آلاف الإصابات سنوياً جراء لدغاتها.. الأفاعي في سوريا: أنواعها وكيفية التعامل معها وماهي الإجراءات الرسمية حيالها؟
مع دخول فصل الصيف تخرج الأفاعي السامة من جحورها وتلجأ إلى المزارع، ويصبح انتشارها في الأماكن العامة أمراً وارداً، هرباً من درجات الحرارة وبحثاً عن الغذاء والماء والأجواء الرطبة، فماذا تعرف عن الأفاعي السورية؟ كيف تحمي نفسك من مخاطرها؟ ماذا عن الإجراءات الرسمية بهذا الشأن؟ وفعاليّة الأمصال المحلية ومدى توافرها؟
بهذا الخصوص، قالت أستاذة علم النسج والتشريح المقارن في جامعة تشرين، الدكتورة نهلة إبراهيم، لتلفزيون الخبر، أن: “الثعابين تعيش معنا في المناخات الدافئة فهي تسعى خلال أحيائنا، المحميات الطبيعية، وحتى في بيوتنا أحياناً”.
وأوضحت “إبراهيم” أن: “خطر وجود الثعابين والأفاعي حاضر دائماً بالرغم من اتخاذ إجراءات وقائية لمنع دخولهم المنازل، وليست جميع الثعابين سامة، إلّا أن الحذر واجب ومطلوب، وعلينا التعامل معها على هذا الأساس”.
كيف تتعامل عند مصادفة الأفاعي؟
وأشارت الاختصاصية إلى أنه: “من الضروري عدم مهاجمة الثعبان بمكنسة أو عصاة، فهو لن يهاجمك إلّا إذا شعر بالتهديد منك، فلن يطاردك أي ثعبان سواء كان ساماً أم لا إلّا إذا شعر بالتهديد”.
وتابعت “إبراهيم”: “أعرف أنك بالنسبة للثعبان مفترس، وسيتجنبك طالما لم تزعجه، وأعلم فوراً أن الثعبان قد شعر بالخطر إذا التف حول نفسه وفتح فمه على اتساعه، فعليك عندها الابتعاد ببطء لتجنّب أي خطر إضافي”.
هل يجب التخلّص من الثعابين؟
وأضافت أستاذة بيولوجيا الخلية: “للأفاعي فوائدها في نظامنا البيئي، فهي تُبقي أعداد القوارض والحشرات تحت السيطرة، صحيح أنك لا تحب رؤية أحدها بالقرب من منزلك، لكن لا يجب عليك قتلها، لأنها تسيطر على الآفات في منطقتك، بالتالي من الضروري التوقف عن العنف ضد الثعابين بسبب ردات فعل مدفوعة بالخوف”.
“ملامح الأفعى السامة”
وحول كيفية تمييز الثعابين السامة أجابت “إبراهيم”: “تكون الثعابين السامة سمينة، كبيرة الأنياب، وعيونها تشبه الشق، كما يجب الانتباه للذيل أيضاً فهي ذي الجرس”.
الأفاعي السورية
وعن الأنواع السامة المنتشرة محلياً، أوضحت الاختصاصية: “أحد الأنواع هو البرجيل المصري الذي يؤثر بشكلٍ مباشر على الجهاز العصبي”.
كذلك” الأفعى ذات الأنف المدوّر، أفعى فلسطين، ولبنان، علماً أن الأفاعي الثلاثة الأخيرة تمّت دراستها في الساحل من حيث التصنيف والتشريح والدراسة النسيجية للغدة السامة والتنميط البروتيني لسمومها”.
وأشارت “إبراهيم” إلى أنه: “يُلدغ سنوياً حوالي 2.5 مليون شخص حول العالم ويفقد أكثر من 100000 حياتهم، جراء تأثير السم العصبي أو تأثيره على عضلة القلب فيوقفها عن التقلّص أو استهدافه لخلايا الدم وتسببه في نخر الأنسجة”.
كيف تتصرف حال التعرّض إلى لدغة أفعى؟
وبالحديث عن الجانب الإسعافي، قال اختصاصي طب الطوارئ والعناية المشددة، الدكتور غيلان حسن، لتلفزيون الخبر، أن: “هناك عدة إجراءات كانت متبعة قديماً عند التعرّض للدغات كربط منطقة اللدغة لحصر السم في منطقة معينة أو جرح المعضوض، هذا ألغي تماماً حقيقةً، ولا ينصح به حالياً”.
وأوضح “حسن” أن: “ما ينصح به الهدوء التام، ومحاولة عدم بذل أي جهد من قبل الشخص المتعرّض للدغ، جعل الجزء المعضوض أدنى من مستوى القلب، طلب الإسعاف سريعاً، ومحاولة الوصول إلى أقرب مستشفى ليتم إجراء اللازم من قبل الأطباء الاختصاصيين وفقاً لمعطيات الحالة”.
وأشار “حسن” إلى أنه: “ليس بالضرورة إعطاء المصل لكل حالة تصل المستشفى، فهذا يتبع للتشخيص ودرجة السمية أو اللدغة التي تمّ التعرّض لها، ولا غنى عن أدوية الالتهاب المستخدمة بهذا الخصوص”.
وبيّن “حسن” أن: “المصل المعتمد محلياً يعطي فعالية جيدة، وأنه لا زيادة بعدد الحالات المراجعة جراء لدغات الأفاعي عن المواسم الماضية، وأن الحالات ضمن المعدّل الطبيعي، ومعدل الوفيات ضئيل جداً بشكلٍ عام”.
باحث: يجب تطوير وتعديل المصل السوري
وقال الباحث في البيئة والتصنيف الحيواني باختصاص الأفاعي السامة، محمد عدنان أحمد، لتلفزيون الخبر، أن: “لدغات الحيات لا تزال تشكّل تهديداً خطيراً، والعلاج الفعّال الوحيد لمواجهة أعراض التسمم هو إعطاء مضادات السموم في الوريد”.
وأضاف “أحمد” أنه: “في سوريا يستخدم المصل المُنتج من مركز الدراسات والبحوث العلمية في علاج لدغات الحيات”.
وأوضح الباحث أن: “البيانات التي تمّ جمعها خلال الدراسة الحقلية للمنطقة الساحلية والتوثيقات والمشاهدات تؤكّد أن هناك أنواع يغطيها المصل السوري لا تتواجد ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية”.
وأضاف “أحمد”: “بذات الوقت هناك أنواع سامة عديدة تمّ توثيقها في مناطق مختلفة من الأراضي السورية لا يغطيها المصل المستخدم، لكن المصل يعطي فعاليّة جيدة وفق بيانات وزارة الصحة ومركز السموم الوطني”.
وأشار اختصاصي الأفاعي السامة إلى أن: “النتائج التي تمّ التوصل إليها خلال دراساته تتطلب تعديل وتطوير المصل المعتمد والذي يتم إنتاجه محلياً ليشمل كافة الأنواع السامة المنتشرة في الأراضي السورية”.
مركز السموم: المصل يجب أن يطبّق في العناية المشددة حصراً
وحول المصل السوري، قال رئيس مركز السموم الوطني الدكتور ماهر قولي لتلفزيون الخبر، أن: “المصل السوري ممتاز، ولا يوجد فيه أي إشكاليّة من ناحية الفعاليّة، من يصل إلى المستشفى وهو على قيد الحياة ينجو، علماً أن دول كالعراق، الأردن، ولبنان كانت تعتمد عليه إلى حد كبير”.
وأضاف “قولي” أن: “مركز السموم الوطني يقدّم الاستشارات حول آليّة استخدام المصل المعتمد محلياً، والذي يجب تطبيقه في العناية المشددة على وجه التحديد”.
الإجراءات الرسمية
وحول خطة وزارة الصحة بهذا الشأن، قال مدير الأمراض السارية في الوزارة، الدكتور زهير السهوي، لتلفزيون الخبر، أن: “هناك مسؤولي تسممات في كل المحافظات، ومهمة المسؤول متابعة تأمين المصول من الوزارة وتوزيعها على مراكز الإسعاف”.
وأضاف “السهوي”: “حيث يتم تأمين المصول اعتباراً من الشهر الثاني من كل عام، وتكون موزّعة وموجودة في مراكز الإسعاف في المشافي الحكومية قبل شهر نيسان”.
وتابع مدير الأمراض السارية: “المصول ضمن الفاعليّة ومجانية، وهناك استمارة خاصة بالسموم يتم إرسالها بشكلٍ دوري من المحافظات”.
ترتفع اللدغات بنسبة 50% خلال عدة أشهر
وأوضح “السهوي” أنه: “خلال شهر أيار وحتى شهر تشرين الأول ترتفع لدغات الأفاعي والعقارب بنسبة 50% “.
الصحة: 0% معدل الوفيات بلدغات الأفاعي
وأشار “السهوي” إلى أن: “عدد الإصابات وسطياً يتراوح بين 7000- 8000 إصابة سنوياً، ومعدل الوفيات المسجّلة حالياً 0% كون المصول متوفّرة، ويتم معالجة الحالات على الفور”.
يُذكر أن الدراسة الوطنية للتنوّع الحيوي في الجمهورية العربية السورية التي أجريت عام 1998 أكّدت وجود 81 نوعاً من الحيات موزّعة في سوريا على خمس فصائل و 81 جنساً، منها 81 أنواع مهددة بالانقراض ومصنفة في اللائحة العالمية.
يُشار إلى أنه من الناحية التقنية يصعب تحديد الحيات والتفريق بين السامة وغير السامة منها، وأبسط طريقة للتفريق بينهما هي من خلال فحص الأسنان الخاصة بها.
شعبان شاميه – تلفزيون الخبر