“أسواق كل تاجر سكينو معو”.. كيف سيعرف المواطن السعر الرسمي للمواد؟
تنويه: لا يوجد مقدمة صحفية لهذه المادة فالحياة أقصر من عملية شرح المشروح أو التقديم له حتى أنها أقصر من كتابة مادة صحفية تلامس وجع المواطنين لأن “لا يؤلم الجُرح إلّا من بهِ ألمُ”.
“مبارح اشتريت كم غرض بـ 300 ألف” بهذه الجملة أجاب “أبو علي” من دمشق على سؤال تلفزيون الخبر “كيف الأسعار معك” وتابع “طبعاً كلهن بالدين وين يلي بيضحك مدري بيقهر أنو كلهن أساسيات ومو كتار وكانت نيتي أنا وعم جيبهن أنو ما كتر وجيب بس الأساسي مشان ما تطلع الفاتورة كبيرة”
واستطرد “أبو علي”: “انفلجت لما قلي الرقم بس استحيت رجعهن وبدي ياهن قلتلو للبياع حطهن على الدفتر وأنا وراجع عم قول يالله كيف هيك نفسهن قبل كم يوم بقد نصهن كيف دوبلو بهل سرعة”.
وكانت معاناة السوريين مع قرارات رفع أسعار المواد خصوصاً المحروقات منها ليس “الرفع” بحد ذاته (سيما أن القرار يصدر بتحديد السعر وليس رفعه) لكن المشكلة في تأثيراته وأهمها ما يدور في نطاق عدم فهم المواطن لماذا يجري بعد قرارات وزارة “حماية المستهلك”.
“وقفت تكسي عطيتو ألفين وقلتلو السلام عليكم” هذه الجملة تكاد ان تصبح “ترند” سخرية على “فيس بوك” وهي تفسر حجم الارتفاع الحاصل في أجور وسائل النقل مع اعتكاف نسبي لأصحاب المكاري عن العمل رغم زيادة تعرفة الأجور لديهم ما ترك الساحة خالية لسلطة التكسي وسط مناخ جوي لا يسمح بالوقوف كثيراً في الشارع بانتظار معجزة توصل المواطن للمنزل بأقل التكاليف الجسدية والنفسية والمالية.
وأصبح تحديد سعر المنتج أشبه بألعاب القمار حيث لا يمكن للمواطن أن يتوقع سعر المادة المراد شرائها ليس وفق تاريخ يوم الشراء، بل تختلف الأسعار من محل لآخر ودون ذكر مادة بعينها يمكن لدورية حماية المستهلك المعنية بضبط الأسعار أن تختار أي 3 محلات في شارع واحد وتشتري على سبيل المثال ظرف “بن بلا هيل” ولن تفاجئ أن السعر عند الأول 21 ألف ليرة ولدى الثاني 22 ألف والثالث 25 ألف ويكون الظرف لذات المنتج وبذات الوزن واللون وتاريخ الإنتاج.
وبعد سلسلة القرارات الصادرة عن “حماية المستهلك” وأهمها تعميم الوزارة على مديريات التموين في المحافظات بتاريخ 16 كانون الثاني حول “اعتماد فاتورة المنتجين المستوردين وتجار الجملة أساساً في تحديد أسعار مبيع المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة” يضاف إليها سلسلة قرارات المحروقات خصوصاً الأخيرة منها جعل صعوبة اكتشاف السعر “النظامي” كصعوبة حل معادلة رياضية من الدرجة الرابعة لطالب أدبي بحت.
وفي حديث سابق مع مدير الإعلام والعلاقات العامة في وزارة “حماية المستهلك” صفوان درغام لتلفزيون الخبر بعد صدور “القرارات الستة” أشار إلى أن “دورياتنا ستقوم خلال اليوم وغداً بمراقبة الأسعار حيث وجهناها جميعاً بالانتشار في جميع المفاصل وإن شاء الله مع مطلع الأسبوع القادم سيكون هنالك ضبط كامل للأسعار مع نتائج أفضل”.
في النهاية حاولنا ترك مفردات التكلف والبلاغة اللغوية والبحث عن خلفية صحفية تعتمد على النكتة لتوصيف واقع الأسعار الحالية لتخفيف وطأة الألم لكن لم نجد لا في قواميس اللغة ولا في قواميس الفُكاهة أي كلمة او مصطلح يفيد بالمعنى دون أن يجرح أو يسفه الوجع فلم يكن علينا إلا أن نحتكم لمسلسل “حمام الهنا” وتحوير اسم “حارة كل مين إيدو ألو” والاستفادة منه بعنوان المادة “أسواق كل مين سكينو معو” كدلالة على أن المواطن تحول لكبش لدى التجار في السوق المحلية.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر