ما بين “حصين البحر” و”بائع الدبس”.. في ذكرى رحيل المسرحي السوري الكبير سعد الله ونوس
يصادف يوم 15 أيار ذكرى رحيل الكاتب والصحفي والمسرحي سعد الله ونوس الذي وضع مفردات إبداعية تجلّت في أعظم مكان كان يبتغيه ألا هو خشبة المسرح.
ولد الراحل سعد الله ونوس عام 1941 في محافظة طرطوس في قرية وادعة اسمها “حصين البحر” ليغدو البحر عراباً لسعد الله في الإبحار بعالم المسرح والنصوص التي ما زالت تتجلّى إلى يومنا هذا.
درس الراحل “ونوس” في مدارس طرطوس حتى الثانوية، وهذه المرحلة تجلّت لديه في ذرع البذور الثقافية من خلال قراءة كافة أصناف كتب الآداب من شعر ورواية ومسرح لأعظم المؤلفين ما بين شكسبير وجبران خليل جبران.
وبعد الانتهاء من الدراسة الثانوية حصل الراحل “ونوس” على منحة لدراسة الصحافة في القاهرة، وفي مصر انكبَّ الراحل على تعلّم فنون الصحافة وكتابة المقال في عدّة صحف، والتي كانت هذه المقالات تتناول بقسم كبير منها “حادثة الانفصال بين سوريا ومصر”.
حصل الراحل على بكالوريوس في الصحافة، وقبل عودته إلى دمشق خطَّ الراحل إحدى أولى مسرحياته والتي هي “ميدوزا تحدق في الحياة” و عاد لدمشق وعمل في وزارة الثقافة.
أثناء عمله بوزارة الثقافة نشر “ونوس” العديد من المقالات والأبحاث والمراجعات الأدبية والنقدية في عدّة صحف أبرزها “الموقف العربي” و”الآداب” وكتب مسرحيات كرّسته كأديب مسرحي وأبرزها “مأساة بائع الدبس الفقير”.
أصدر الراحل أول مجموعة مسرحية عن وزارة الثقافة وكانت تحت عنوان “حكايا جوقة التماثيل” في كتاب واحد ضمّ 6 مسرحيات منها “الجراد” و”لعبة الدبابيس”.
سافر الراحل “ونوس” إلى باريس لدراسة الأدب الأوروبي والنهضة المسرحية، وصادف وجوده هنالك عام 1967 نشوب أحداث حزيران أو ما نسميها “نكسة حزيران” التي أدمت روح “ونوس” ودفعته لكتابة مسرحيته الشهيرة “حفلة سمر من أجل خمسة حزيران” تعبيراً عن الطعنة التي آلمت فؤاد كل عربي.
عاد الراحل “ونوس” في ذات العام إلى دمشق وقام بعد فترة بالإشراف على “مهرجان دمشق المسرحي الأول” من خلال تنظيمه، وعُرضت على الخشبة مسرحيتين من تأليف الراحل ونوس هما “الفيل يا ملك الزمان” و”مأساة بائع الدبس الفقير”.
إثر ذلك قدّم الراحل العديد من المسرحيات التي أغنت الأدب المسرحي العربي والعالمي برسائلها الأدبية الممتزجة مع ثقافة قلّ نظيرها ورؤية غير محددة العمق، ومن هذه المسرحيات وأهمها “مغامرة رأس المملوك جابر”، و”لماذا وقفت الرجعية ضد أبي خليل القباني” و”رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة”.
برزت مسرحية “طقوس الاشارات والتحوّل” في التسعينات لتعلن أن مؤلفها سعد الله ونوس كتب اسمه كالنقش على صوّان الفن المسرحي العالمي، حيث تمّ عرضها في عدّة أقطار عربية.
ألّف الراحل “ونوس” أكثر من 25 عملاً ما بين مسرحيات ومجموعات قصصية ودراسات أدبية أغنت المكتبة العربية والعالمية على كافة المستويات، لتثبت أن ابن “حصين البحر” كان موسوعي التفكير والرسائل الموجّهة، وغزير الانتاج الأدبي الذي لم ولن تنساه الخشبات والمنصّات الأدبية والمكتبات.
رحل المسرحي السوري الكبير سعد الله ونّوس في 15 أيار عام 1997 بعد صراع طويل مع مرض السرطان، مخلفاً إرثاً يتنوع ما بين الكلمات والخشبات وأكاليل الزهر والدعوة إلى الأمل الدائم “إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ”.
حسن الحايك_تلفزيون الخبر