الحمضيات تكركب الحكومة: مدري بتتاكل مدري بتنعصر
تخبطات عديدة كشفت عنها تصريحات وزير الصناعة زياد صباغ أمام مجلس اتحاد العمال، عندما رأى أن الحمضيات في سوريا لا تصلح للعصر، وإنما للأكل، الأمر الذي أغلق الباب أمام مشروع وضع حجر أساسه قبل نحو ست سنوات.
الوزير وفي تصريحات أثارت جدلاً واسعاً قال إنه “لا جدوى اقتصادية من إنشاء معمل للعصير في الساحل لأن أكبر كمية إنتاج من الحمضيات ليست للعصير وإنما للمائدة”.
التصريحات الجديدة جاءت بعد نحو ست سنوات على وضع رئيس الحكومة الأسبق وائل الحلقي حجر الأساس لإنشاء مصنع للعصير في اللاذقية العام 2015، والذي جاء بعد أن مني مزارعو الحمضيات بخسائر فادحة نتيجة عدم قدرتهم على تسويق محاصيلهم وارتفاع تكاليف إنتاجها.
اللافت في قضية الحمضيات ليس فقط التخبط الذي أظهرته تصريحات وزير الصناعة، وإنما الآلية التي تم اتباعها لإدارة المشروع، حيث تم وضع حجر الأساس، ومن ثم القيام بدراسة جدوى في وقت لاحق يبدو أن نتائجها الهمت الوزير بتصريحاته الجديدة.
قبل اندلاع الحرب في سوريا، كانت خطوط التصدير مفتوحة، الأمر الذي وفر أسواقاً للحمضيات السورية ذات الجودة العالية في الأسواق الخليجية والأردنية، إلا أن هذه الأسواق أغلقت مع انقطاع الطرق، قبل أن تعود بشكل جزئي.
ومع عدم توافر أسواق لتسويق الحمضيات، وارتفاع تكاليفها، وعدم وجود معمل للعصائر يستثمر هذا الكم الكبير من الإنتاج، أقدم عدد كبير من المزارعين على اقتلاع أشجار الحمضيات واستبدالها بزراعات أخرى، قبل أن تأتي الحرائق وتلتهم بدورها بساتين عديدة.
كذلك جرى الحديث أكثر من مرة عن فتح خطوط للتصدير، بينها خطي العراق، وروسيا، حيث تم تسويق نسبة لا بأس بها من الإنتاج وهو ما لم يحصل هذا العام.
ووجد الفلاحون أنفسهم مرة أخرى أمام أزمة عدم تصريف الإنتاج، على الرغم من تراجعه بنسبة تفوق الـ 30 بالمئة وفق تصريحات وزارة الزراعة، الأمر الذي دفع إلى التساؤل عن مصير معمل العصير الذي أقر ولم ينفذ.
كذلك، تتعارض تصريحات وزير الصناعة مع توجهات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، التي أقرت العام 2019 برنامجاً لدعم المشاريع الصناعية والزراعية.
وبحسب برنامج وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فإن الدولة تتحمل نسبة /7/% من سعر الفائدة المحدد على القروض، على عدد من الصناعات، بينها إقامة مشاريع لإنتاج عصائر/ مكثفات طبيعية من عصر الحمضيات والفواكه المنتجة محلياً، وفق البند 28 من البرنامج.
وتقوم وزارة الصناعة بين وقت وآخر بالتذكير بهذا البرنامج، بهدف دفع المنتجين إلى الاستفادة منه ما يعزز الإنتاج والصناعات الوطنية، آخرها قبل بضعة أيام فقط من تصريحات وزير الصناعة.
ويفتح هذا الأمر بدوره الباب أمام التساؤل عن مدى وجود تنسيق بين الوزارات، فإن كانت الحمضيات السورية لا تصلح للعصر فلماذا نشجع على شراء آلات انتاج العصائر، وإن كانت تصلح فلماذا ترفض وزارة الصناعة تنفيذ المشروع الذي أقرته قبل ستة أعوام؟
أخيراً، لا بد من السؤال عن دور الوزارات في إيجاد حل لأزمة الحمضيات التي تعتبر من أهم الزراعات في الساحل السوري، والتي تمثل مصدر دخل لأكثر من 50 ألف أسرة تعمل بزراعتها، وفق تقرير نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
فإن كانت الحمضيات للعصر فيجب افتتاح مصنع للاستفادة منها، وإن كانت للأكل فيجب إيجاد أسواق لتصريفها، وهو ما لم يحصل، فلصالح من كل هذا التخبط؟
تلفزيون الخبر