الحديثة والتي يفضل استخدامها في مدارس العالم حالياً”.
وأكدت ورد أن: “الكثير من طلابي اليوم ما زالوا يذكرونني، ويذكّرونني كلما التقوا بي بأساليبي في التعليم وكيف كانت متعة الدروس في حصتي، والكثير منهم يقول بأنهم أحبوا الرياضيات بعد أن حضروا دروسي لأنها لم تعد بالنسبة لهم مادة جافة لا روح فيها”.
وأشارت ورد أنها وإضافة للعمل بالتدريس كانت ناشطة سياسية (الحزب الشيوعي السوري) وناشطة نسوية (الاتحاد النسائي ورابطة النساء السوريات التابعة للحزب الشيوعي ونادي ثقافي خاص) مع أنني كنت أما لطفلين.
وأردفت ورد: “استطعت الجمع بين عملي بالتدريس ونشاطاتي الأخرى وتربيتي لأبنائي ليخرجوا للحياة متعلمين وشخصيات مهمة في مجالات عملهم”.
وكما التعليم غير التقليدي اخترت طرقاً غير تقليدية في تربية أبنائي، تشير ورد، وكنت أؤمن بأن الطفل الذي يشاهد والدته تقرأ سيحب القراءة ورفقة الكتاب، وأن النقاش أفضل وسيلة للتربية لأنه يقرب الأطفال من أهلهم ويبني صداقة فيما بينهم”.
وقالت ورد لتلفزيون الخبر: “كنت أعرف كل شيء عن أبنائي، لأنني استطعت كسب ثقتهم وصداقتهم، وكنت أدفعهم دائماً لقراءة كل ما هو مفيد وأحضر لهم كتباً تجيب على أسئلتهم بشكل علمي ومراقب، وكنت أحاول دائماً الإجابة على كل أسئلتهم بشكل صادق كي لا أفقد ثقتهم بي”.
وأكدت ورد أنها لم تتدخل باختيارات أبنائها الدينية أو السياسية والتعليمية والمهنية والحياتية بشكل عام، مضيفة: “كنت فقط أقدم لهم النصح والمشورة وأقف معهم وأساعدهم على النهوض حين يسقطون”.
وختمت ورد لتلفزيون الخبر: “لم تكن الأمومة بالنسبة لي مجرد إنجاب بل كانت مهمة ومسؤولية علي إتقانها وأداؤها على أكمل وجه، ولم أعتبرها يوماً أمراً فطرياً فقط بل يحتاج أيضاً إلى جهد وعمل وتعلم، وأعتقد أنني أديت مهمتي بشكل كامل، فأبنائي اليوم أشخاص ناجحون، ولهم اسمهم في مجالات عملهم وفي محيطهم، وأفتخر بهم وبنجاحاتهم”.
وتوجهت ورد برسالتها للمعلمين بأنه: “يكفي أن تحب مهنتك وتهتم بها، والأهم أن تترك مشاكل البيت والتعب خارج الصف، دون إغفال أهمية تربية الأولاد بشكل صحيح دون أن يؤثر أي من المجالين على الآخر”.
عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر