عن البيسبول .. وأشياء أخرى .. بقلم رئيس التحرير
جلست إلى مكتبي ووضعت أمامي على صفحة (كانت بيضاء) منشور الصفحة الرسمية لوزارة التربية في الجمهورية العربية السورية، لكتابة مادة تناقش ما جاء فيه وتحاكيه بحثاً عن جواب للكثير من الأسئلة التي دارت بذهني منذ اطلعت عليه.
وللأمانة، كنت وصلت لمرحلة من التصالح مع الواقع تجعل “المفاجأة” أمراً يصعب حدوثه في عالمي، كون سقف توقعاتي صارت “حدوده السماء” في كل ما يخص القرارات والتصريحات.
نص المنشور حرفياً من الصفحة المذكورة ..
“مناقشة خطة التعاون وآلية تفعيل لعبة البيسبول في المدارس خلال اجتماع وزير التربية الدكتور دارم طباع وأمين الاتحاد العربي ورئيس الاتحاد العراقي للسوفيتبول والبيسبول علي البلداوي، ونائب رئيس الاتحاد العربي والعراقي الدكتور أحمد الساعدي، ورئيس الاتحاد السوري للسوفيتبول والبيسبول الدكتور محمد ميهوب علي، ومدير التربية الرياضية في وزارة التربية الدكتور عبد الحميد زرير بحضور عضوي مجلس الشعب السوري ماهر قاورما وعروبة محفوض.
حيث تم مناقشة متطلبات لعبة البيسبول وادخالها للمدارس وأهميتها ودورها في تنمية اللياقة البدنية للطلاب، وإبعادهم عن الألعاب العنيفة.
وأشار الوزير طباع لأهمية التعريف باللعبة اعلامياً وتدريب الموجهين ثم المدرسين عليها وفق خطة ممنهجة وتنظيم مباريات تشجيعية فيها، فيما أشار البلداوي الاستعداد لتدريب المدرسين حول تفاصيل اللعبة وتخطيط الملعب وتقديم الدعم اللازم لانجاحها في سورية”
انتهى الاقتباس..
كنت أود الكتابة عن “لعبة البيسبول” ، تاريخها، أدواتها، ملاعبها، مدى ملاءمتها لمدارسنا التي هي آخر ما تحتاج اليه بطبيعة الحال، رمزيتها كونها اللعبة الشعبية الأولى في أمريكا، وفقط في أمريكا وكندا.
كنت أود الكتابة عن “السوفيتبول” والأخ “قاورما” عضو مجلس الشعب والأخت “عروبة” وعن حيثية وجودهما بصفتهما في مثل هذا الاجتماع.
كنت أود الكتابة عن البديهيات، وعن كيفية الوصول إلى منطق مشترك دون بديهيات، نحن نختلف على البديهيات، ولاحقاً ترتيب الأولويات .
كنت أود الكتابة عن العالم الموازي أو الأكوان المتعددة، والتي يقول غوغل أنها ” عبارة عن مجموعة افتراضية متكونة من عدة أكوان متوازية لكل كون طبيعة فيزيائية خاصة به تختلف عن الآخر”.
كنت أود الكتابة عن عمن يقرأ، أو يتابع، وهل فعلا طلب عبد المطلب بن هاشم 200 ناقة من أبرهة الحبشي وقال له للبيت رب يحميه؟
كنت أود الكتابة عن طفل صغير “تلميذ” في مدرسة بمدينة ساحلية صغيرة، سقطت فوقه “عارضة الملعب” ، إن صحّت تسميتها عارضة وصحّت تسميته ملعب، في باحة مدرسته المتهالكة، فأصيبت يده و “أكل نصيبه” من الشتائم والضرب لأنه لم ينتبه إلى ” العارضة ” التي تكاد أن تقع منذ أشهر ، ووقعت فوقه، رغم تصريحات إتمام استعدادات بداية العام الدراسي التي تناقلناها مع هزة في رؤوسنا بالتواطؤ.
كنت أود استجداء الكلمات لتخون أفكاري، وألا أكشف جهلي وضعفي أمام لعبة البيبسبول، اللعبة الوحيدة التي عجزت عن فهمها منذ سنوات. ربما هم أقوياء و”اجتمعوا” لأنهم يعرفون قواعد اللعبة.
كل ما استنتجته، من اللعبة، أن هنالك طرفان، طرف يضرب بالعصا، وطرف يحاول التقاط الضربات، وأحدهما أو كلاهما يركض، وجماهير تصفق !
كنت أود الكتابة عن الأبنية المدرسية، الوظيفية، وشبك نوافذها، عن الأسوار والمساحات الخضراء، عن المساحات الآمنة حتى! عن المخابر المدرسية المنتظرة والمكتبات! عن أجيال من أطفال لعبت “الدحل” و “الصّيّاح” و “الشيش” و “الفيشة” ماذا فعلت بأوطانها؟!
كنت أود البحث حتى عن جرائم ارتكبت بمضارب بيسبول، وسعر أغلى مضرب بيسبول، وأفضل المواد لتصنيع مضرب بيسبول ومساحة ملعب البيسبول وفوائد لعبة البيسبول ومضار لعبة البيسبول وكيف تروج للعبة البيسبول في مجتمعات عالقة في عنق الزجاجة.
كنت أود الكتابة عن الخيبات التي أورثتنا إياها كرة القدم، اللعبة الشعبية الاولى في مضاربنا، وحكاية “ارفعها للسوما” المكسيكية، والفساد الذي يعتري مفاصل اللعبة.
كنت أود الكتابة عن الكثير من الأفكار بحثاً عن إجابات، فوجدت نفسي أمام أسئلة جديدة، واكتشفت أنه إذا كان علينا أن نكتب عن البيسبول، فيجب أن نكتب عن السوفيتبول. فقررت عدم الكتابة.
رئيس التحرير – عبد الله عبد الوهاب