العناوين الرئيسيةمجتمع

“أم الطربوش” و”الملحفة”.. وحكايات عن “أسطورة” لن يفهمها جيل ال2000

قد لا يتبادر إلى أذهان أبناء الجيل الحديث، وتحديداً ممن ولدوا بعد العام 2000، أن لمصطلحات “الملحفة” و “أم الطربوش” التي يسمعونها في بعض الأحيان، دلالات مادية مرتبطة وجدانياً بفترة تاريخية مزدهرة مثلتها فئة 500 ليرة.

“شو بتعمل 500 ليرة بسكوتة ما بتجيب”، يسمع أغلب السوريين هذه العبارة بشكل يومي، لتدل على مستوى التضخم الهائل وفقدان العملة لقيمتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة.

“مين كان يحلم بالملحفة..كان مصروف البيت كلو 500 ليرة”، تقول الامرأة السبعينية أم سمير لتلفزيون الخبر، مضيفة” أؤكد لكل من يقرأ أنني لم أفقد عقلي كي أقول هذا الكلام، فقد كان مصروف المنزل لعائلتي المكونة من 6 أشخاص لا يتجاوز 500 ليرة على أيامنا”.

وتضيف السيدة المنحدرة من ريف حمص الشرقي: “كنا نقول عن فئة 500 ليرة أنها “ملحفة” نظراً لحجمها الكبير هذا من حيث الشكل، ولأنها كانت تدب الدفء في جيب زوجي من حيث المضمون، فقد كانت وإضافة لجمال تصميمها وهيبتها قوة اقتصادية “غير شكل”.

 

تقف جولي (مواليد 2004) مذهولة بعد سماعها ما روته جدتها أم سمير، وتضيف: “أشعر أحيانا ً أن جدتي ووالدي “عم يضحكو علي” بهذه الحكايات، فلا أستطيع تصديق أن 500 ليرة كانت تشتري جمع مستلزمات المنزل، بينما لا تكفي الآن لشراء بسكوتة”.

وتابعت جولي: “يبلغ مصروفي اليومي 3000 ليرة لوسائل النقل فقط وأقصد السرفيس طبعاً، دون الحديث عن تكلفة المحاضرات الكتب والثياب التي تشكل مقارنة بزمن أبي وجدتي ثروة طائلة بحسب ما أسمع منهما، خصوصا وأنها الآن لا تعجب حتى المتسولين”.

 

أما وسيم، (40 عاماً) وهو هاوٍ لجمع العملات الورقية، قال لتلفزيون الخبر إن: “حب جمع العملات الورقية جاء بمرور الزمن، كوني من أبناء الجيل الذي عاصر قوة هذه الورقة النقدية، فقد كانت مصروفي الشهري خلال فترة دراستي الجامعية”.

 

وتابع وسيم: “السبب في تسميتها “بأم الطربوش”هو صورة الرأس الظاهرة على وجهها وعليه ما يشبه “الطربوش”، أما حقيقة الأمر فإنه يرمز إلى وجه الأميرة الكنعانية “ملقارت” من مدينة أوغاريت في “رأس شمرا” السورية، وفي وسطها الربة عشتار ترضع طفلين ملكيين”.

 

وعن الوجه الآخر للورقة النقدية، أوضح الشاب أنه: “يظهر عليها أحرف أبجدية “رأس شمرا”، وفي الوسط حشوة مستديرة مزخرفة برسوم الحيوانات من آثار أوغاريت القرن الخامس عشر قبل الميلاد”.

 

بدوره، أشار محمود (موظف) إلى أن: “مئة ورقة من “الملحفة” كانت كافية لشراء منزل في حي الزهراء بمدينة حمص عام 1985، ولم يخطر في بالي مطلقاً أن تتحول “أم الطربوش” إلى عملة بلا قيمة، بل وتم استبدالها بعملة جديدة زرقاء لا حول لها ولا قوة.

 

“يلي بياخد 10 ليرات أبو زيد خالو”، يقول ايهاب (33 عاماً) لتلفزيون الخبر، حيث اعتدنا بداية كل أسبوع أيام طفولتنا أن نأخذ 5 ليرات من والدي بعد القبض، أما أن يعطي كل واحد منا 10 ليرات فهذه هي السعادة القصوى”.

 

وأكمل الشاب: “ظلت الليرة السورية محافظة على قوتها حتى سنوات ما قبل الحرب، فكان سعر سندويش الفلافل 10 ليرات، والشاورما 30، والقروح النشوي 75، واجار السرفيس 5 ليرات، إلا أن هذه الأيام انتهت مع تعاقب سنوات الازمة حتى وصلت إلى هذا الواقع المزري”.

 

يشار إلى أن “أم الطربوش” صنفت من ضمن أجمل أوراق النقد في العالم، بحسب موقع best banknotes المتخصص بالأوراق النقدية، وصدرت للمرة الأولى بتاريخ 1958، وصدر منها لاحقاً بتواريخ عدة كان آخرها عام 1992. وبقيت في التداول لأواخر التسعينيات قبل أن تستبدل بشكل آخر.

 

يذكر أن السوريين باتوا هذه الأيام يحتاجون إلى “شوال من أم طربوش”ً كي يستطعوا العيش شهراً واحداً في الظروف الاقتصادية الراهنة.

 

عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى