ترميم المنازل الطينية (السياع) قبل الشتاء.. طقس سوري جزراوي
يعكف المئات من سكان قرى وبلدات أرياف محافظة الحسكة والذين مايزالون يسكنون البيوت الطينية خلال هذه الفترة من كلّ عام على العمل على ترميمها وتجهيزها قبل حلول موسم الأمطار، وذلك لمنع تسرب المياه إليها أثناء فصل الشتاء في عملية تسمى بلهجة أهل الجزيرة “السياع”.
ويسكن أكثر من 90 % من سكان أرياف محافظة الحسكة ،إضافة إلى نسبة تعتبر جيدة في بعض المدن مثل عامودا والدرباسية ورأس العين والحسكة والقامشلي ببيوت مبنية من الطين وذلك لعدة أسباب أهمها المناخ الجوي لمحافظة الحسكة فهذه البيوت التي تحافظ على درجات حرارة معتدلةً صيفاً وشتاءً بسبب سماكة جدرانها.
إضافة إلى قلة تكاليف البناء في البيوت الطينية والتي تستلزم كميات كبيرة من التراب والماء والتبن فقط وهي متوفرة بشكل كبير في الأرياف،مقارنةً بالغلاء في أسعار الإسمنت والحديد المسلح في الأبنية السكنية الحديثة.
ويقول أبو يزن هو أحد سكان قرى ريف محافظة الحسكة الجنوبي لـتلفزيون الخبر بأنه “ما زالت البيوت الطينية شاهدة على ثقافة توارثتها الأجيال في معظم مدن وبلدات شرقي سوريا، لكن صيانتها أمرٌ لا بدّ منه خصوصاً مع حلول فصل الخريف بهدف سدّ الشقوق في الجدران والتأكد من الدعائم وسلامة الأسقف قبل دخول موسم الأمطار في فصل الشتاء”.
ويتابع أبو يزن “مع الدخول في منتصف شهر أيلول حتى نهاية شهر تشرين الأول ، يعمل السكان على تجميع التراب لتنظيفه من الشوائب والحصى بعملية (الغربلة) ،ليتمّ خلط هذا التراب مع التبن الناعم وبعض الملح لمنع نمو النباتات والحشائش نتيجة الأمطار خصوصاً على أسقف المنازل وبإضافة الماء ، يصبح المزيج جاهزاً واسمه (الجبلة)ويترك في وضعه ليتخمّر لمدة يومين أو ثلاثة” .
ويضيف أبو يزن “وفي اليوم الرابع تبدأ مرحلة جديدة من العمل وهي مرحلة ماتسمى (الفزعة) بتشارك شباب القرية والقرى الأخرى أو الحي الذي يتواجد فيه فالكلّ يساعد في العمل لترميم المنزل ثم الانتقال إلى منزلٍ آخر حتى الانتهاء من جميع منازل القرية”.
“وتبدأ عمليات الترميم من السطح ثم الانتقال إلى ترميم الجدران الخارجية لتواجه سيل المياه عليها وتتماسك ويرافق العمل الكثير من العادات ومنها غناء الأغاني التراثية الجزراوية الفراتية والتي تتركز على الغزل والشوق،ومن العادات هي عملية تقديم وليمة دسمة من أصحاب المنزل المرمم للشبان وأصحاب الفزعة”،بحسب أبويزن.
ويرى أبو يزن أنه”إلى جانب الارتباط التراثي بهذه البيوت هناك الجانب الذي فرضته ظروف الطبيعة إذ ليس من السهل بالنسبة لبعض الأهالي استبدالها فضلاً عن كون تكاليف بناء هذه البيوت أقل من تكلفة بناء غيرها وخصوصاً مع الارتفاع الكبير في سعر مواد البناء الحديثة من إسمنت وحديد وبلوك.
تجدر الإشارة إلى أنّ عمليات ترميم البيوت الطينية تمتدّ مابين شهري ”أيلول”و“تشرين الثاني” لكنّ سكانها بمعظمهم يحرصون على القيام بذلك في منتصف تشرين الأول حتى نهاية الشهر لضمان جفاف الطين بشكلٍ جيد وتماسكه.
عطية العطية- تلفزيون الخبر- الحسكة