عائلات سوريّة “تتفنن” في إعداد طبخات اقتصادية تتناسب مع قدراتها الماديّة
تبرع العائلات السورية في إيجاد طرق لتتحايل على الضيقة المادية التي تعيشها، فسواء في شهر رمضان أو في بقية أشهر السنة، لا بدّ من اختيار الوصفة الأقل تكلفة لإعداد الطعام، إما بحذف أحد المكونات، أو الاعتماد على ما في المنزل، أو بطرق أخرى مبتكرة.
وتقول آلاء، وهي مهندسة موظفة في مؤسسة حكومية، لتلفزيون الخبر، إنها “أعدّت طبخة الملوخية في اليوم الأول من رمضان، بالمكونات المتوفرة في المنزل مع بعض الإضافات من السوق”.
وتتوفر الملوخية ضمن مؤونة منزل “آلاء”، بالإضافة للثوم وزيت الزيتون، وتخلّت عن الدجاج في طبق الملوخية، واستبدلته بـ “ظرف ماجي”، واضطرت لشراء حبتّين من الليمون بـ 500 ليرة.
ورغم أن الطبخة أُعدت بمكونات مؤونة المنزل، وافتقرت لأحد مكوناتها الأساسية “الدجاج”، قررت “آلاء” أن تزيد من الكمية المطبوخة، لتكفي حاجة يومين، وتوفر عناء وتكلفة الطبخ لليوم التالي، بسبب ضيق الحال المادي والوقت.
وتعيش “آلاء” مع زوجها وطفلتها التي لم تبلغ السنة من عمرها بعد، في منزل مستأجر في مدينة طرطوس، وتعتمد هذه الأسرة الصغيرة على راتبي الزوج والزوجة وهما موظفين حكوميين.
الاعتماد على مؤونة المنزل لم يكن الطريق الوحيد للعائلات السورية لإعداد سفرة اقتصادية، بل إن عادة “النذر” وتوزيع اللحم على الجيران، ساندت عائلة “أم ميرا” في إعداد “الطبق الأبيض” في اليوم الأول لرمضان.
وحضرت الشاكرية على سفرة العائلة بلحمها ولبنها وإلى جانبها الأرزّ، وهي الطبخة الوحيدة التي ستعدّها “أم ميرا” خلال الأيام الأربعة الأولى من رمضان حسب قولها.
وحققت “أم ميرا” وفراً كبيراً في طبخة الشاكرية (التي قدّرت أنها تكلف 40 ألف لتكفي أربعة أشخاص)، من خلال إعدادها على الكهرباء (التي يتنعّم بها سكان مدينة دمشق هذه الأيام)، دون الحاجة للغاز، بالإضافة إلى أرزّ السورية للتجارة “الرخيص”، ولحمة “النذر” المقدمة من الجيران، واللبن الذي كلّف 4000 ليرة.
واعتادت عائلة “أم ميرا” في رمضان الماضي على إعداد طبخة يومياً، ويدخل اللبن في مكونات الطبخات الأربعة الأولى من رمضان، إلا أنّها في هذا العام ستكتفي بما تبقى من الطبخة الأساسية، بالإضافة للحواضر والفتّة والفول، مع طبخة واحدة كل أربعة أيام.
ومن جهة أخرى، اختارت كاتيا، وهي ربّة منزل لعائلة مكونة من ثلاثة أفراد، أن تقوم بحشي بعض الأكلات بالدجاج بدلاً من اللحمة، مثل الشيش برك والملفوف والكوسا والباذنجان.
وتقول “كاتيا” (اسم مستعار)، لتلفزيون الخبر، إن “عائلتها ومعظم أقاربها اعتادوا على الدجاج بديلاً عن اللحم في مثل هذه الطبخات منذ سنوات، فهي بذلك لم تلغها من سفرتها، بل خفضّت من تكلفتها الباهظة”.
وتعتمد “كاتيا” على صدر الدجاج مع التوابل اللازمة لإعداد حشوة الأكلات المذكورة، وبيّنت أنها “نسيت طعم الشيش برك المحشي باللحمة أو غيره من الطبخات الأخرى، وتعتقد أنها لم تعد تتقبلها مع اللحم مجدداً”.
ولم يعد المطبخ السوري يشتهر بتنوّعه وعراقته كما يُقال عنه فحسب، بل بات يتفرّد بأكلات مبتكرة وطرق ذكية يتقنها السوريون على مبدأ “جود بالموجود”، ليتأقلموا مع مستوى المعيشة الذي وصلوا إليه بالأجور المتدنية والأسعار التي تستمر في تحليقها عالياً.
وهاج عزام – تلفزيون الخبر