الخلافات الزوجيّة تؤدّي إلى إدمان الأكل العصبي.. والأطفال هم أول المتورّطين!
بعد شجاره مع زوجته توقّع رامي (40 عاماً)، الذي يعمل بالتجارة العامة أنّها “دخلت غرفة النوم لتوضيب حقائبها والذهاب إلى منزل والديها (حردانة)، لينتهي الحال برؤيتها أمام البرّاد تحضّر وجبتها الرئيسية الخاصة بالانفعال والتوتّر”.
وتحدّث “رامي” لتلفزيون الخبر أنّها “ليست المرّة الأولى التي تلجأ زوجته فيها إلى فعل الأكل العصبي، وخصوصاً في ساعات الليل المتأخّرة، والموضوع غير مرتبط فقط بالمشاحنات اليوميّة بينهما، إنّما ضغوطات الحياة في ظل سوء الأحوال المعيشية تزامناً مع واجباتها تجاه أطفالها قد تدفعها إلى ذلك، وبعد انتهائها يتقلّص الانفعال لديها بعض الشيء، ثم تنام”.
وقال “رامي”: “كثيراً ما ترغب في تناول الوجبات السريعة بهذه الحالة والأكثر من ذلك الحلويّات، وعند الحديث معها عن الموضوع تذهب إلى حالة النكران وعدم الاعتراف بذلك، والتعامل مع الموضوع على أنّه طبيعي”.
وأضاف “رامي”: “الأطفال باتوا يسعون إلى تقليدها، فعند عدم تحقيق رغباتهم يلجؤون إلى تناول الحلويّات بكثرة، دون وعي أو رغبة، بل لكي يشعرون بالرضا، ويبكون ويصرخون لتحقيق مُرادهم”.
وأكمل “رامي”: “تشاجَرت ابنتي مع صديقتها في المدرسة، وعند عودتها تفاجأنا بصرف كل ما لديها من مال لشراء الساندويش والبسكويت بكميات مضاعفة عن التي تتناولها عادة، عدا عن تكرارها لكلمة جائعة عند الملل والحزن والتأنيب”.
بدورها، الباحثة النفسية والاجتماعية والتربوية هبة موسى أكدت لتلفزيون الخبر أن “صاحب الأكل العصبي يعاني ويجلب المعاناة إلى محيطه لأن الأطفال أوٍل المتأثرين به، فهم يقلّدونه وخصوصاً عند الشخصية شبه الضعيفة، فتسارع إلى التقبّل وتفسّر آلامها عن طريق الأكل”.
وأضافت “موسى”: “عندما تلاحظ على طفلك هذا السلوك أسرع لإخبار شخصيّة مقرّبة خارج دائرة المنزل، العم أو الخال مثلاً بشرط أن يكون له اطّلاع عن الموضوع، لكي يزرع الأفكار الصحيحة بما يقوله لطفلك عن حالة والده أو والدته النفسيّة السيئة التي يجب عليه التخفيف عنها بدلاً من تقليدها”.
وقالت “موسى” : “يتم تعديل سلوك الطفل عن طريق العلاج النفسي السلوكي بما يتناسب مع الشخصية في حال كانت عدوانيّة أم سِلميّة، وعن طريق التوجيه الصحيح وليس بالعلاج الإنشغالي لأن اللهوة عند الطفل مؤقّتة، وحكماً سيعاود الأكل عند الانفعال والتوتّر”.
ونفت “موسى” وجود أعمار معيّنة متأثّرة بالأكل العصبي، قائلة: “هي حالة سلوكيّة عامة والوصمة النفسيّة في المجتمع تُتيح للفرد النكران ومواصلة الأكل لكي لا يعترف بمشاكله النفسيّة، والمشكلة الأكبر أنه يتعامل مع الفعل وكأنّه طبيعي”.
وأشارت الباحثة النفسيّة أن “أصحاب الأكل العصبي ينقسمون إلى قسمين الأول فعلهم ناتج عن الوراثة، والثاني مكتسب من العادات”، مشيرة إلى أن “كلا الحالتين تؤدّيان إلى نفس النتائج، وهي الإفراط بالطعام عند الحالات العصبية باختلافها مثل الحزن والقلق والانتظار وغيرها”.
وقالت “موسى”: “يشعر صاحب الأكل العصبي بالراحة عند حصوله على المفرزات الهرمونية التي ينتجها الجسم خلال تناول الطعام على مبدأ شعور السعادة الذي يصل له الإنسان عند تناول الشوكولا”.
وأكملت الباحثة النفسية: “الحالة الطبيعيّة عند الإنسان في حالاته العصبيّة هي عدم تقبّل الطعام إلى حين زوال التشنّجات، والعلاج الأول لأي شخص يعاني من الأكل العصبي هو الاعتراف بالمشكلة، ثم تغيير سلوكيّات الأكل وكميّات الطعام وأنواعها وأوقات تناولها وتغييرحجم الصحون واتباع أنظمة غذائية سليمة لتعديل السلوك”.
وذكر العديد من أطباء التغذية نصائح عديدة لأصحاب الأكل العصبي أهمّها الاحتفاظ بمفكرة طعام، والحصول على الدعم من المقربين، وتخفيف التوتر عن طريق الرياضة، ومحاربة الملل والإحباط والحزن عبر طرق إيجابية أخرى بديلة عن الأكل كتطوير الذات وتعلّم مهارة جديدة.
يذكر أن الأكل العصبي أو الأكل العاطفي هو الإفراط في تناول الطعام بغرض تهدئة المشاعر السلبيّة، ومن الممكن أن يتحوّل الطعام إلى مصدر إلهاء، وحالة مريحة للكثيرين بدلاً من التعامل مع الموقف المؤلم، وغالباً ما تكون الأطعمة مليئة بالسكريات والدهون وعالية السعرات الحرارية، ما يؤدي في بعض الحالات إلى تورّط الفرد بمشكلات صحيّة عدا عن زيادة الوزن وصعوبة نقصانه.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر