104 أعوام على “وعد بلفور” وما زالت يد المقاوم على الزناد
حاولت بريطانيا استغلال دعم الحركة الصهيونية أثناء الحرب العالمية الأولى لترجيح كفة الحلفاء ضد الدولة العثمانية، علاوة على اكتساب دعمهم في تمرير مشاريعهم ضمن مناطق النفوذ التي تقاسموها من التركة العثمانية ولا سيما مشروع “سايكس-بيكو”.
حيث التقى المستشار العسكري والسياسي البريطاني السير مارك سايكس في شباط 1917 مع قيادات الحركة الصهيونية متمثلة باللورد “روتشيلد” و”حاييم وايزمان” وذلك في أول مفاوضات رسمية بين الطرفين فيما يخص موضوع فلسطين والسيطرة عليها.
وبدأت بريطانيا عبر وزير خارجيتها اللورد أرثر بلفور خلال الشهور التالية بالترويج للحركة الصهيونية ضمن صفوف معسكرها وعقد لقاءات بين قيادات الحركة وزعماء دول ما يسمى الحلفاء من جهة والتجهيز السري مع القيادات الصهيونية لصياغة بنود “الوعد”.
وفي 31 تشرين الأول 1917 اتخذت الحكومة البريطانية بعد 4 اجتماعات رسمية مع شركاء الحرب قراراً بإعلان “الوعد”.
و قال بلفور حينها “كان من المرغوب أن يكون هناك إعلان مؤيد لتطلُّعات القوميّين اليهود فيبدو أن الغالبيّة العُظمى من يهود روسيا وأمريكا والعالم مؤيدين للحركة الصهيونية فإذا ما قمنا بصياغة إعلان مؤيد لمثل هذا التصور فيجب أن نكون قادرين على القيام بدعاية مفيدة إلى أقصى حد”.
وفي صبيحة 2 كانون الأول 1917 أرسل بلفور عبر اللورد “روتشيلد” إلى أعضاء الحركة الصهيونية رسالة من 4 بنود يتعهد من خلالها باسم ملكة بريطانيا بتأسيس “وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين” والتي كانت نسبتهم حينها بين 3 و5% من نسبة الفلسطينيين وهو ما عُرف لاحقاً باسم “وعد بلفور”.
ونص “الوعد” على أن “تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية”.
وتابع نص “الوعد” أن “على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر”، وهو ما جرى إهماله لاحقاً والذي ساهم بترسيخ إنشاء كيان الاحتلال.
وانطلقت منذ لحظة إعلان “الوعد” وما تلاها مقاومة شعبية فلسطينية ضد الوجود الصهيوني في فلسطين، ومن ثم في وجه دولة الاحتلال التي أُعلن عنها عام 1948 وذلك من داخل فلسطين وخارجها حيث تشكلت حركات المقاومة المسلحة، وقام الأهالي داخل المناطق المحتلة بمقاومة الاحتلال بكل الطرق والسبل من الحجر إلى الطعن والد هس.
وأكد الفلسطينيون عبر سنوات النضال أن “وعد بلفور” هو “وعد من لا يملك لمن لا يستحق” لا يقدم أو يؤخر في أحقيتهم التاريخية والأبدية في أرض فلسطين مهما طال الزمن وأن الحكومة البريطانية خالفت كل الأعراف والقوانين الدولية عبر تقديمها أرض فلسطين للصهاينة.
وأعاد مركز “العودة الفلسطيني” في الذكرى 104 لإعلان “وعد بلفور” مطالبة الحكومة البريطانية بالاعتذار عن الوعد المشؤوم الذي أدى لاحتلال فلسطين من قِبل العصابات الصهيونية والتأسيس لكيان استيطاني على أرض فلسطين.
وجاء مطلب المركز من خلال موقعه الرسمي بعد نجاحه بتنظيم عريضة في الذكرى المئوية لـ”الوعد” عام 2017 عبر جمع 14 ألف توقيع مواطن بريطاني وهو الحد الذي يجبر السلطات البريطانية الرد على العريضة والتي نتج عنها اعترافهم بالتقصير في حماية حقوق الشعب الفلسطيني في نص الإعلان.
وقالت الحكومة البريطانية بحسب وسائل إعلام عالمية وقتذاك “نحن ندرك أن وعد بلفور كان ينبغي أن يدعو إلى حماية الحقوق السياسية للطوائف غير اليهودية في فلسطين ولا سيما حقهم في تقرير المصير، غير أن الشيء المهم الآن هو التطلع إلى الأمام وتحقيق الأمن والعدالة لكل من خلال سلام دائم”.
يذكر أن مسيرة النضال الفلسطيني لم تتوقف للحظة في وجه الألة العسكرية الصهيونية المدعومة بكل سبل الدعم من الولايات المتحدة والغرب وكان أخر تجليات هذا النضال خلال معارك غز ة الأخيرة نصرةً لأهالي حي الشيخ جراح والتي تكبدت خلالها قوات الاحتلال خسائر جلية سياسية وعسكرية.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر