اقتصادالعناوين الرئيسية

“قيصر” من الخارج وتجار لا يرحمون من الداخل .. الأسعار تتضاعف فما الحل؟

مبارح كنا عالحديدة وهلأ صرنا عالحديد” لم يدرك زياد الرحباني وهو يكتب أغنية “اسمع يا رضا” أن دوران عجلة السوق السورية أسرع من أن تحاط بتوقيت زمني فالغلاء وفق النظرية السورية لا يعترف بالوقت.

يدرك السوري أنه في حالة حرب، وقد تقبل ذلك، وصمد بوجه الموت والظلام القادم على شكل لحى، وتحمل كل ما يمكن أن يتحمله محارب، وهزم الإرهاب، لكنه اليوم يقف ضعيفاً في وجه ارتفاع الأسعار الجنوني، وعجزه عن توفير قوت عياله.

وتخضع البلاد لحصار اقتصادي، فرضه قانون “قيصر” ، لكن الأمر لا يقف عند الحصار، فجشع بعض التجار والمتحكمين بالأسواق، جعلهم يستخدمونه ك”شماعة” لاستغلال المواطن وتحقيق الأرباح الفاحشة.

واجتاحت البلاد منذ بداية الحرب في 2011 عدة أزمات اقتصادية وخدمية لكن ما يعاصره السوري اليوم لم يكن يتوقعه أحد حتى الحكومة المسؤولة الأولى عن تأمين احتياجات المواطن وهو ماظهر في حديث وزير النفط بسام طعمة للتلفزيون السوري بتاريخ 30 تشرين الثاني الماضي حول أزمة المحروقات.

ووسط غياب التوقع الحكومي للأزمة الممتدة منذ شهرين والتي انعكست على جميع مفاصل حياة السوريين يعاين المواطن تدهور الوضع المعيشي لحظةً بلحظة خصوصاً وأن راتبه الشهري بات لا يقوى على تأمين قوت أسبوع واحد فقط من الشهر.

تفلت أسعار هيستيري

وتفلتت الأسعار في السوق المحلية بشكل هستيري حيث بات السعر الذي يمسي عليه المواطن يختلف عند استيقاظه في اليوم التالي لاسيما في المواد الأساسية لاستمرار العيش وكل ذلك تحت حجج واهية سواء من التجار أو المعنيين بضبط السوق.

وفي جولة سريعة على أسواق دمشق نجد أن متوسط أسعار المواد بتاريخ 13 كانون الأول ارتفع بشكل مفاجئ عما كان عليه قبل أسبوع فسعر ليتر زيت القلي كان 12 ألف ووصل ل18 وزيت الزيتون كان 20 ألف وأصبح 29 وكيلو السمنة النباتية من النوع المتوسط ارتفع سعرها من 20 ألف ل27.

أما الرز الإسباني ارتفع من 8 آلاف ل11 ومعكرونة والشعيرية من 5 آلاف ل7500 والسكر من 5 آلاف ل7.5 وكيلو رب البندورة من 6 آلاف ل8500 وصحن ابيض 2كيلو من 15500 ل20 ألف ووقية شاي من 9 آلاف ل12 ووقية القهوة بهيل من 10 آلاف ل13 وبدون هيل من 8500 ل10500.

الكلام الرسمي

حول ارتفاع الأسعار أفاد مدير الإعلام والعلاقات العامة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك صفوان درغام لتلفزيون الخبر أن “لا يحق لأي فعالية اقتصادية رفع أسعار منتجاتها دون الرجوع للجهات المعنية بالمنتج مثل وزارة التجارة الداخلية أو الزراعة أو الصناعة أو غيرها”.

وأكمل “درغام” أن “نحن كحماية مستهلك مسؤولين عن المواد الأساسية ويجب على صاحب الفعالية تقديم بيان كلفة يتضمن وثائق مثبتة ومختومة على أساسها يتحدد السعر مع هامش الربح المتروك للمُنتج قانوناً سواء في حلقات الجملة أو المفرق لكي يصدر صك تسعيرة يتقيد بها لاحقاً”.

وأردف “درغام” أن “كل فترة تصدرة نشرة سعرية ويأتي المُنتج للوزارة فيما يتعلق بالمواد الداخلة باختصاصنا ويقدم تقرير بارتفاع كلف انتاج المادة التي يطلب تعديل سعرها ونجري دراسة من قبل لجنة ممثلة بالجمارك والبنك المركزي وغرفتي التجارة والصناعة وممثل عن الجهة المعنية بالمادة موضوع النقاش ليتم قبول أو رفض الطلب”.

وختم “درغام” حديثه “يومياً هناك مخالفات للبيع بسعر زائد أو عدم مسك دفتر أو تحرير فواتير غير نظامية وهاتين المخالفتين هدفهما تضليل جهاز حماية المستهلك وكل هذه المخالفات يعاقب مرتكبها وفق المرسوم الخاص بحماية المستهلك والوضع اليوم نتيجة الظروف المحيطة لاسيما موضوع المحروقات يجعل ضبط السوق أمر صعب والتجار لا يرحمون”.

أراء الناس والخبراء

اقترح أبو كنان شرف (موظف ورب عائلة) أن يتبع جميع الناس “سياسة الاستغناء” لكبح جماح الأسعار حيث أوضح لتلفزيون الخبر أن “التاجر يرفع السعر على السلع المطلوبة وللأسف غالباً ما تكون أساسية لذلك يتحكم بالسوق وفق هواه وعليه إذا استغنينا عن المواد التي يرتفع سعرها بشكل دوري يخف الطلب عليها فينجبر التاجر أو صاحب المعمل أو المستورد أو أي جهة كانت على تخفيض الأسعار”.

وعلق الخبير الاقتصادي عمار يوسف في حديثه مع تلفزيون الخبر على كلام الداعين ل”سياسة الاستغناء” كحل أمام ارتفاع الأسعار بقوله “نحن مجبرون على الاستغناء من يمكنه شراء البيض مثلاً وهو يعادل 17% من راتب المواظف أو 10 ليتر بنزين والتي تعادل بقيمتها كامل الراتب تجاوزنا مرحلة الاستغناء ودخلنا في نطاق الحرمان من أبسط أساسيات الحياة”.

وتابع “يوسف” حديثه “لم يتبق للمواطن سوى السماء لحل أزماته وليس هنالك حلول اقتصادية ناجعة مع هكذا واقع لا يوجد به اقتصاد أساساً فلا يوجد أي حل إلا إذا قامت الحكومة بدعم حوامل الطاقة واتخذت إجراءات اقتصادية تدعم المواطن فهو لا يمكن له اجتراح المعجزات”.

وبخصوص سياسة العطل وقت الأزمات أشار “يوسف” إلى أن “هذه الحلول التي تنتهجها الحكومة مؤخراً تؤدي لشلل كامل بجميع مرافق الحياة الخدمية والتجارية عدا عن توقيف توزيع المازوت على وسائط النقل بحجة توفيرها لكنهم في الوقت ذاته حرموا المواطن من الحركة”.

وأضاف الخبير “علاوه على كل ما سبق توقيف المعاملات الحكومية والبنوك والأمور التجارية فلا يوجد للعطل أي إيجابية ولا يمكن أن نراها سوى هروب من حل المشكلات والتحجج بأن الهدف من العطل توفير المحروقات مثلاً فكيف يوجد محروقات بالسوق السوداء خارج العطلة”.

ووافق الصحفي محمد سليمان في مستهل كلامه مع تلفزيون الخبر على فكرة عدم وجود حلول متاحة للمواطن لتخفيض الأسعار “الموضوع أكبر من حجم فرد وبحاجة تغيير جذري بعقلية المؤسسات وأساليب تعاطيها مع الأزمات والأهم إزالة الشرخ بين المواطن والمؤسسة”.

واعتبر “سليمان” أن “الحلول المتاحة بيد المواطن معدومة كلياً فثقافة الشكوى على سبيل المثال غير مجدية فلمن سنشتكي هل نشتكي لمن نريد الشكوى عليه وهل ستسمع شكاوينا سواء عبر المؤسسات أو الإعلام”

جمعية حماية المستهلك:نطالب أن نكون ضمن لجان التسعير في الوزارة

وتحدث نائب رئيس جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة لتلفزيون الخبر “نطالب كجمعية أن نكون ضمن لجان التسعير في الوزارة وموضوع غلاء الأسعار معقد وألية ضبطه تعتمد على ضبط عمليات الاستيراد وتقييم التكاليف سواء الخارجية أو الداخلية للمنتجات”.

ونوه “حبزة” إلى أن الجمعية “اقترحت عدة حلول لمعالجة غلاء الأسعار أهمها خفض تكاليف الانتاج بالنسبة للتجار وموضوع الضرائب والضمائم وتأمين حوامل الطاقة للمعامل وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار إذا ما ترافق مع نشاط دوريات التموين وتطبيقها للمرسوم رقم 8 يضاف إلى ذلك رفع القدرة الشرائية للمواطن”.

ورأى “حبزة” أنه “من يملك السلعة يملك السعر والسورية للتجارة لا تملك السلعة وتستجر موادها من التجار عبر عقود شراء أو من قبل المنتجين كالفلاح وهذه الألية لم تفعل كما يجب لذلك ارتفاع الاسعار مستمر طالما التكاليف ترتفع ويجب التنسيق بين جميع الجهات المعنية لتخفيض تكاليف الانتاج وبالتالي انخفاض الأسعار”.

وأكد “حبزة” على ضرورة “دعم الدولة للفلاحين بخصوص الأعلاف والبذار والأدوية وحوامل الطاقة وفتح مجال الاستيراد عبر شركة مساهمة بين الدولة والتاجر لتأمين الأعلاف فينسحب ذلك على أسعار البيض والفروج”.

وأشار “حبزة” إلى أن “ألية المراقبة لدى الوزارة لم تحقق البعد المراد له من قبل المواطنين فإمكانيات الوزارة قليلة لضبط الأسعار ولا تتعدى الجولات على الأسواق وسط قلة عدد المراقبين وصعوبة التنقلات”.

يذكر أن “أهل الكهف” وفق الرواية القرآنية احتاجوا ثلاثمائة عام ونيف من النوم حتى استيقظوا وتفاجئوا بغلاء الأسعار على عكس السوري الذي لا يحتاج سوى لبضعة أيام أو ساعات أحياناً حتى يتغير عليه سعر أي منتج دون معجزة سماوية .

جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى