العناوين الرئيسيةفي الغربة

بعد أن عاشوا في دول جديدة .. هل تغيرت أولويات التشجيع لدى السوريين في الغربة؟

تُروى مئات الحكايات على لسان المشجعين السوريين لدى سؤالهم عن سبب انتمائهم لفريق كرة قدم بعينه، فمنهم من ذاب في عشق فريق بسبب لون قميصه، وآخر لكونه الفريق المفضل لدى عائلته أو أحد أصدقائه، ومنهم من أحب فريقاً لانتصاراته المتكررة.

 

لكن غالباً ما تكون المنتخبات أول غرام رياضي، فهي أول ما نشتبك معه رياضياً في مطلع عمرنا، فنختار منتخبنا لمؤازرته أينما حلَّ وارتحل، في حين يكون تشجيع فريق آخر إرضاء لما تحمله الكرة من عشق عابر للجغرافيا.

 

ولأن للمغترب حياة جديدة، كان من الممكن أن يبقى أحدهم على تشجيع منتخب شجعه في بلده، في حين يكون لغيره رأياً مختلفاً وتفاصيل قد لا نعرفها عن سبب تبديل انتمائه لمنتخب آخر بعد سفره وارتباطه بأرض جديدة.

 

هل تغيرت أولويات التشجيع لدى السوريين في الغربة؟

 

حمل بعض السوريين منتخبهم الوطني وما يشجعون من فرق وأندية في قلوبهم وحقائب سفرهم إلى بلدان مختلفة تفرقوا فيها في العالم، في حين كان لتغيير المكان لدى البعض منهم تأثير على الانتماء الرياضي، فبدلوا منتخباتهم مع تبديل الجغرافيا التي يسكنون بها.

 

ويقول علاء ابن اللاذقية، مغترب في هولندا منذ عام 2015، لتلفزيون الخبر أنه: “قبل السفر كنت أشجع انكلترا، أما بعد السفر، تغيرت الميول وأصبحت ميولي لهولندا”، مؤكداً أنه في حال التقى المنتخبان، سيكون ميالاً لهولندا.

 

ويوضح علاء لتلفزيون الخبر تجربته وقناعته بهذا الخصوص ويقول: “بعد وصولي هولندا، مرت سنوات كنت فيها باقياً على عواطفي مشجعاً انكلترا لما كانت عليه الظروف الرياضية حينها، كغياب هولندا عن كأس العالم عام 2018 مثلاً، الأمر الذي لم يضطرني لخوص تجربة الاختيار أو التغيير بعد”.

 

وتابع علاء: “لكن حينها كان من المحتمل أن يتأهل منتخب سوريا لكأس العالم، مما طرح سؤالاً من الهولنديين عليّ حينها: “في حال واجهت سوريا هولندا بلعبة ما، من ستشجع؟، فأجبت تلقائياً أنني مع سوريا، البلد الأم لي”.

 

واضاف علاء: “احترم الهولنديون هذا الشيء، لكن بعد هذا السؤال، راودني سؤال ضمنياً أنه لو كانت لعبة هولندا المفترضة مع منتخب آخر غير سوريا، من كنت سأشجع؟”.

 

وأردف علاء: “وهذا السؤال كان بفترة تغيير مكان سكني، والجماعة استقبلونا واحتضنونا، فكان من المعيب جداً أن أفرح لفوز انكلترا ضد هولندا وتمنيت أن لا يحدث السيناريو”.

 

وتابع علاء: “فقررت بعدها وبعد حصولي على الجنسية، أنني أولاً هولندي، وثانياً مع انكلترا، لأنني منسجم مع الشعب الذي أتواصل معه، وبعد ماكنت أحزن على خسارة انكلترا، أصبحت أفرح لخسارتها، وأحزن لخسارة هولندا، وتحول الانتماء من مستحى إلى قناعة”.

 

وأضاف علاء: “لليوم ورغم أنني مع هولندا في أي بطولة، وهو المنتخب الأول الذي أشجعه، لليوم إذا بتلعب سوريا وهولندا، فأنا مع سوريا، في حين أنني سأحترم رغبة ولدي في المستقبل في أن يشجع ما يشاء، لكونه سيولد في هولندا لأب وأم سوريين”.

 

ويقول فادي ابن اللاذقية لتلفزيون الخبر: “سافرت ع أمريكا ب2016، كنت و لسّاتني بشجع إسبانيا، ما تغيّرت الميول، و عم شجّع أمريكا كمان”.

 

ويقول محمد ابن مدينة حمص لتلفزيون الخبر: ” أنا وصغير ابن خالتي سافر ع ألمانيا وحكالي عن الفريق وحبيتو، ولما كبرت سافرت ع ألمانيا وحبيو اكتر، وضليت عم شجع هالفريق وهالبلد يلي عطاني كتير”.

 

ويقول تمام ابن اللاذقية: “سافرت لألمانيا 2016، كنت شجع إيطاليا ولساتني بشجع إيطاليا بس ايطاليا ما تأهلت، ورغم إني كنت ماحب ألمانيا أبداً قبل السفر, حالياً تغير الوضع ،متعاطف معهم كتير وصرت أشعر أنو بيهمني أمرهم”.

 

ويتابع تمام: “ماكنت طيقهم قبل السفر، بس هون درست واشتغلت وعشت وتعرفت عالناس فصرت بشعر انو بتشارك معهم أمور كتيرة”.

 

ويوضح تمام: “الإنتماء برأيي بيتكون، مابيجي مع الواحد متل ماكنا نفكر، الإنتماء الرياضي مثال، زيادة المعرفة بالمجتمع بتخلينا نحبهم اكتر أو نكرههم اكتر، الانتماء برأيي كائن صغير وبيكبر، بالتالي صناعة اكتر ما وراثة”.

 

ويضيف تمام: “مبارح كنت بالنمسا وكانت للصدفة عم تلعب إيطاليا والنمسا مباراة ودية، ربحت النمسا 2-0، ما انزعجت أبداً، بالسابق كنت كتير اتدايق لايطاليا اذا تعادلت، مو يعني بطلت حبها بقدر انو علاقتي كشخص بمجتمع بيحكي ألماني تغيرت وصرت نوعاً ما ولحد ما افهمهم فانبسط لبسطهم”.

 

ويختم تمام لتلفزيون الخبر: “إيطاليا وفرنسا، إيطاليا وهولندا مثلاً، فأنا اكيد مع إيطاليا، ‏بس المانيا والنمسا ضعيف بمشاعري تجاههم‏”.

 

تدور الرياضة حول الهوية والارتباط والعاطفة والتاريخ والإثارة، لذلك نحن لا نشجّع الفرق التي تفوز، بل نبحث بانتمائنا لها عن شعور فوز ما نحب، ولهذا ينتمي مشجعون إلى منتخباتهم مهما كان تاريخها مأساوي من الهزائم.

 

ولأن الثابت الوحيد هو المنتخبات الوطنية التي يعبر عنها الجميع أنها أغلى ما يحمل أي إنسان في قلبه أينما رحل، كانت باقي التفاصيل التي روت، تأثيرات جانبية لاختيار باقي الانتماءات وتغييرها أو ثباتها، والتي تحمل من المنطق ما لا نعتقد أن تحمله هذه المستديرة على أرض ملعب في العالم.

 

بشرى سعيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى