في ذكرى الزلزال.. حمصيّون شعروا بأبناء جلدتهم وكانوا “سوريين عن جد”
لم تكن الساعة الرابعة و17 دقيقة من فجر يوم الإثنين عام 2023 عادية بالنسبة للسوريين، وربما لن تكون كذلك لما تبقى من حياة بعضهم ممن عاشوا هول وغضب الأرض في ذلك اليوم.
ففي إحدى ليالي شباط الباردة، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر مناطق جنوب تركيا وشمال غرب سوريا العام الفائت، وتسبب بوفاة 62 ألف شخص بين في سوريا وتركيا حسب الإحصائيات الرسمية.
ورغم أن تلك اللحظات ومعها التاريخ ستبقى محفوظة في ذاكرة السوريين بعد أن ترك الزلزال جرحاً عظيماً في كل بيت ودمر مدن ومناطق بأكملها، إلا أن نقطة مضيئة ظهرت من صميم الكارثة التي جعلت السوريين على قلب رجل واحد.
ويستعرض تلفزيون الخبر بعضاً من تلك المبادرات التي نظمت على وجه السرعة لإيصال المساعدات إلى المتضررين في المحافظات السورية في وقت كانت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.
فالسوريون ورغم سنوات الحرب التي مزقت بعضاً من الجغرافيا لم تنل من مشاعر سكان المحافظات في الاتجاهات الأربعة، فهبت المبادرات الفردية والجماعية لتُنظّم وتتجه على شكل قوافل إغاثية إلى المناطق المتضررة.
ومنذ الايام الأولى للكارثة، أطلقت الشابة آلاء الطرشة في حمص عبر صفحتها على “الفيسبوك” مبادرة بعنوان (فزعة)، دعت فيها إلى الاستجابة الفورية الطارئة لمساعدة أبناء المحافظات المتضررة من الزلزال.
ومن حمص أيضاً انطلق فريق “ثقة” التطوعي من الساعات الأولى للزلزال الذي ضرب عدة محافظات سورية، بخطة عمل واضحة ومنظمة تهدف لبلسمة جراح كل من تضرر جراء الكارثة، وكانت أولى وجهات واستجابة الفريق محافظة حلب إضافة لمدينتي اللاذقية وجبلة.
أما المواطن صالح مصطفى، وعلى دراجتهِ النارية قرّر القيامَ بواجبه الإنسانيّ مدفوعاً بشعور الواجب الذاتيّ تجاهَ إخوته ممن تضرروا جرّاء الزلزال المدمر، وقاد الدراجة مسافات طويلة رغم البرد لتأمين ما استطاع من إمكانيات بسيطة وتقديمه للمتضررين.
بينما قرر الشاب محمد العوا وعدد من رفاقه على عاتقهم مساعدة الأهالي المنكوبين في المحافظات السورية قدر استطاعتهم، وذلك على متن سيارة “سوزوكي” تبرع بها أحد سكان مدينة حمص.
فجلس محمد ورفاقه في صندوق السيارة الخلفي رغم برودة الطقس، ملتحفين بعض البطانيات، واصطحبوا عشرات الأكياس الموضبة، والمملوءة بالمساعدات الإغاثية والغذائية إلى أهالي المناطق المنكوبة.
وتشكلت مبادرة جديدة في المحافظة أطلق عليها اسم “لهفة غوث حمصية”، وهي مؤلفة من فريق تطوعي مكون من مئة شاب وشابة من الطلبة الجامعيين يدعى (فريق هبة التطوعي) بإشراف ودعم من غرفة تجارة حمص ولجنة السيدات.
بدورهم، قام عدد كبير من جرحى الحرب بما يستطيعون من استقبال وتنظيم وفرز المساعدات المختلفة، ومن ثم إيصالها إلى مستحقيها في المحافظات السورية المتضررة.
أما رياضياً، فقد نظمت كوادر أندية الوثبة والكرامة في حمص، عدة قوافل تضم شاحنات محملة بمختلف المواد الغذائية الأساسية من الألبسة والحرامات وحليب والأطفال وغيرها.
وشاركت رابطة برشلونة الرسمية في سوريا بحملة لدعم متضرري الزلزال الذي ضرب البلاد، لاسيما في محافظات حلب وحماه واللاذقية وطرطوس.
ولأن الفن رسالة إنسانية، فقد شارك 25 فناناً تشكيلياً في المبادرة التي أطلقها اتحاد الفنانين التشكيليين، بإقامة معرض لفناني حمص في صالة صبحي شعيب للفنون التشكيلية، ويعود ريعه للمتضررين من الزلزال.
وافتتح معرض للفن التشكيلي في القاعة الأثرية بكنيسة الأربعين في حي بستان الديوان بحمص، تحت عنوان “إيد بأيد والقلب واحد”، ويعود ريعه بالكامل لصالح متضرري الزلزال.
ولأن الختام يجب أن يكون مسكاً، فلا بد من الإشارة إلى مبادرة المواطن غسان ملحم، وهو شاب كفيفُ العينين مبصرُ القلب، والذي عرض تقديم خدماته كمرشد اجتماعي مجاناً للمتضررين الوافدين إلى حمص.
الجدير بالذكر أن كل ما تم عرضه يعد جزءاً بسيطاً من عشرات المبادرات في مختلف المحافظات وليس توثيقاً كاملاً، فوصلت بندورة حوران إلى حلب، وتفاح السويداء إلى اللاذقية، و قمح الجزيرة إلى جبلة، مع غصّة عدم القدرة على إيصال خيرات البلاد إلى إدلب الخضراء، الحاضرة دائماً في قلوب السوريين.
عمار ابراهيم- تلفزيون الخبر