في ذكرى صبرا وشاتيلا.. “الإنسانية” لا تزال تحابي بين ضحاياها
في ١٦ أيلول، عام 1982 خيم الظلام على بقعة جغرافية شهدت واحدة من أشرس مجازر العصر وأكثرها دموية ضمن ممارسات المحتل “الإسرائيلي”.
وارتبط هذا اليوم بصور جثث الشهداء المكدسة في مخيم شاتيلا للاجئيين الفلسطينين في لبنان (جنوب بيروت) على موعد مع مجزرة استمرت لثلاثة أيام.
وأوقعت عددا كبيراً من المدنيين العزل شهداء، بينهم أطفال ونساء وشيوخ، وهي التي عرفت فيما بعد باسم “مجزرة صبرا وشاتيلا”.
وأصبح ذكر هذا المخيم مقروناً بالمجزرة التي سبقها حصار “إسرائيلي” لمخيمات اللجوء الفلسطينية، وانتهى بضمانات دولية بحماية سكان المخيمات العُزّل بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، لكن الدول الضامنة لم تفِ بالتزاماتها وتركتهم يواجهون مصيرهم قتلاً وذبحاً وبقراً للبطون.
وحدثت المجزرة في مخيم شاتيلا، وحي صبرا اللبناني الفقير، بعد يومين من مقتل بشير الجميل، لتبدو كأنها انتقاماً لخسارة عميل “اسرائيلي”.
وقامت المجموعات اللبنانية بالإطباق على سكان المخيم وأخذوا يقتلون المدنيين قتلاً بلا هوادة، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره، 62 ساعة من القتل المستمر بلا توقف.
و غطت الجثث أراضي شوارع المخيم، قبل أن تدخل الجرافات “الإسرائيلية” لجرف المخيم وهدم المنازل لإخفاء الجريمة.
وقدرت المنظمات الإنسانية والدولية عدد الشهداء، بينهم لبنانيون وعرب وغالبيتهم من الفلسطينيين، بما يتراوح بين الـ 3500 إلى 5000 شخص، من أصل 20 ألف نسمة كانوا يسكنون المخيم وقت حدوث المجزرة.
وبناء على أثر المجزرة، وعلى شكل مسرحية، شكل العدو “الإسرائيلي” لجنة تحقيق خاصة، سميت “لجنة كاهان”، نسبة لرئيسها وأعلنت اللجنة عام 1983 نتائج البحث.
وأقرت اللجنة أن “وزير الحرب “الإسرائيلي” شارون يتحمل مسؤولية غير مباشرة عن المذبحة، كما انتقدت رئيس وزراء العدو “مناحيم بيغن”، ووزير خارجيته “اسحق شامير”، وقادة المخابرات، مدعية أنهم لم يقوموا بما يكفي للحيلولة دون المذبحة أو لإيقافها حينما بدأت.
وعام 2002، قتل الوزير اللبناني السابق إيلي حبيقة في انفجار سيارة ملغومة في ضاحية الحازمية في بيروت الشرقية، وقتل معه في الانفجار ثلاثة من مرافقيه.
ورجح مراقبون وقتها أن اغتيال “حبيقة” جاء بعد أن أبدى استعداده للإدلاء بشهادته أمام الجنايات الدولية حول مجزرة صبرا وشاتيلا.
ورجح المراقبون أن تكون الاستخبارات “الإسرا،ئيلية” من قام بالاغتيال، علماً أن “حبيقة” يعد من أبرز قيادات حزب الكتائب اللبناني، وكان أحد المتهمين في مجازر صبرا وشاتيلا.
واكتفى مجلس الأمن باعتبارها “مجزرة إجرامية” تستأهل إرسال المزيد من قوات الطوارئ الدولية بالتنسيق مع الدولة اللبنانية ولم تتخذ أي إجراء بحق من ارتكبها.
ولا تزال آلام الفقد للأهل والأبناء، تشكل وصمة عار بتاريخ الإنسانية، وتبقى ذكراها المؤلمة محفورة في ذاكرة كل من شواهدها حتى يومنا هذا.
تلفزيون الخبر