في مثل هذا اليوم.. توفي هيكل الصحافة المصرية
يعد محمد حسنين هيكل أحد أهم أعمدة الصحافة في مصر والمنطقة، فالرجل الذي ترأس جريدة الأهرام المصرية شبه الرسمية لمدة 17 عاما يعتبر مدرسة في الصحافة.
حياة هيكل الممتدة من 23 أيلول عام 1923 وحتى وفاته يوم 17 شباط عام 2016 شهدت معاصرته لرؤوساء مصر في كل الفترات، وبالأخص جمال عبد الناصر الذي جمعته به صداقة قوية.
وعمل هيكل خلال حياته في عدة وسائل اعلامية بداية منذ عام 1942 في صحيفة “ايجيبشن غازيت” التي كان يكتب فيها الروائي الانكليزي المشهور جورج أورويل، وغطى خلال الحرب العالمية الثانية عدة معارك في العلمين في مصر وفي مالطا وفي باريس.
وعمل صحفياً ثم رئيساً لتحرير جريدة الأخبار ومجلة آخر ساعة في عمر 29، ثم صحفياً وبعدها رئيساً لتحرير مجلة روز اليوسف، وغطى خلال تلك الفترة أحداثاً متفردة منها الانقلابات ومقتل حسني الزعيم في سوريا وثورة محمد مصدق في إيران واغتيال رياض الصلح في لبنان واغتيال الملك عبدالله في فلسطين.
وبعد ثورة الضباط الأحرار التي كان هيكل متحدثاً اعلامياً بإسمها أصبح على علاقة قوية ستستمر طويلاً مع قائدها جمال عبد الناصر، واستلم بعدها رئاسة تحرير جريدة الأهرام الأوسع انتشاراً في مصر والتي شهدت خلال فترة رئاسته بين عامي 1957 – 1974 احتلالها مكانة مرموقة بين صحف العالم.
وفي فترة حكم السادات الذي سانده هيكل في بداياتها ما لبث أن تم استبعاده عن مراكز القرار بسبب اعتراضاته وانتقاداته المستمرة لحكم السادات ومنها اعتراضه على التعامل السياسي بعد حرب تشرين 1973، ثم اعتقله السادات عام 1981.
وتروي مواقع الكترونية عن هيكل اتهامه لكل من ملكي الأردن عبدالله الثاني والمغرب محمد السادس بالعمالة لصالح المخابرات الأمريكية CIA ، ذاكراً المبلغ الذي يتقاضونه، ومؤكداً أن ملك المغرب قام بنقل وقائع القمم العربية إلى “اسرائيل” عن طريق شركة اتصالات فرنسية.
وساند هيكل في حياته الروائي المصري نجيب محفوظ بعد الضجة التي أثارها كتابه “أولاد حارتنا”، ووقف حتى نهاية حياته ضد جماعة “الأخوان المسلمين”، وقال صراحة أن ما يشهده العالم العربي منذ عام 2011 ليس ربيعا عربيا بل سايكس بيكو جديد، وعندما أصبح عبد الله السيسي رئيسا لمصر نصحه بزيارة سوريا، وهاجم الحرب السعودية على اليمن، ودعا للتعاون مع إيران وتركيا باعتبارهما قوى كمؤثرة في المنطقة.
وعرف عن هيكل تفضيله العمل الصحفي على الوزارت التي عرضت عليه، فرفض وزارة الإعلام أكثر من مرة مفضلاً البقاء كصحفي، وعند تعيينه وزيرا للإرشاد القومي صدر قرار متزامن باستمراره كرئيس لتحرير الأهرام.
وألف محمد حسنين هيكل أكثر من 20 من الكتب عن مصر وفلسطين وإيران والولايات المتحدة وسوريا وحتى اليابان، ويعد مرجع متخصص فيما يخص العلاقات المصرية – “الاسرائيلية”، وترجمت كتبه ومقالاته لأكثر من 32 لغة وأنشأ عدة مراكز ومؤسسات إعلامية.
وكتب عدة مقدمات كتب لعديد من الكتاب كإدوارد سعيد ونعوم تشومسكي وستيفن غرين، واعتزل هيكل العمل الصحفي في أيلول من عام 2003 بعد أن أتم عامه الثنانين، واتجه نحو التلفزيون وكان أخر عمل له هو تقديم برنامج على قناة الجزيرة القطرية بعنوان “مع هيكل”.
وتوفي هيكل في 17 شباط عام 2016 عن عمر يناهز الـ 92 عاماً في مصر، مخلفاً ورائه إرثاً عظيماً وتاريخاً كبيراً، وثلاثة أبناء من زوجته هدايت تيمور وهم علي وأحمد وحسن.