“شواهد بلا أسماء” على الخط الفاصل بين تركيا واليونان
سلّط تقرير لموقع يعنى بالمهاجرين، الضوء على مقبرة بالقرب من الحدود اليونانية التركية في شمال شرقي اليونان، تضمّ رفات أشخاص فقدوا حياتهم في أثناء محاولتهم اجتياز نهر (إيفروس) على الحدود بين اليونان وتركيا، ومنهم سوريون بطبيعة الحال.
وذكر التقرير الذي أعده موقع “مهاجر نيوز” أسماء بعض الأشخاص “المحفورة على شواهد قبور بيضاء في مقبرة تتربع على قمة هضبة بجوار قرية سيديرو التي تبعد نحو 25 كيلومتراً عن الحدود اليونانية التركية” بحسب تعبيره.
“المرحوم مصطفى رهوان (حلب/سوريا 1983 – 2014)، المرحوم محمد فارس عويس (فلسطيني مواليد مخيم اليرموك 1992)، سميه محمودي (أفغانستان 1993 – 2021)” من بين الأسماء التي حُفرت على تلك الشواهد.
لكن معظم الشواهد تخلو من أسماء الراقدين تحتها، وسجلوا كمجهولين.
وبحسب التقرير، فإن أغلب المهجّرين هلكوا إما غرقاً في النهر الحدودي أو تعرضوا لانخفاض حاد في درجة حرارة أجسادهم وتوفوا بين الأحراج والوديان أو واجهوا مشكلات أخرى.
وبحسب الموقع، تصطف شواهد القبور الحجرية البيضاء ويقدر عددها بحوالي 200 لكن لا يبدو أن أحدا يملك معلومات دقيقة عن كيفية سير الأمور في هذه المقبرة، في وضع يماثل إلى حد ما ظروف المهجّرين المارين في منطقة إيفروس، ففي الطريق المؤدية إليها، لا توجد أية إشارة، وحتى داخل المقبرة ليس هناك أي توضيح حول المكان.
ونقل موقع “مهاجر نيوز” عن إمام جامع قرية سيديرو الأقرب إلى المقبرة، قوله “أعمل هنا منذ ثلاثة أعوام، وأتبع الطقوس الإسلامية لدفن الموتى”، لكنه لم يستطع أن يجيب عن أي من الاسئلة المتعلقة بقصة هذا المكان وبدايته، موضحاً: “قبل وصولي بوقت طويل، كان هناك الكثير من الأشخاص المدفونين هنا”.
من جهته، عمدة بلدة سوفلي اليونانية التي تتبع إليها القرية، باناجيوتيس كالاكيكوس شدد على شعوره “بالفخر والامتنان” لوجود هذه المقبرة التي “تمنح الموتى بعض الكرامة”، بحسب تعبيره.
وبحسب عمدة البلدة، فإن المهجّرين الذين استطاعوا التعرف على هويتهم وتأكيد انتمائهم للدين المسيحي، يُدفنون في مقابر أخرى في المنطقة.
وتوفر البلدية تكاليف العناية بالمقبرة والحفاظ على نظافتها عبر تكليف عامل نظافة يأتي من قرية كوموتيني المجاورة مرة واحدة شهرياً، لتنظيف مقبرة المجهولين التي قلّما يدخلها أحياء وزوار.
قبل دفن المهجّرين في هذه المقبرة، تمر جميع الجثث في مستشفى مدينة أليكسندروبولي، يتولى الطبيب الشرعي بافليس بافليديس تشريح الجثث لمعرفة أسباب الوفاة ومحاولة التعرف على هوية الضحايا والتواصل مع عائلاتهم.
منذ بداية العام الحالي، لقي 38 مهجّراً حتفهم في منطقة إيفروس على الجانب اليوناني، وفقاً لما أكّده الطبيب الشرعي لـ ”مهاجر نيوز”.
إلى جانب القبور، حُفرت ثلاثة أماكن في الأرض تجهيزاً لجثث جديدة، قال المفتي “أحياناً تصلنا جثث في حالة تحلل متقدم ويجب البدء بإجراءات الدفن بأسرع وقت يمكن، لذلك نجهز دوماً أماكن دفن جديدة”.
حالات التحلل التي تصيب جثث المهجّرين الموتى ليست أمراً نادراً، يشرح الطبيب أنه في بعض الحالات “من الممكن انقضاء أسابيع قبل أن تعثر السلطات على جثة الضحية، وبذلك تكون الجثة تحللت وتغيّرت ملامحها لاسيما الوجه، خصوصاً في حالات الغرق”.
يُذكر أن التجهيز لدفن الموتى مسبقاً يعكس الصورة القاتمة لوضع المهجّرين في شمال شرقي اليونان، فالمنطقة الحدودية بأكملها محظورة وتخلو من وجود المنظمات غير الحكومية، التي تندد بممارسات حرس الحدود وتتهمهم بإعادة المهجّرين قسراً إلى الضفة التركية، ما يدفع المهجّرين إلى اتخاذ مخاطر أكبر لتجنب الشرطة قبل بلوغ وجهتهم النهائية.
تلفزيون الخبر