“بيلوسي” تشعل فتيل العداء مجدداً.. أبرز محطات العلاقات الصينية التايوانية
وصلت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان مساء الثلاثاء في تحد لتحذيرات وتهديدات شديدة اللهجة من الصين، أدّت إلى تصاعد التوتر بين القوتين العظميين.
وغرّد حساب “بيلوسي” الرسمي على “تويتر” بعد لحظات من وصولها “زيارة وفدنا لتايوان تكريس لالتزام أمريكا الثابت بدعم الديمقراطية النابضة في تايوان، ولا تتعارض بأي حال من الأحوال مع السياسات الأمريكية تجاه تايوان وبكين”.
من جانبها، استدعت الصين السفير الأمريكي لديها احتجاجاً على الزيارة التي وصفتها بـ “الشنيعة”، وأعرب نائب وزير الخارجية الصيني شيه فنغ خلال حديثه مع السفير نيكولاس بيرنز عن “احتجاجات قوية” لبلاده على زيارة بيلوسي للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين جزءاً من أراضيها.
وعلّق وزير الخارجية الصينى وانج يي، على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان، قائلاً إن “الصين لن تترك مجالاً لعمل القوى الداعية لاستقلال تايبيه”.
وأضاف الوزير: “لا شك فى أن تحقيق التوحيد الوطني الكامل للصين مع جزيرة تايوان يعتبر نزعة عامة وحتمية تاريخية”، مشدداً على أن كل الجهود التى تدعم بها الولايات المتحدة استقلال الجزيرة، ستتكلل بالفشل.
ونصح الوزير الصيني، الولايات المتحدة بأن لا تحلم بإعاقة القضية العظيمة لإعادة توحيد الصين، مطالباً الولايات المتحدة بالتوقف فوراً عن لعب “ورقة تايوان” لإشاعة الفوضى فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
بدورها، وعدت وزارة الدفاع الصينية “بأعمال عسكرية محددة الأهداف”، عبر سلسلة من المناورات العسكرية حول الجزيرة تبدأ الأربعاء، بما في ذلك “إطلاق الذخيرة الحية بعيدة المدى” في مضيق تايوان الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي للصين.
كذلك أعلنت الصين الأربعاء تعليق استيراد بعض أنواع الفاكهة والأسماك من تايوان وتصدير الرمال الطبيعية إلى الجزيرة، ردّاً على الزيارة، وتعد الصين أكبر شريك تجاري لتايوان، حيث سجّل التبادل التجاري ارتفاعاً بنسبة 26% عام 2021، لتصل إلى 328 مليار دولار.
وفي الولايات المتحدة، قال المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، إن زيارة بيلوسي تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة وهي التأكيد على وحدة الصين (صين واحدة) ولا داعي لتحويل (زيارة بيلوسي) إلى أزمة.
لمحة عن تاريخ “تايوان”
في سنة 1912، كان الحزب القومي الصيني من الأحزاب السياسية الهامة في الصين، وأحد الاحزاب المشاركة في تأسيس الجمهورية والإطاحة بسلالة تشينغ.
واجه الحزب القومي معارضة شديدة من الحزب الشيوعي الصيني منذ وصوله السطلة، وسرعان ما تحوّل الخلاف بينهما الى صراع مسلح.
انتهى الصراع بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بهزيمة الحزب القومي الوطني الذي غادر الصين باتجاه جزيرة تايوان وحاول تأسيس دولة جديدة مستقلة عن الصين.
تسمّي تايوان نفسها “الجمهورية الصينية” وكانت تدعى قديماً ييتشو وليوتشيو.
محطات في العلاقات الصينية – التايوانية
بدأت العلاقات بين الصين وتايوان تتحسن في الثمانينيات، وطرحت الصين صيغة تعرف باسم “دولة واحدة ونظامان” تمنح بموجبها تايوان استقلالية كبيرة إذا قبلت إعادة توحيد الصين.
تم إنشاء هذا النظام في هونغ كونغ لاستخدامه كعرض لإغراء التايوانيين بالعودة إلى البر الرئيسي.
رفضت تايوان العرض، لكنها خففت من القواعد الخاصة بالزيارات والاستثمار في الصين.
وفي عام 1991، أعلنت تايوان انتهاء الحرب مع جمهورية الصين الشعبية في البر الرئيسي.
كانت هناك أيضاً محادثات محدودة بين الممثلين غير الرسميين للجانبين، لكن إصرار بكين على أن حكومة جمهورية الصين التايوانية (ROC) غير شرعية، تسبب في عدم إمكانية عقد الاجتماعات بين الحكومات.
وفي عام 2000 عندما انتخبت تايوان تشين شوي بيان رئيساً، شعرت بكين بالقلق، وكان تشين قد أيد صراحة “الاستقلال”.
بعد عام من إعادة انتخاب “تشين” عام 2004، أصدرت الصين ما يسمى بقانون مناهضة الانفصال، والذي ينص على حق الصين في استخدام “الوسائل غير السلمية” ضد تايوان إذا حاولت “الانفصال” عن الصين.
خلف تشين شوي بيان في الرئاسة ما يينغ جيو، الذي سعى بعد توليه منصبه عام 2008 إلى تحسين العلاقات مع الصين من خلال الاتفاقيات الاقتصادية.
وبعد 8 سنوات وفي عام 2016، انتخبت الرئيسة الحالية لتايوان تساي إنغ ون.
وتقود “تساي” الحزب الديمقراطي التقدمي (DPP)، الذي يميل نحو الاستقلال الرسمي النهائي عن الصين.
بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية لعام 2016، تحدثت إليه “تساي” عبر الهاتف في مكالمة مثيرة للجدل، نُظر إليها على أنها خروج عن السياسة الأمريكية الموضوعة عام 1979، عندما قطعت الولايات المتحدة العلاقات الرسمية مع الجزيرة.
وعلى الرغم من الافتقار إلى العلاقات الرسمية، تعهدت الولايات المتحدة بتزويد تايوان بأسلحة دفاعية وشددت على أن أي هجوم من جانب الصين من شأنه أن يثير “قلقاً كبيراً”.
طوال عام 2018 ، صعّدت الصين من ضغوطها على الشركات الدولية، وأجبرتها على إدراج تايوان كجزء من الصين على مواقعها على الإنترنت، وهددت بمنعها من ممارسة الأعمال التجارية في الصين إذا لم تمتثل.
لكن “تساي” فازت بولاية ثانية عام 2020، وبحلول ذلك الوقت كانت هونغ كونغ قد شهدت شهوراً من الاضطرابات، حيث تظاهر الكثيرون ضد النفوذ المتزايد للبر الرئيسي (الصين)، وهو تطور كان كثيرون في تايوان يراقبونه عن كثب.
في وقت لاحق من ذلك العام، كان يُنظر على نطاق واسع إلى تطبيق الصين لقانون الأمن القومي في هونغ كونغ، على أنه علامة أخرى على أن بكين أصبحت أكثر حزماً في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، كثفت الولايات المتحدة تواصلها مع تايوان وطمأنت “تايبيه” على دعمها المستمر، وأرسلت واشنطن مسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الخارجية إلى الجزيرة في أول زيارة رسمية من نوعها منذ عقود.
وانتقدت بكين بشدة الاجتماع، وحذرت الولايات المتحدة من “عدم إرسال أي إشارات خاطئة لعناصر استقلال تايوان لتجنب إلحاق ضرر شديد بالعلاقات الصينية الأمريكية”.
وخلال تلك الزيارة المثيرة للجدل، أجرت الصين تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في الممر المائي الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي.
في 2021 ، قالت إدارة الرئيس جو بايدن إن التزامها تجاه تايوان “متين للغاية”.
الدول التي تعترف بتايوان كدولة
تحظى تايوان باعتراف محدود للغاية، ومعظم الدول التي تعترف هي دول جزرية صغيرة ليس لها أي تأثير على السياسة العالمية.
وترفض الصين التعامل دبلوماسياً مع أي دولة تعترف باستقلالية تايوان، كما وتمارس الكثير من الضغوطات على الدول التي تعترف بها لسحب الاعتراف.
في السنوات الأخيرة، نجحت الصين بالفعل في إقناع عدد من الدول بسحب اعترافها.
في سنة 2019، قامت كيريباتي بسحب اعترافها بتايوان، وفي نفس الأسبوع، سحبت جزر سليمان اعترافها أيضاً.
حتى تاريخه، هناك 15 دولة فقط من أصل 196 دولة تعترف باستقلالية تايوان.
علماً أن أول دولة اعترفت بسيادة تايوان كانت مدينة الفاتيكان في سنة 1942، وأخرها هي سانت لوسيا سنة 2007.
يُشار إلى أن أول قمة عقدت بين الصين وتايوان -منذ انفصال الثانية عن الأولى عام 1949- في 7 تشرين الثاني 2015 في سنغافورة، وجمعت هذه القمة التي وصفت بـ “التاريخية” الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره التايواني ما ينغ جيو.
تلفزيون الخبر