العناوين الرئيسيةسوريين عن جد

بدأ بالمهنة منذ حرب تشرين..”عماد الخواجة” آخرُ معلّمي التنجيد العربي في حمص

جاثياً على ركبتيه، وسطَ سكونِ وهدوءِ السوق المسقوف ما بعد انتهاء صلاة الجمعة، يضربُ عماد الخواجة (أبو عبدو) أكواماً من الصوف بقضيبٍ فولاذيّ، ليصل صدى الصوت في كافة التفرعات والأزقة المحيطة.

واظبَ أبو عبدو على عمله في مهنة التنجيد العربي، لما يقارب خمسين عاماً، كما قال لتلفزيون الخبر، سنواتٌ حافظ فيها على أسرار وأصول المهنة بالكثير من الصبر والإخلاص والتفاني في العمل لكسب الرزق الحلال.

dav

مطلقاً العنان لعشراتِ الضربات المتلاحقة باتجاه الصوف، ويبدل بعدها وضعية جلوسه على أرضية السوق، مفسحاً المجال لالتقاط أنفاسه، “مهنةٌ صعبة تحتاج القوة والتحامل على الأوجاع والأمراض”، يقول أبو عبدو لتلفزيون الخبر.

ويضيف الرجل الخمسيني :”لكل مهنة مصاعبها وضريبتها، وفيما يخص التنجيد العربي، وجع الظهر والركبتين أولها، ناهيكَ عن أمراض الرئة مع استمرار تنشق الغبار المتصاعد من الصوف والقطن مهما حاولت تجنب ذلك”.

dav

“منذ حرب تشرين التحريرية بدأتها”، يشير أبو عبدو لتاريخ بدء العمل بهذه المهنة، فكان أول تماس نظري بعمر السابعة ولم يكن سوى عبارة عن نصائح وإرشادات نظرية من والدي، حتى دخلت التطبيق العملي بعمر العاشرة تقريبا ً”.

ولا يخفي أبو عبدو حزنه على تراجع ممارسي هذه المهنة، وانقراضها بشكل عام، “فلكل زمان مهنه ومعداته وأعماله” حسب قوله، فباتَ مع بعض معارفه من القلائل الذين بقوا يمارسونها في حمص، حتى إن أولاده لم يرغبوا بتعلمها لأنها باتت قديمة جداً على عصرهم التكنلوجي”، حسب تعبيره.

ويكمل أبو عبدو لتلفزيون الخبر :”كانت مهنة التنجيد العربي مشهورة جداً في السابق، ولم تكد تخلو بلدة أو حيّ من معلميها ، إلا أنها باتت عملاً أقرب للتراث مع انتشار مصانع التنجيد الآلية”.

mde

وعن مراحل العمل، يكمل أبو عبدو :”ابدأ أولاً بنزع الصوف أو القطن من اللحف والمخدات، وأقوم بضربها ونفضها كي (تنفش) بواسطة السيخ، وإن لم ينفع ذلك أنهي المهمة بآلة كهربائية خاصة”ّ

ويمسك بيديه غطاءً قماشياً جديداً، ويتابع “من بعد نفض الصوف وترتيبه نعيده إلى داخل الفرشة أو اللحاف بعد تجهيز وجهٍ جديد، ومن ثم درزها بواسطة مكنة آلية ليعود ما جاءنا مهترئاً بشكلٍ آخرَ كلياً”.

وعن الصعوبات التي تواجه مهنته، أضاف أبو عبدو لتلفزيون الخبر “تؤثر الكهرباء قليلاً من حيث استخدام آلة الدرز ونفض الصوف، أما فيما يخص تفاصيل المهنة فيمكن القول إن تنجيد القطن أصعب من الصوف لأنه نباتي ولا تدخل الإبرة فيه بسهولة”.

dav

“الطلب خفيف على التنجيد”، يقول أبو عبدو، أما الأسعار فنحن نأخذ ثمن تعبنا فقط، وهو ما نعانيه أحيانا ً مع الزبائن عندما يجادلوننا في التكلفة، ويمكن القول إن تكلقة تنجيد لحاف واحد تقارب 20 ألف ليرة وتأخذ من وقتي ثلاثة ساعات عمل متواصل”.

(وأسعى يا عبدي لأسعى معك)، بالمثل الشعبي الشهير يختم أبو عبدو لتلفزيون الخبر، مضيفاً “إن العمل واجب حتى في أيام العطل، لاسيما في ظل الأوضاع الإقتصادية الراهنة، التي تتطلب من كل شخص السعي باستمرار وراء لقمة العيش بالحلال”.

عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر_ حمص

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى