“الشعوذة” أحد الأسباب المهددة بانقراضه .. العثور على أفراد من كائن “أبو دهيبة” أو “السلامندر الناري السوري” بريف حماة
تداول ناشطون مهتمون بالحياة البرية السورية صوراً لكائن قالوا إنه “السلامندر” المهدد بالانقراض، وبأنهم “عثروا على 6 أفراد منه في منطقة مصياف بريف محافظة حماة، وذلك على الطريق الواصل من كفرلاها للشّيحة”، ما أثار تفاعلاً واسعاً من قبل متابعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وحول هذا الموضوع، كشف الناشط البيئي “يمان عمران”، من فريق “هواة الحياة البرية السورية”، لتلفزيون الخبر، أن “الصور المتداولة من مصياف هي لكائن السلامندر الناري السوري”، مبيناً أنه لا يزال بعيداً نوعاً ما عن الانقراض، لكنه مهدد بذلك والخطر قائم جرّاء أسباب عدة.
وأوضح “عمران”، أن “هذا النوع تحديداً يُعدّ من المخلوقات المميّزة، والغريب أننا نادراً ما نصادفه، ويسمّى محلياً بأبو الذهب (أبو دهيبة)، وصاحب العملات المعدنية، وأكّال الفائدة، بسبب البقع شبيهة العملات الذهبية الظاهرة عليه”.
وأضاف الناشط البيئي، أنه “قد يبدو كنوع زاحف من السحالي بذيل وأطراف قصيرة، لكنه في الحقيقة ينتمي إلى عائلة خاصة من البرمائيات، تماماً كالضفادع، تسمّى بالسلامندرات (Salamandrida)”.
وبيّن “عمران”، أن “نوعنا المحلي هو نوع من أصل نوعين من السلامندر متواجدين على الأراضي السورية، ويسمّى عالمياً بسلامندر الشرق الأدنى الناري، أو عروس العين، وهو نوع خاص من السلامندر الناري”.
وتابع “عمران”، أنه “يتواجد في منطقة الشرق الأدنى في تركيا، شمال غرب إيران، شمالي العراق، وأيضاً في شمالي فلسطين، لبنان، وفي سوريا، إذ يتواجد محلياً في المناطق الغربية من البلاد وخصوصاً الجبال الساحلية”.
وذكر “عمران”، أنه “يبدو كعظاءة سوداء برأس دائرية يشابه رأس الضفدع، مع عينين جاحظتين سوداوتين، والجسد ذو جلد أملس لامع ورطب، مغطى ببقع متفرقة ذات لون أصفر قوي كتلوين تحذيري، وتميل إلى البرتقالي، منتشرة على كامل الجسد، من دون البطن الذي يخلو منها”.
ولفت “عمران” إلى أنه “يتميّز بوجود 4 بقع كبيرة متقابلة على الرأس، فتبدو كالزهرة، والفراغ الأسود الناتج بينها يأخذ شكلاً أشبه بالصليب، وهذا التشكيل من البقع هو البصمة والعلامة المميزة لنوعنا الشرقي منه”، مُشيراً إلى أنه قد ينمو لطول 32 سم، وهو أطول أنواع السلامندر الناري.
وعن خطورته، أجاب “عمران”، أن “السلامندر الناري يعتبر من الكائنات السامة نوعاً ما، كأغلب أقاربه من الضفادع، حيث يمتلك غدد جلدية تتمركّز حول الرأس وسطح الجلد الظهري خاصةً، وعادةً ما تتطابق الأجزاء الملوّنة مع هذه الغدد”.
وتابع الناشط البيئي، أنه “في حال حاول حيوان ما عضّه أو خدشه والضغط عليه، يفرز سائلاً حليبياً أبيضاً لاذعاً من غدده، وبرائحة قوية كريهة، تجعل المفترس يشعر بالغثيان فينفر ويبتعد عنه (السم ذو مهمة تنفيرية)، بالتالي لا يشكّل خطراً على الإنسان، وهو في الحقيقة مخلوق بليد وأليف لا يشعر بالخوف من التواجد حوله”.
وحول بيئته وأماكن تواجده، قال “عمران”، إنه “كغيرها من السلامندرات تفضل البيئة الرطبة، فتعيش في الغابات الرطبة الكثيفة، وفي المناطق الجبلية حول الينابيع والمجاري المائية”.
وأشار “عمران” إلى أنها “تبدأ نشاطها بعد هطول الأمطار في فصل الخريف، فتخرج ليلاً من جحورها ومخابئها في الصدوع وتحت الصخور والأخشاب المتعفنة، لتتجوّل في الأراضي بحثاً عن الرخويات كديدان الأرض، بالإضافة إلى صغار القواقع (الحلزون) والبزاق”.
وأضاف الناشط البيئي، أنها “تختفي في النهار ويتوقف نشاطها، وتعود للاختباء أيام الشتاء الباردة، لتظهر مع بداية الربيع، وتختفي تماماً بمجيء الحر والجفاف صيفاً”.
وعن حقيقة أنه مهدد بالانقراض، شرح “عمران”، إن “السلامندر الناري في سوريا كان يعتبر مهدداً بالانقراض، لكن في الحقيقة أعداده مقبولة نسبياً، وندرة مشاهدته وظهوره تعود لسرية حياته ذات النشاط الليلي”.
وشدد “عمران” على أنه “رغم ذلك فخطر الانقراض قائم، بسبب زوال بيئته بفعل البشر والتلوث، كون صغاره (اليرقات) حساسة جداً وتحتاج إلى مياه نظيفة، وهذه ما يلوّثها الاستخدام المفرط للمبيدات والأسمدة، ومخلّفات مداجن الطيور، بالإضافة إلى الصرف الصحي ونواتج معاصر الزيتون”.
وتابع “عمران”، أنه “ناهيك عن تزايد نشاط صيده والإتجار به، بالإضافة إلى ظاهرة جديدة وغريبة تم توثيقها مؤخراً، وهي العثور على سلامندارت عدة مقتولة، وجميعها مشقوقة الرقبة بأداة حادة، وقد يكون شيء ما لغرض الطب العربي أو أعمال الشعوذة غالباً”.
الجدير ذكره أن “السلامندر الناري السوري كائن آمن، ومفيد في مكافحة القواقع والبزاق، والحد من الرخويات الضارة بالمزروعات عموماً”، بحسب ما ختم به “عمران” حديثه لتلفزيون الخبر، راجياً محو أي هواجس خوف منه، وداعياً للحفاظ عليه من خلال تركه يعيش بسلام في البرية.
شعبان شاميه – تلفزيون الخبر