العناوين الرئيسيةكي لا ننسى

هزيمة أم نكسة أم انتصار.. 56 عاماً على حرب 1967

“نرميهم بالبحر” أم “منخليهن يرجعوا لبلادهن” أو “يقعدوا بأدبهن كضيوف”، هكذا كان لسا حال الشارع العربي والسوري والمصري على وجه الخصوص قبيل اندلاع حرب 5 حزيران 1967، أو ما يُعرف “نكسة حزيران”.

وخلقت الأنظمة الحاكمة في هذه البلدان حالة معنوية عالية في صفوف الأهالي نتيجة ما تم الترويج له عبر الصفحات والإذاعات، وعلى رأسها إذاعة “صوت العرب” في القاهرة من اقتراب “معركة التحرير” مع العدو.

وبدأت حرب “الأيام الست” كما يحلو للصهاينة تسميتها مع بزوغ فجر 5 حزيران 1967 على عدة جبهات في ذات الوقت، حيث اشتعلت الحدود مع فلسطين المحتلة في سوريا ومصر والأردن.

ونقلت الماكينة الاعلامية العربية بزعامة إذاعة “صوت العرب” مجريات الحرب عبر مذيعها الشهير الراحل أحمد سعيد، الذي حملت كلماته طيلة أيام الحرب قداسة لا يشوبها أي تكذيب أو تشكيك.

واعتمدت “صوت العرب” منذ دقائق الحرب الأولى على الأغاني الحماسية التي تُمجد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وتبشر الشارع العربي باقتراب الاحتفال بتحرير الأراضي العربية المحتلة.

كما بثت أخباراً عن “إذلال” جيش العدو وتكبيده خسائر فادحة في العتاد والأرواح، على جبهات سيناء المصرية والجولان السوري والضفة الغربية التي كانت تحت سيادة الأردن والاقتراب من حدود القدس وحصار جنود العدو في محيط “تل أبيب”.

“الحقيقة المرة”

وما أن غابت شمس اليوم السادس من أيام الحرب، حتى انكشفت الصورة بشكل “مفاجئ” أمام الشعوب العربية والتي توضح تلقي الجيوش العربية لهزيمة كارثية ما نزال نعاني منها حتى اليوم.

وفقد العرب خلال حرب “نكسة حزيران” إضافة لما احتله الصهاينة أيام النكبة، كل من شبه جزير سيناء المصرية والجولان السوري المحتل والضفة الغربية وقطاع غزة، وتضاعفت سيطرة الاحتلال على أراضي فلسطين المحتلة 3 أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب.

ودمر الاحتلال خلال هذه الحرب معظم الأسطول الجوي للدول العربية التي اشتبك معها، عدا عن خسائر فادحة في الدبابات والأليات المدرعة وألاف الشهداء والجرحى والمهجرين ومئات الأسرى.

وانتشرت بعد الحرب صوراً لجنود مصريين عُزل، متروكين كأسرى بيد جيش الاحتلال بعد صدور قرارات من قيادة الجيش المصري بانسحابات عشوائية من مرابض القتال.

“الحراك السياسي بعد الحرب”

عَقدت جامعة الدول العربية في 29 أب 1967 اجتماعها بالعاصمة السودانية الخرطوم والذي عُرف لاحقاً بقمة “اللاءات الثلاث”، حيث قرر المجتمعون أن “لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه”.

وأصدر مجلس الأمن في 22 تشرين الثاني 1967 قراره الشهير /242/ الذي ينص في المادة الأولى منه بالفقرة (أ) بالترجمة العربية على “انسحاب القوات “الإسرائيلية” من الأراضي التي احتلت في النزاع الأخير”.

وأُسقِطت “ال” التعريف من كلمة “الأراضي” في الترجمة الإنكليزية بهدف المحافظة على الغموض في تفسير القرار، ولإعطاء الفرصة للاحتلال بالمناورة وعدم تنفيذ بنود النص الأصلي، إضافة لفرض القرار إنهاء حالة الحرب وتقديم الاعتراف الضمني بالكيان واعتبار قضية فلسطين “مشكلة لاجئين” فقط.

“حرب الاستنزاف”

بدأت منذ 1 تموز 1967 قوات من العسكريين والمتطوعين في مصر وسوريا والأردن، إضافة للفدائيين الفلسطينيين بتنفيذ عمليات فدائية تستهدف إلحاق الضرر بقوات العدو من جهة وإيقاف محاولاته للتمدد من جهة أُخرى، واستمرت لمدة 3 سنوات حتى قبول الرئيس المصري جمال عبد الناصر وملك الأردن الحسين بن طلال لما يسمى ب”مبادرة روجرز” لوقف إطلاق النار.

“هامش”

وحاولت الأنظمة الحاكمة لاسيما في مصر الترويج على أن ماجرى خلال الأيام الست ما بعد اندلاع المعركة هو انتصار للجبهة العربية أو “نكسة” على أبعد تقدير.

وبحسب الخطاب الرسمي كان العدو يرغب بإسقاط “أنظمة التقدم العربية” لصالح “الرجعية” و”العمالة” لكن استمرار هذه الأنظمة على رأس السلطة ساهم باسقاط مخططات العدو.

الواقع اليوم

بعد 56 عاماً من “النكسة” و12 عاماً من محاولة تفريغ آخر ساحات النضال ضد الكيان عبر شن حرب على سوريا لثني موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، لم تفلح مخططات الاحتلال وداعميه.

ويعيش الكيان اليوم حالة انقسام داخلي غير مسبوق بتاريخه وصل لمرحلة تدخل الجيش للمرة الأولى بالخلافات السياسية وعدم القدرة على ضبط البيت الداخلي للكيان.

أما فيما يخص “دول الطوق” فتشهد سوريا حراك سياسي ودبلوماسي نوعي بعد كسرها لعزلتها العربية، نتيجة صمود شعبها وجيشها أمام الحرب مع استمرار وقوفها بوجه الأطماع الصهيونية.

وفي لبنان تقف المقاومة على ذات الخط مع سوريا، حيث ثبتت سياسة ردع بات العدو أول من يدرك خطر كسر هذه السياسة على وجوده المزعوم.

وأكد الشعب الفلسطيني أن خياراته لا تتبدل مهما تعرض لنكسات وطعنات في الظهر، سواء من المحيط العربي أو العالمي أو طعنات ناتجة عن الانقسامات الداخلية.

وتشهد الضفة الغربية والقدس نشاطاً مقاوماً نوعياً غير مسبوق، شكل رديف حقيقي لغزة يوجع العدو ويجعله يفكر بحجم الآلم الذي سيشعر به كلما قرر توجيه ضربات عسكرية أو بناء مستوطنات.

يذكر أن إعلام العدو لم يتوقف خلال الأيام الأخيرة من بث التحذيرات حول اقتراب “حرب يوم القيامة” مع محور المقاومة وما سينعكس عليه من دمار يهدد وجوده المستقبلي.

جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى