موسم المونة يمر “خجولا” في طرطوس .. اختزال وتقنين وإلغاء أيضا
يمرُّ موسم المونة على المواطنين في طرطوس ضيفاً ثقيلاً حاملاً معه عبئاً كبيراً على جيوبهم، والتقشف يخيّم على معظم الأسر في المحافظة، لاسيما “المكدوس” الأكلة الشعبية والمفضلة عند الطراطسة والتي لم تغب يوماً عن المطبخ الطرطوسي، ودائماً ما تتصدّر أولوياته وحاجاته من المونة .
“هذه الأيام أصبح موسم المونة كابوساً مؤلماً” هكذا عبّر أبو محمد (محامي) لتلفزيون الخبر عن واقع الحال البائس الذي وصلنا إليه، والغلاء الباهظ للسلع الغذائية الذي ألقى بظلاله الثقيلة على معيشة المواطنين.
يقول (أبو محمد) لتلفزيون الخبر “لم نعد نتمنى حلول موسم المونة علينا هذه الأيام، لأن الغلاء أصبح لا يطاق وفوق قدرتنا الشرائية، ماقبل الحرب كنا نقوم بتموين لا يقل عن 125 كيلو مكدوس، حالياً لا يمكننا أن نموّن أكثر من 10 كيلو لما يترتب عليهم من تكاليف”.
وتابع (أبو محمد) بالقول “هل يعقل بأن تصل تكلفة 10 كيلو المكدوس إلى حدود 40 ألف ليرة، علماً أن الزيت الذي سيتم استعماله للمكدوس هو زيت قلي رغم ندرة وجوده وصعوبة العثور عليه، ولكنه يبقى أقلّ تكلفة وأرحم من زيت الزيتون”.
وأضاف أن “العام الماضي قمنا بتموين 30 كيلو للمكدوس، ولكن هذا العام ليس بمقدوري أن أموّن أكثر من 10 كيلو”.
“كلّ مالنا رايحين للأسوأ، والله يرحم أيام العز”، بكلمات تشوبها اللوعة والحسرة على مامضى عبّر “أبو يوسف” “موظف متقاعد” عن الواقع المرير الذي وصل إليه حال المواطن السوري.
و يقول أبو يوسف لتلفزيون الخبر “لم يعد هناك كلماتٌ مناسبة تصف واقع الحال التي وصلنا إليها، في الماضي كان موسم المونة بمثابة “عرس” من التحضير والتجهيز والبهجة التي ترتسم على وجوه كلّ الأسرة”.
يتابع “أبو يوسف” بالقول “المونة لم تكن مقتصرة على نوع واحد فقط بل كانت متعدّدة، وتحوي شتّى الأصناف وبكمّيّات كبيرة فمن المكدوس والباذنجان والجوز، إلى شراء البندورة وعصرها ونشرها بأواني على أسطح المنازل لتحويلها إلى “دبس”.
وأردف “أبو يوسف” “وللفليفلة الحمراء حصّة كبيرة حيث يتمّ تحضيرها وتعريقها ونشرها للاستفادة منها “كدبس فليفلة” وفليفلة مطحونة، وأيضاً الملوخية والبامية بالإضافة إلى الباذنجان والقرع “المُقدَّد” لاستخدامهم في فصل الشتاء”.
وأشار “أبو يوسف” إلى أن “المشهد الحالي تغيّر كلّيّا، ولم نعد نشعر بلذّة موسم المونة الذي أصبح يأتي إلينا باهتاً وثقيلاً على جيوبنا وكأنّه همٌّ كبيرٌ نتيجة الوضع المعيشي السَّيِّئ جدّاً، والاختصار والتقشّف هما عنوان تعامل غالبيّة الناس مع موسم المونة في طرطوس”.
بدوره قال صاحب السوبر ماركت (أبو مصطفى) لتلفزيون الخبر إنّ “موسم المونة العام الماضي أرحم وأقلُّ تكلفةً على المواطنين من العام الحالي، حيث شهد سعر كيلو الجوز الممتاز في العام الماضي 16000 ليرة أمّا هذا العام فقد وصل إلى مبلغ 30000 ليرة أي الضعف تقريباً”.
وتابع أبو مصطفى بالقول “أمّا دبس الفليفلة فقد كان سعر الكيلو العام الماضي 3000 ليرة، أمّا اليوم فأصبح يتراوح سعره ما بين 6000 – 1000 ليرة” مبيّناً أنّ “إقبال الناس على شراء حاجاتهم من المونة محدود جداً، من كان يأخذ كمية بالكيلوات العام الماضي، أصبح حالياً يشتري كمية لا تتجاوز نصف الكيلو من دبس الفليفلة و أوقية ونصف الأوقية من الجوز”.
“إقبال الناس على شراء الباذنجان للمكدوس خجول” هكذا وصف “يوشع” بائع الخضار الحركة الشرائية للمواطنين لمونة المكدوس، يقول “يوشع” لتلفزيون الخبر إن “حال المواطن هذه الأيام يُرثى لها “وبينبكى عليه” بحسب وصفه، نتيجة الظروف المعيشية القاسية التي أتعبته وأثقلت كاهله”.
وأضاف “يوشع” أنه “اقتصر اهتمام المواطن على كيفية تأمين طعامه وبشكل يومي، وتكاد تصبح المونة حلماً بعيد المنال عن المواطن البسيط”، مردفاً أنه “سجّل كيلو الباذنجان 1200 ليرة”.
من جهتها قالت “أم محمد” “ربّة منزل” لتلفزيون الخبر إنّ “المونة هذا العام مختلفة تماماً عن الأعوام الماضي من حيث الأسعار والكمية، حيث إنّ أغلب الأسر التي أعرفها اختصرت كثيراً في كمية المونة نتيجة غلاء الأسعار وتزامنها مع بدء المدارس وما تحمله معها من مصاريف”.
وأشارت “أم محمد” إلى أنّه “هذا العام قمْتُ بتموين 10 كيلو من الباذنجان لأجل المكدوس، واستغنيت عن الجوز واقتصرت حشوة الباذنجان على الفليفلة الحمراء والثوم”.
وأردفت “أم محمد” “كما أقوم بغمر “قطرميز” المكدوس بزيت الزيتون مخلوط مع زيت دوار الشمس بسبب غلاء ثمن زيت الزيتون ولتخفيف الاستهلاك عليه”، مضيفة أنه “اقتصرت مونتي على البازلاء والثوم و3 كيلو ورق عنب”.
يُشار إلى أن عزوف المواطنين ذوي الدخل المتوسط والمحدود في طرطوس عن التحضير لمونة المكدوس نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، بالإضافة لتزامنها مع بدء العام الدراسي وتأمين الأسر حاجات أبنائِها الطلاب من قرطاسية ولباس.
علي رحال – تلفزيون الخبر- طرطوس