حديقة الفرسان في اللاذقية.. متنفس الفقراء
مع بداية مساء كل يوم صيفي، يتجه الكثير من سكان مدينة اللاذقية لحديقة الفرسان المحاذية لشارع الجمهورية في الجهة الشمالية من المدينة.
يهرب المواطنون إلى الحديقة، من ساعات التقنين الكهربائي الطويلة، فخمس ساعات مسائية بين الاشجار والأضواء ونسمات الهواء، كفيلة “بتغيير المزاج” بعد نهار مشبع بالرطوبة المرتفعة.
تدخل من الباب الرئيسي للحديقة يستقبلك تمثال لجندي سوري استشهد على بندقيته في مكان ما من البلاد، في الجهة اليسرى تشاهد الألعاب التي تعتمد في عملها على الكهرباء، والتي يشاع أن قسماً كبيراً منها يعتمد على خطوط من خارج العدادات وآخر يعتمد على المولدات بعمله.
يوفر هذا القسم الرفاهية المتوسطة للأطفال والشباب والكبار أيضاً، فالألعاب كالسفينة، الأرجوحات، دائرة الديسكو، وغيرها من الألعاب الهوائية، يقضي بها الأطفال حوالي السبعة دقائق بموجب بطاقة تُباع بـ 500 ليرة سورية، بالإضافة لوجود مطعم يقدم الوجبات، الأراكيل والمشاريب بكافة أنواعها.
يتجه الزائر ذو الدخل المحدود للجهة اليمنى، فهناك الأرجوحات و “الزحاليط”، الميزان، والمجسم الحديدي للكرة الأرضية، واللعب فيها مجاني ولمدة مفتوحة.
يوجد الكثير من المقاعد الخشبية التي يعتبرها الزائرون أعظم مافي الحديقة، إلى جانب الأضواء الساطعة التي تأتي من قوائم الإنارة في الملعب البلدي المحاذي لها، فالكهرباء والإنارة أصبحت من النوادر بالنسبة للكثيرين.
تروى على المقاعد الأسرار العائلية، والمواقف اليومية، تجارب الحياة، والذكريات، وتبنى قصص الحب الأولى، وتُحل الخلافات، وعليها يقضي الطلاب المتسربون من المدارس ساعات دوامهم حتى يحين وقت عودتهم للمنازل.
مع كل حجر من طاولة المنقلة أَو الزهر، يُفتح حديث بين رجلين كبيرين بالسن، ومع كل أغنية عابرة من بائع متجول يقترب عسكري من حبيبته يروي لها تفاصيل أيامه الطويلة في الخدمة الإجبارية.
لا يستطيع الزائر إغفال رائحة “الفطاير” المنبعثة من حيّز صغير يوجد فيه سيدة ستينية يرافقها ولدها، يجلسان على مقعد وأمامهما “صاج”، ووعاء يحوى العجين، وبجانبه العديد من الأواني البلاستيكية فيها خلطة للفليفلة وأخرى للجبنة والنعنع، والثالثة للزعتر والزيت.
يمر من أمام الزائر، رجالٌ في أعمارٍ مختلفة، فأحدهم يبيع “غزل البنات”، وآخر يجر أمامه عربة فيها الفول والذرة، ورجلاً على دراجة هوائية، يضع وعاء حافظ للبرودة “ترمُس” يبيع العصير المثلج بمختلف النكهات، على أنه نوع من أنواع المرطبات.
تعد الدرجات الهوائية وكرة القدم المرافق الرئيسي للكثير من الأطفال، فهناك مساحات كبيرة يستطيعون فيها ممارسة رياضاتهم، ومساحات مزروعة بالعشب تجلس فيها الأسر ومجموعات الأصدقاء الكبيرة، يلعبون الورق “الطرنيب”، فتتعالى الأصوات والضحكات.
بينما يشتكي فئة من المواطنون وجود عدد لابأس به من الشباب المخمورين، الذين يختارون زوايا محددة ومخفية ليقضوا أوقاتهم.
كما ويشتكون من عدم وجود دورات مياه مجانية، ما يدفع الكثيرين من قضاء حاجتهم تحت الأشجار او بجانب الجدران مما يؤدي لانتشار الرائحة الكريهة.
بالإضافة لانتشار المتسولين بشكل كبير، فمنهم من يهاجم الزائرين ان لم يحصل على ما يريد، ومنهم من يستغل أماكن الازدحام ليقوم “بنشل” جهاز خلوي، أو غيره.
شذى يوسف-تلفزيون الخبر-اللاذقية