ماذا تعرف عن تاريخ الأزمة الكورية ؟
تعود بداية الأزمة في شبه الجزيرة الكورية إلى بدايات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي سابقاً والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث قام الطرفان بتقاسم المنطقة، فخضعت كوريا الشمالية لسيطرة الاتحاد السوفيتي فيما خضعت كوريا الجنوبية لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية.
ورفضت كوريا الشمالية الاشتراك في انتخابات الجنوب عام 1948 بإشراف الأمم المتحدة، الأمر الذي أدى إلى إنشاء حكومتين منفصلتين في الكوريتين المحتلتين.
وازدادت حدة التوتر تدريجياً، تحت شعار توحيد الشطرين بالقوة، وبلغ ذروته، في بداية العام 1950، حيث كان زعيم كوريا الجنوبية “لي سين مان” عرض في نهاية العام 1949 على حلفائه خطة دمج الكوريتين بالقوة العسكرية.
وكان الزعيم الكوري الشمالي “كيم إيل سونغ” المنتعش بانتصارات الثورة الصينية وباختبار الاتحاد السوفييتي للقنبلة الذرية بثلاث سنوات قبل الموعد الذي توقعته الاستخبارات الأمريكية، أعلن تأسيس جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، وأعلم حلفاءه السوفييت بأن بلاده ستقوم بتوحيد الدولة الكورية.
وفي العام 1950 عبرت قوات كوريا الديمقراطية خط الفصل ودخلت في اليوم الأول لعمق 3 – 5 كيلومترات في الأراضي الجنوبية، وفي غضون ثلاثة أشهر من القتال استطاعت قوات كوريا الديمقراطية من احتلال كامل الأراضي في كوريا الجنوبية، لم يبق منها سوى مقاطعة صغيرة في جنوب شرق البلاد، والتي كانت تشكل مواقع وقواعد للقوات البحرية الأمريكية.
وبرعاية من الأمم المتحدة، قامت الولايات المتحدة والدول الحليفة لها بالتدخل لصالح كوريا الجنوبية، التي قامت بهجوم مضاد على جارتها الشمالية.
وبعد أن حققت القوات الجنوبية تقدماً سريعاً، تدخلت القوات الصينية بدعم لوجستي سوفيتي لصالح حليفتها كوريا الشمالية، فتعادلت موازين القوى ليتفق الطرفان على هدنة في العام 1953.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 وقعت الكوريتان اتفاقاً حول المصالحة ورسم الحدود فيما بينهما ليعود التوتر بعد أن منعت بيونغ يانغ في العام 1994 منظمة الأمم المتحدة من إجراء تفتيش على مركزين نووين على أراضيها، واتهمت سيئول في التحريض على وقف مفعول هدنة العام 1953 بهدف إجراء مباحثات جديدة.
واستمرت الولايات المتحدة، مع مطلع القرن 21، بسياستها الاستفزازية ضد كوريا الشمالية المعلقة بالخاصرة الصينية، وذلك عبر اجراءات تحريضية منها المناورات العسكرية المشتركة مع القوات الكورية الجنوبية، عداً عن سلاسل من العقوبات الاقتصادية على كوريا الشمالية سواءاً بشكل منفرد أو أممي.
وقامت الولايات المتحدة منذ عدة أيام يقودها “مجنون” البيت الأبيض دونالد ترامب بإرسال المدمرة الصاروخية “ستيثم ” إلى بحر الصين الجنوبي، سبقها إرسال مجموعة من السفن الحربية، بما فيها حاملة الطائرات “كارل فينسون”، إلى سواحل شبه الجزيرة الكورية.
ويأتي التصعيد الأميركي على خلفية ازدياد حدة التوتر بين واشنطن وبيونغ يانغ، بعد إجراء كوريا الشمالية تجارب نووية، وإعلان “ترامب” أن إدارته تنظر في كافة الخيارات للرد على بيونغ يانغ.
وخلال زيارته إلى قاعدة عسكرية أمريكية في كوريا الجنوبية، التي تقع بجوار الحدود منزوعة السلاح مع كوريا الشمالية، قال نائب الرئيس الأمريكي “مايك بنس”، الاثنين، إن “عصر الصبر الاستراتيجي مع كوريا الشمالية انتهى وولى”.
ومن جهتها، حذرت كوريا الشمالية الولايات المتحدة من ارتكاب أية تصرفات استفزازية في المنطقة، قائلة إنها “مستعدة للرد بهجمات نووية”.
وأجرت كوريا الشمالية استعراضاً عسكرياً هائلاً، السبت، في العاصمة بيونغ يانغ، حيث شمل الاستعراض على ما بدى أنها صواريخ باليستية عابرة للقارات، وصواريخ باليستية تطلق من غواصات.
وأصدر زعيم كوريا الشمالية “كيم جونغ أون”، الجمعة، أوامر بإخلاء فوري للعاصمة بيونغ يانغ، ما أثار مخاوف من استعداده لحرب قريبة.
وأفادت وسائل إعلامية روسية أنه “تم إجلاء نحو 600 ألف شخص من العاصمة على وجه السرعة”، فيما ذكرت وسائل إعلام في كوريا الجنوبية “مخاوف من تصرف متهور قريب لزعيم كوريا الشمالية، بعد أشهر من تعمده إجراء تجارب نووية”.
وأعلن الجيش الكوري الجنوبي، الأحد، أن كوريا الشمالية حاولت إطلاق صاروخ قرب “سينبو” على الساحل الشرقي، لكن من المرجح أنها فشلت.
ويرى محللون أن تهديدات زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بشن حرب نووية مدمرة على خصومهم لا تعدو عن كونها “عبارات رنانة” دون نية أو تهديد حقيقي، فيما يرى آخرون أنه من الواجب وضع الرسائل الكورية الشمالية في الاعتبار.
ووسط التهديدات والتصريحات والاستفزازات المتبادلة، يعلق العالم آماله على الجهود السياسية التي تقودها الصين وروسيا لكبح جماح ما يمكن أن تكون حرب عالمية ثالثة يقرع طبولها “دونالد ترامب” و “كيم جونغ أون”.
حمزه العاتكي – تلفزيون الخبر