“اتفضّل اشرب قهوة”.. عبارة تنضمّ لقائمة الممنوعات في يوميات السوريين
اختلفت “سارة” (70 عاماً) مع أختها “فاديا” التي تكبرها بعامين ويترعرعن في منزل عربي بحارة “الجورة” في باب توما، بعدما اقترفت خطأ اعتبرته الأخيرة كبيراً وغير مبرر في قولها للجار “اتفضّل اشرب قهوة”.
واعتقدت “سارة” أن “أختها الكبرى مازالت توبّخها “عالطالعة وعالنازلة” مثلما كان الحال في أيام الصغر بسبب حبّها للدردشة مع الجيران، بما يخالف أعرافهن وتقاليدهن ويندرج بقائمة الممنوعات، إلا أن “فاديا” كان همّها الوحيد هو كيف تقدّم القهوة للضيوف في ظل “غليان” أسعارها؟”، بحسب ما قالت لتلفزيون الخبر.
و”المضحك المبكي” أن ركوة القهوة التي كانت ملكة صباحات أغلب المنازل السوريّة، والتي كانت حاضرة في جمعات الأقارب، ومُرافِقة لباعة المحال أثناء جدالهم في لعبة طاولة “الزهر”، لعب الأخير دوره وقلب الموازين لتصبح القهوة هي الضيفة التي تكاد تزور الكثيرين بالشهر “مرّة”.
وعلى ذكر عدد المرات، هل بات “شريّب القهوة” مضطراً لعملية حسابيّة في معرفة كم ملعقة قهوة يُنفق يوميّاً عندما يذوب أمام رائحتها وتحترق جيوبه في شرائها، بما يقارب 55 ألف ليرة سورية وسطيّاً للكيلو الواحد؟.
ونسيَت بعض العائلات مذاق القهوة، والبعض الآخر استغنى عن مفردة “كيلو” بما يخص هذه المادة ليُجاري منهجية الحياة وقساوتها، فبات الموظف “الدرويش” يعجز عن شراء القهوة إلا بالملعقة في قوله: “حطلي غلوة قهوة لو سمحت”.
وكلمة “لو سمحت” كثيراً ما يتداولها أفراد إحدى العائلات بين بعضهم عندما يطلب أحدهم أن يحظى بقليل من وقيّة القهوة التي يشترونها كل أسبوع بما يصل إلى 10500 ليرة سورية، علماً أن العائلة المؤلفة من 4 أشخاص تحتاج إلى نصف كيلو قهوة وصل سعره إلى 27.500 تقريباً كل 15 يوم إذا قرّرت شرب القهوة مرّة واحدة يوميّاً.
أما إذا ” ولابدّ وعسى” غامرت هذه العائلة واستضافت الزوار مرّة كل أسبوع، فهي تحتاج فوق النصف كيلو من القهوة إلى “حبّة بركة” لكي لا يسودّ وجهها أمام من تستقبل، وبالتالي تلجأ إلى خصم مباشر بقيمة 55 ألف ليرة سورية لشراء القهوة من راتب أول موظف موجود في المنزل والذي يستحوذ على مايقارب 150 ألف ليرة شهرياً.
ولابد من الأخذ بعين الاعتبار “الهيل” الذي أصبح مشكلة أساسية عند شراء القهوة لأن البائع كلما وضع المذكور في القهوة يزيد السعر على الفاتورة من 1000 إلى 5000 ليرة عن القهوة العادية، عدا عن لونها الأشقر أو المحروق الذي يفارق أيضاً في سعرها، بحسب نوعها.
وفي نهاية المطاف، ربما يدفع المواطن الكثير ليحظى بفنجان قهوة خفيف بعد أن أحبّه ثقيل وغامق اللون، وربما بات “مجبر أخاك لا بطل” في استبدال الشرب من الكأس الكبير إلى “شفّة” قهوة نظراً للأحوال الخانقة التي تمر بها البلاد في سوء الأوضاع الاقتصادية وصعوبة تأمين الحاجات الأساسية، فهل يعود السوري يوماً إلى شرب القهوة عالمفرق بالقرب من موقد ونار؟
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر