“الرابع”.. العيد الذي غاب عن قرى الساحل السوري وبقي بالذاكرة
يجلسُ أبو محمد بين أحفاده، على سجّادٍ محاك يدوياََ من الصوف، يمسك أبريق نحاسيّ ويبدأ بملء كأسٍ زجاجية بالشاي “اكرك عجم”، ويستذكر أيام الشباب لما كان بالعشرين، ووقع حينها بغرام أم محمد، في إحدى أيام عيد الرابع في قريته الجبلية سنة 1960 من القرن الفائت.
يروي الرجل الثمانيني لتلفزيون الخبر حكايته، ويقول: “حتى الطقس تغير، عادةََ ما ننتظر ريّة نيسان باليوم الرابع من الشهر حسب التقويم الشرقي، والذي يصادف 17 من التقويم الغربي، لكن راحت هديك الأيام متل غيرها”.
ويبدأ بالكلام: “يوم الرابع هو استقبال للربيع، كنا نحتفل منذ ساعات الصباح الأولى، يجتمع أهالي عدة قرى في ساحة القرية الأكبر، في البيدر، أو ساحة أحد المزارات المشهورة في القرية”.
ويتابع العم: “كانت تستمر الاحتفالات لسبعة أيام، نغني ونرقص، ندبك بحلقات للدبكة تضم مئات الشبان والشابات، وبالإضافة لاحتفال الأطفال بممارسة مختلف الألعاب المحببة لهم”.
وكنا نتجه لمكان التجمع مع أخوتي والأصدقاء، كانت النسوة يطهين مختلف الأطعمة المصنوعة من اللحم، العجين، البرغل، بعد تقديم الأضاحي، كان الطعام يكفي أهالي القرى كلها،” كان الخير يضل ويزيد”.
ومن أهم الطقوس في أيام عيد الرابع، هو المجوز والطبل، كان الرجال يرتدون الشروال والبدريسة فوقه، والعقال والشملة البيضاء على الرأس، ويجوبون طرق القرية حتى يصلوا لمكان التجمع.
ويذكر أبو محمد أغاني الدلعونا، الميجانا، بصوت النسوة أثناء خبزهن على التنور، ويقول: ” باليوم التالت من العيد، كنت لابس قميص وبنطلون شارلستون جديد، كنت مشهور بشواربي وسوالفي”.
ويحكي قصة حبه: “مسكت عالأَول بالدبكة، وبعد لفتين، أخدت إيدي صبية بتقول للقمر قوم لاقعد محلك، وصارت مرتي، وعيلتنا كبرت لصارت 5 شباب، وأنا وام محمد”.
يذكر أن عيد “الرابع” يعود لشعوب الشرق القديمة، كالآشوريين، البابليين والكنعانيين، وكانوا يحتفلون بقدوم الربيع، ويقدمون الأضاحي للآلهة، ويرقصون لتشجيع الطبيعة على العطاء، بعد عودة الإله “بعل” من العالم الأسفل.
شذى يوسف- تلفزيون الخبر – اللاذقية