جيولوجيون سوريون في عيدهم: “مطالب إحداث النقابة عمرها أكثر من نصف قرن”
يصادف يوم الـ27 من آذار من كل عام، عيداً للجيولوجي السوري، هذا التخصص الذي يصفه أهله بـ”المظلوم”، وأدرك الجميع بعد كارثة الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا، شباط الماضي، أهميته وضرورة دعمه وتعزيز دور الجامعات ومراكزها البحثية في خدمة المجتمع، فما أبرز مطالب جيولوجيي سوريا في عيدهم؟
النقابة.. “حلم عمره أكثر من نصف قرن”
بهذا الشأن، قال عضو مجلس إدارة الجمعية الجيولوجية السورية، الدكتور نضال جوني، لتلفريون الخبر، أن “مطلب جميع الجيولوجيين السوريين في عيدهم، قديم ويتجدد، ألا وهو إحداث نقابة خاصة بهم، تمثلهم وترعى حقوقهم ومصالحهم، كما في باقي الدول، علماً أنهم يأملون هذا الأمر منذ أكثر من نصف قرن، وما زالوا ينتظرونه”.
وتساءل الدكتور “جوني” في حديثه لتلفزيون الخبر “لماذا هذا الحلم الذي يرنو إليه جميع الجيولوجيين في سوريا بإحداث نقابتهم الخاصة عصي على التحقق حتى الآن وبعد كل هذه السنوات من المناشدات والانتظار؟”.
وبيّن “جوني”، أن “أهمية إحداث النقابة تأتي من أنها ترعى حقوق ومصالح الجيولوجيين، كمهنة تطبيقية تعمل في ميادين مختلفة، كالنفط والغاز، البحث عن الثروات الدفينة في باطن الأرض وعلى سطحها، كشف مصادر المياه الجوفية، الدراسات الهندسية، الزلازل والتنبؤ بها..وغير ذلك الكثير”.
وأضاف “جوني”، أن “تنظيم العمل ووضع قواعد لمهنة الجيولوجيا لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال إحداث النقابة، والتي تصون حقوق الجيولوجيين لناحية الأجور والدفاع عن أعضائها في الشركات والمؤسسات ذات العلاقة المشتركة، كما أن غيابها يجعل سوق العمل مشتتاً، ويهدر الحقوق المهنية التي رهن الجيولوجي حياته من أجلها”.
وتوجّه “جوني” في حديثه إلى القيادة السياسية صاحبة القرار، مُناشداً “لإنصاف الجيولوجيين بعد طول انتظار”، مؤكّداً على كامل الثقة بحكمة القيادة السياسية، ورعايتها لعلوم الأرض المتعددة والمهمة للاقتصاد الوطني ودورها في مرحلة إعادة الإعمار.
ولفت “جوني” في ختام حديثه إلى “التبعات الكارثية التي نتجت عن زلزال 6 شباط الماضي، والتي أظهرت للعيان أهمية علوم الأرض بمختلف تفرعاتها، وكيف أن غياب وجود نقابة للجيولوجيين في سوريا عكس فجوة كبيرة”.
الجيولوجيون ونقص فرص العمل
بدورها، أفادت الأستاذ المساعد في قسم الجيولوجيا بجامعة تشرين، الدكتورة أحلام إبراهيم، في حديثها لتلفزيون الخبر، أن “أبرز ما يحتاجه جيولوجيو سوريا اليوم هو تأمين فرص عمل حقيقية ترغّب الطالب بالانتساب لهذا الاختصاص بالدرجة الأولى، وتوظيف الخبرات الشابة والاستفادة منها في سوق العمل، خاصةً وأننا نمتلك خامات متميزة بهذا المجال”.
الأبحاث الجيولوجية حاجة
وتابعت “إبراهيم”، أنه “من الأمور الهامة أيضاً والتي يجب لحظها والأخذ بها هي ربط الجامعات بالمؤسسات والجهات العامة المعنية بالجيولوجيا (الشركة العامة للنفط، الموارد المائية، مؤسسة الجيولوجيا والثروة المعدنية، الإنشاءات.. وغيرها)، بشكلٍ فعلي، وليس شكلياً على الورق فقط”.
وأضافت الأستاذة الجامعية، أن “هذا الربط الفعلي يتم من خلال دعم الأبحاث العلمية مادياً، إضافةً إلى المساهمة الفعليّة بالإشراف على الأبحاث، خاصةً أن المردود العلمي والتطبيقي يعود للجهة الداعمة”، مشددةً على أن ما تحتاجه الأبحاث فعلياً هو الدعم المالي، ونحن اليوم بأحوج ما نكون للأبحاث الجيولوجية.
ولفتت “إبراهيم”، إلى أنها “تضم صوتها إلى صوت كل المطالبين بإحداث نقابة للجيولوجيين السوريين، كما في دول أخرى كالأردن ومصر وغيرهم، لما لذلك من دور هام في النهوض بواقع الجيولوجيا والجيولوجيين في سوريا، والذي لا يمكن للجمعية الجيولوجية السورية تحقيقه لوحدها”.
حق الجيولوجيا مهضوم لصالح أقسام أخرى
وأوضحت “إبراهيم”، أن “هذا الاختصاص يتحمّل إحداث نقابة خاصة به، نظراً لتفرعاته، كتخصصات الجيولوجيا التطبيقية (بنيوية، جيوكيمياء، نفط، ترسيب..)، الهيدروجيولوجيا، والجيوفيزياء”، مُشيرةً إلى أن حق الجيولوجيا مهضوم لصالح أقسام أخرى، تتداخل معها في بعض الاختصاصات، لكنها لا تُغطّي عمل الجيولوجي أو تُلغي دوره.
وختمت “إبراهيم” حديثها، بالإشارة إلى أمثلة توضّح أهمية البحوث الجيولوجية كتلك التي تحدد التلوّث بعناصر مشعة أو ثقيلة وتأثيراته على الترب والمياه الجوفية، إضافةً إلى الأبحاث التي تحدد مواقع الخطر الإنشائية لعوامل جيولوجية (شقوق، تكهفات..)”.
و “الدراسات التي تنتج خرائط المخاطر الهندسية، دور الجيوكيمياء العضوية وعناصر الأثر في توجيه عمليات الاستكشاف النفطي وتقويم المياه الجوفية، أو البحوث الزلزالية والتي بات الجميع حتى من غير الاختصاصيين يدركون أهميتها بعد زلزال 6 شباط المدمّر”.
ويُعاني الجيولوجيون في سوريا من شبه غياب لفرص العمل بالقطاعات الحكومية، بالرغم من قلّة أعداد خريجي هذا الاختصاص، والحاجة إليهم في مختلف الميادين كالهندسة، المشاريع المائية، النفط، الاستشعار عن بعد، المقالع، الآثار، التنقيب عن الثروات، الزلازل، الفضاء والفلك.. وغير ذلك، علماً أن عدد المطلوبين للتعيين منهم في المسابقات الوظيفية يكاد لا يتعدّى أصابع اليد الواحدة.
يُذكر أن سوريا تمتلك المتحف الجيولوجي الأول بالشرق الأوسط، والذي أسسه الباحث الجيولوجي الراحل الدكتور فواز الأزكي، والذي قام بتحويل منزله الوحيد الكائن في قرية “قسمين” بريف محافظة اللاذقية إلى متحف للجيولوجيا عام 2002، محوّلاً الجيولوجيا من مصطلح جامد ومعقد إلى علم وثقافة وسياحة.
شعبان شاميه – تلفزيون الخبر