قرارات الحكومة الليلية.. و السقوط في نفس الحفرة كل مرة
غاب النوم عن عيون السوريين خلال الأسبوع الفائت، مع وصول درجات الحرارة إلى الأربعينات وما يزيد، فتصبب العرق من هؤلاء المغلوب على أمرهم، الفاقدون لأبسط عوامل مقاومة موجة الحر هذه، فلا كهرباء للمروحة ولا ماء في الثلاجة وما إلك إلا “البشكير”.
وانتظر السوريون مجيء يوم الثلاثاء، لا حباً به وتميزه عن غيره من الأيام المتشابهة في حياتهم، بل لأن الأرصاد الجوية توقعت حصول انخفاض طفيف على درجات الحرارة، إلا أن متخذي القرارات الحكومية أبوا أن يمر الليل خفيفاً على المواطن.
ومع الإيمان بأن “ما يجري سيجري” يتفاجئ المواطن في كل مرة بنفس الأخطاء، رفع أسعار بالليل، فوضى نقل وتسعير وامتناع عن العمل واستغلال في اليوم التالي، وكأن المؤسسات الرسمية، لم تتعلم من أخطائها، وتسقط في نفس الحفرة كل مرة.
ما الذي يمنع الوزارات من التعميم على المؤسسات التابعة لها من تحديد الاسعار، في الصباح الباكرة التالي ليوم رفع أسعار المحرقات، سؤال بسيط، لا إجابة له، والمواطن يدفع الثمن دائماً.
هنالك أثمان بات المواطن يؤمن أنه يجب أن يدفعها، كون البلاد تمر بهذه الظروف، لكن لا عذر لما يجري من إهمال بنفس القطاعات في كل مرة.
ليش بالليل؟
كعادتهم، وفي خطوة مكررة، غير مفهومة الهدف والقصد والمغزى، يصر الفريق الحكومي المعني على إصدار قرارات رفع الأسعار بعد “تعيير” ساعتهم على وقت منتصف الليل، عندما يكون نصف الشعب نائماً والنصف الآخر يقلّب في صفحات “الفيسبوك”.
ولم يدرك المعنيون في “حماية المستهلك” -بعد – تداعيات إصدار قرار رفع أي مادة منتصف الليل وترك المواطن يتخبط صباح اليوم التالي في انعكاساته.
هل من الصعب بمكان إجراء الاجتماعات “المكوكية” والخروج بنتائجها مبكراً في ساعات الصبح أو الظهر مثلاً، وإفساح المجال كي يدرك المواطن “وين الله حاطو” ويستعد “لتسونامي” الغلاء مجدداً.
إضراب السرافيس..”ويلي منو ويلي عليه”
ما إن صدر قرار وزارة التجارة الداخلية و حماية المستهلك برفع أسعار المشتقات النفطية من بنزين ومازوت، حتى استشعر المواطنون على أي صباح سيستيقظون.
ازدحامات خانقة على وسائل النقل العامة بسبب امتناع عدد كبير من السائقين عن العمل، مطالبين برفع أجور النقل بعد قرار رفع سعر المازوت المخصص للنقل إلى 2000 ل.س.
وسادت حالة من التخبط والفوضى بتسعير المواد الغذائية والخضار المحروقات في مختلف الأسواق الرئيسية بعد قرارات رفع الأسعار.
وتحت أشعة شمس آب الحارقة، تجمع عشرات المواطنين على اختلاف المحافظات، ينتظرون وسيلة نقل تقلهم وخصوصاً السرافيس التي تعد العصب الرئيسي لقطاع النقل، ليظهر قيام السائقين بإضراب عام للضغط على المعنيين برفع تعرفة الركوب.
وعلى الرغم من الملاسنات التي دارات بين الركاب وبعض السائقين ممن بقوا يعملون، فلم ينكر أحد مشروعية مطالبهم مع رفع سعر لتر المازوت 3 أضعاف، على الرغم من أنهم أنفسهم لا ينتظرون عادة صدور تعرفة رسمية بل يتقاضون المال كيفياً عند شعورهم بالظلم، كما حصل صباحية اتخاذ القرار.
دمشق واللاذقية وحمص..نسخة متشابهة
شهدت محافظة دمشق ازدحامات كبيرة مع انعدام حركة الباصات مترافقة مع مضاعفة أسعار التكاسي، ويأتي ذلك في وقت تعاني فيه عدة خطوط من غياب الميكروباصات و اعتمد سكانها على التكاسي الأمر الذي سيزيد الأمر سوءاً.
وفي العدية، نقل مراسل تلفزيون الخبر في حمص وجود ازدحام كبير على مختلف خطوط النقل الداخلية ضمن مدينة حمص جراء توقف عدد كبير من سائقي السرافيس عن العمل.
من جهته، أكد مراسل تلفزيون الخبر في طرطوس “وجود حالة فوضى شهدتها المحافظة منذ الصباح بتوقف بعض السائقين عن العمل وقيام أخرين برفع التعرفة بشكل عشوائي، مع تراجع حركة السيارات و المارة في الشارع”.
وفي حماه، بيّنت مراسلة تلفزيون الخبر أن المحافظة شهدت في الصباح توقف الميكروباصات عن العمل إلى أن قام كل سائق بوضع التعرفة المناسبة له وعادت الحركة بشكل خفيف لاحقاً.
“خطوة حربوقة”..التعليق ممنوع
وفي خطوة استباقية “حربوقة” ليست بالجديدة، وتدل على عدم الاكتراث برأي المستهلك ممن حملت الوزارة شعار حمايته، قامت صفحة الوزارة بإيقاف التعليقات على منشورها في موقع “فيسبوك” بعد قرار رفع أسعار المشتقات النفطية.
وعلى ما يبدو، فإن المسؤول عن صفحة الوزارة ارتأى أهمية تلك الخطوة في توفير الوقت بحذف تعليقات المواطنين الغاضبين والمستغربين من توقيت قراراتهم و محتواها.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر