حمصي يبيعُ الحظ للحالمين .. بائع اليانصيب” أبو سامر” مَعلمٌ من معالم حي الزهراء
” يالله يا نصيب، قرب عاليانصيب”..تصدحُ بها حنجرة العم” أبو سامر” قرب إشارة الزهراء بمدينة حمص، مع عدم قدرته على رد كل التحيات التي تقطع نداءه، وهو المحبوبُ بين السكان والمارة على حد سواء.
يقف بثبات السنديان، رغم سبعين ربيعا ً مرت عليه، مادّاً إحدى يديه المليئة بأوراق اليانصيب، والأخرى لترتيب بضعة حقائب استهوته تجارتها منذ بضعة سنين.
تنهال عليه التحيات، “صباح الخير يا أبو سامر”،” كيفك يا أبو سامر”، فيردّ بأحسن منها بجملته المشهورة” أهلا يا عيني سلّمك الله” ، ليكمل بسيلٍ من الأسئلة عن الأهل والصحة والعمل ومشاكل الحياة.
وتغمر وجهه ابتسامة عريضة عندما طلبنا منه بعض الصور بجانب بسطته المرتبة التي لا تتجاوز مساحتها متراً مربعاً، واقفاً بجانبها ناظراً إليها نظرة الحب، فهي مورد رزقه بعد أن خرج للتقاعد.
ثابتٌ لسنوات في مكانه، صيف شتاء، من “الفجر وحتى النجر”، لم تمنعه آلام السنين من مزاوله عمله، وحتى إصابةٌ حديثةٌ في عينه لم تخضع إرادته، بل وقف وما زال ليل نهار في مكانه، ليصبحَ معلماً من معالم الشارع والحي بأكمله.
يشيحُ بنظره بعيداً مع تنهيدة عند سؤاله عن أحواله في ظل الوضع الراهن، إلا أن إجاباته كانت تبدأ دائماً ” الحمدلله يا ابني”، ويضيف لتلفزيون الخبر” حالنا كحال الجميع، الغلاء مرعب، وأسعار المواد لاذعة لا ترحم، لذلك فالعمل هو الحل الوحيد”.
وبحسرة يمكن ملاحظتها في عينيه، التي خضعت إحداها لعملية جراحية منذ مدة قصيرة، يقول” والله لسا عيني ما طابت”، لكنني كرهت الجلوس في المنزل شهرين متواصلين، حتى كادت “تفقع مرارتي”، مع انتظار موافقة الطبيب للخروج من المنزل على أحر من الجمر”.
وعن بيعه لليانصيب والحقائب، يتحدث أبو سامر بفخرٍ لتلفزيون الخبر” زبائني من كل المهن والاعمال والفئات العمرية، فالنصيب لا يعرف مهنة محددة، وأدعو للجميع بربح الجائزة الكبرى، أو مبلغ زهيد يعيد له ثمن الورقة التي دفعها”.
ويتابع” أما الحقائب فمعظم زبائني من الشباب وخصوصاً طلاب الجامعة وغيرهم، ممن يحتاحون لحفظ أوراقهم الثبوتية واصطحابها معهم خلال تجوالهم”.
ليقطع أحد زملائه حديثنا قائلاً، “ثواني، صورني مع عمي أبو سامر”، ليعرفني عن نفسه بإسم “علي حسين”، مصرّاً على التقاط صورة تذكارية مع زميله الذي شاركه المهنة سنوات طوال”.
محدّقاً بالشمس وكف يده على عينه المصابة، ليحجب عنها ما يستطيع من أشعة ضارة أوصاه طبيبه بذلك،” يا الله يا كريم الحمدالله، حول نتغدى يا عمي”، ويلحّ أبو سامر مراراً على تلبيتنا لدعوته في منزله بحي العباسية.
ويبدأ بتوضيب الحقائب في حقيبة كبيرة مخصصة لذلك، ليدفنها بعدها في حجرة صغيرة مخصصة لذلك ضمن عربة صغيرة طالما ساعدته على حمل رزقه مئات الأمتار.
“وجه الضو بتلاقيني هون كل يوم”، بعزم وتأكيد يخبرنا العم “أبو سامر” بموعد مجيئه إلى متره المربع قرب إشارة الزهراء، مع دعوة لشرب فنجان قهوة برفقته في الصباح، لأن “القهوة مع فيروز غير شكل”، يقولها وهو يبتعد بعربته وصوته ما يزال يصدح ” يالله يا نصيب”.
عمار ابراهيم – تلفزيون الخبر – حمص