العناوين الرئيسيةمجتمع

طقوس الحج المفتقدة لدى السوريين.. هل تعود؟

“أفراحنا لم تكن لتنتهي مع غروب شمس رابع يوم العيد بل كانت تستعد لسلسلة طويلة من التقاليد المبهجة التي تبدأ بتجهيز بيوت الحجاج لاستقبالهم وتستمر حتى وصول أخر حاج للحارة” بهذه الكلمات استذكر محمد علي القاسمي (مهندس معلوماتية/دمشق) شعوره مع اقتراب موسم الحج خلال حديثه مع تلفزيون الخبر.

وتابع “القاسمي”: “كانت تستنفر الحارات جميعها لاستقبال زوار بيت الله فالشباب على السلالم لتثبيت أغصان الأشجار فوق مداخل بيوت الحجاج أو لتعليق اللوحات التعبيرية للكعبة أو المسجد النبوي عدا عن كتابة العبارات الترحيبية سواء على اللافتات أو الجدران مثل (أهلا بحجاج بيت الله الحرام/من زار قبري وجبت له شفاعتي)”.

وأكمل “كان اختصاصنا كأطفال حمل (حبال اللمبات الملونة) وإيصالها إلى المختصين بتركيبها بين المنازل حيث تنسج خيوطاً من الضوء في الحارات إضافة لدورنا بإثارة الضجة والضوضاء في الحارة”.

بدورها شرحت سارة جواد (صيدلانية/دمشق) لتلفزيون الخبر “أبي عاد من الحج في 2004 كان عمري 11 عاماً كل ما أذكره أننا كنساء كنا نجهز القهوة المرة ليقدمها أخوتي للمُهنئين ثم تحضير صواني التمر المغطى بالطحينة والأهم هو تجهيز كؤوس من ماء زمزم الذي كان هدف كل الضيوف القادمين للمباركة”.

وأضافت “كان أخي الصغير يغيظني لأنه يستطيع النزول والاحتفاء بالعراضة التي تستقبل الحجاج لحظة وصولهم وأقصى ما كنا كنساء نستطيع القيام به هو الوقوف من على الشرفات ورمي الرز”.

 

ويدندن أبو يامن (صاحب فرقة عراضة) بعض عراضات الحجاج خلال حديثه مع تلفزيون الخبر “حجاجينا وحجاجينا زاروا مكة ورجعوا لينا.. ويا نبي أنا بدي نظرة وياحبيبي يا بو الزهرا”.

 

والأشهر على حد قوله “يا سباع البر حومي اشربي ولا تعومي.. اشـربي من بير زمزم.. زمزم عليها السلام.. ويا سلام اضرب سلام علي مظـلل بالغـمام.. الغـمـامـة غـمتـو.. غـمتـو ومـا لمتـو.. غمتـو خـوفـاً عليـه.. وعلينـا وعـليـه.. وعلـى من زار قـبره وعلى من حـج إليه”.

 

ويشرح أبو غالب (بائع مسابح/الشام القديمة) لتلفزيون الخبر “أجمل الهداية بعد ماء زمزم لدى الحجاج هي المسبحة فمن لم يتسنى له جلب المسابح من المدينة يقوم أهله بتجهيز المسابح من الأسواق المحلية”.

 

وأردف “أبو غالب”: “كان الطلب على المسابح في هذه الفترة كثيف ومن جميع الأنواع فلكل ضيف مسبحة خاصة وتختلف حسب قربه وتتنوع المسابح من حيث النوع والسعر بين العاج واليسر والمرجان والفيروز والكوك والزمرد والكهرمان والمسكي والعقيق والياقوت”.

 

وتابع بائع المسابح: “وجميعها تطعم بالذهب أو الفضة وهناك المسبحات التجارية رخيصة الثمن كالخرز والتي زاد الإقبال عليها خلال الأزمة نتيجة غلاء ثمن الأنواع الأُخرى التي تجاوزت بعضها مئات الألوف”.

 

ومع بداية الحرب على سوريا قبل 12 عاماً انقطعت هذه المشهديات عن الأحياء السورية بسبب قيام السعودية بتوقيف استقبال الحجيج من الداخل السوري تبعاً لمواقف سياسية مع الدولة السورية واعتمدت على استقبال السوريين المقيمين خارج سوريا فقط.

 

وأدى هذا الانقطاع لنشوء جيل كامل لا يعلم عن طقوس الحج واستقبال الحجاج شيء سوى من بعض المسلسلات الشامية التي لا يمكنها توصيل الحالة الجمالية التي كانت تسيطر على الأحياء الموجود بها حجاج.

 

فالجميع من الأطفال حتى الأكبر سناً يعمل ويفرح ويستقبل التهنئة سواء كان من أقارب الحاج أم من أهل الحي.

 

يذكر أن وزارة الأوقاف أكدت في آذار الماضي أنه لن يكون هناك حج للسوريين هذا العام وسيكون اعتباراً من العام القادم نظراً لأن “عودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية كانت قبل وقت الحج بفترة وجيزة وهي غير كافية لمثل هذه الترتيبات التي تحتاج إلى تحضير واجتماعات مسبقة مع الجانب السعودي”.

 

جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى