ما هي العلمانية التي نسمع عنها؟
العلمانيّة (Secularism) هي مجموعة المُعتقدات التي تُشير إلى أنّه لا يجوز أن يُشارك الدين في المجالات السياسيّة والاجتماعيّة للدول.
وتعرّف المراجع العلمانيّة بأنّها “النظام الفلسفيّ الاجتماعيّ أو السياسيّ الذي يَرفض كافة الأشكال الدينيّة، من خلال فصل المسائل السياسيّة عن عناصر الدين.
ومن تعريفاتها أيضاً أنها “الآراء التي تسعى إلى استبعاد الأُسس الدينيّة عن كافة الشؤون المحليّة المدنيّة للدول.
نشأة العلمانيّة:
ظهرت العلمانيّة في أوروبا وأثّرت على العَديد من المجالات السياسيّة، والدينيّة، والاجتماعيّة، والاقتصاديّة ممّا ساهم في تطوّرها بالتدريج.
وتَعود بِدايات العلمانيّة إلى ظُهور الصّراع بين الكنيسة والعلوم، إذ تبنّت المُؤسّسة الكنسيّة مَجموعةَ من النظريّات العلميّة القديمة، ومن ثمّ ربطتها مع الدين.
ومع تطوّر العلوم ظهر أنّ الكثير من أفكار الكنيسة غير صحيحة، ممّا أدى إلى اندلاع حرب بين العلماء والمُفكّرين من جهة، والكنيسة من جهة أخرى.
وتمّ تعزيز أفكار العلمانيّة في القرن السابع عشر الميلادي مع ظهور الحاجة إلى فصل الدولة عن الكنيسة في أوروبا، نتيجة انتشار التأثير الكنسيّ على كلٍّ من السياسة والاقتصاد.
وكان لظهور العديد من التأثيرات السلبيّة الناتجة عن الحروب بين الطوائف المسيحيّة الأوروبيّة، والتحدّي الواضح بين العِلم والمَعارف الدينيّة دوره في تعزيز أفكارها.
وفي نهايات القرن العشرين للميلاد أصبحت العلمانيّة من المُصطلحات والنُظم الفكريّة المُنتشرة على نطاقٍ واسع.
انتشار العلمانيّة
انتَشرت العلمانيّة في العَديد من دول العالم عبر التاريخ، فظهرت أوّل أفكارها في فرنسا في عام 1879م.
وظهرت العِلمانيّة في إسبانيا في ظلِّ الحُكم الجُمهوريّ في الفترة الزمنيّة بين سنوات 1868م – 1876م.
وفي منتصف القرن التاسع عشر للميلاد أصبحت المكسيك أوّل دولة في قارة أمريكا تُعلن عن تطبيقها لعلمانيّة الدولة.
وانتشرت السياسة العلمانيّة في تركيا مع حُكم أتاتورك لها، ولم تقتصر العلمانيّة على الدول الغربيّة فقط، بل وَصلت أفكارها إلى العالم العربيّ.
أنواع العلمانية
تقسم العلمانية إلى ثلاثة أنواع:
العلمانية السياسة: وتَدْعو لفصل الدين عن الحياة المدنية وعن العمل الحكومي في الدولة بأي وسيلة ممكنة.
العلمانية الفلسفية: وتُعادي الدين وترفضه، حيث تقوم بنقده وتحدي سُلطاته والإساءة للمتدينين باعتباره ظاهرة غير صحيحة ويجب تجاهله.
العلمانية الاجتماعية الثقافية: يدعو هذا النوع من العلمانية الذي يُعد ظاهرة اجتماعية وتاريخية وديموغرافية إلى تهميش الدين في الحياة اليومية للأشخاص وعدم الاهتمام بأمور غيبية كالآخرة والجنة والنار.
مراحل العلمانيّة
مرّت العلمانية بمرحلتين هما:
مرحلة العلمانيّة المعتدلة: هي المرحلة التي ظَهرت في الفترة الزمنيّة بين القرنين السابع عشر والثامن عشر للميلاد.
واعتبرت المرحلة أنّ الدين من الأمور الخاصّة بالأشخاص، وأنّ سلطة الدولة تكون مُطبّقة ضمن حدودها.
مرحلة العلمانيّة الماديّة: وأُطلق عليها أيضاً مسمى الثورة العلمانيّة، وظهرت في الفترة الزمنيّة من القرن التاسع عشر للميلاد وما بعده، واعتمدت هذه المرحلة على تطبيق إلغاء كليّ للدين.
وتعتبر المرحلة المادية أنّ الأشياء المحسوسة هي الموجودة بشكل حقيقيّ، والدافع من خلال هذه المرحلة هو السيطرة على سلطة الدولة، مع عدم وجود أيّ تساوٍ مع السلطة الدينية.
خصائص العلمانية
للعلمانية خصائص عديدة، منها الفصل بين الدين والدولة، حماية كل من المتدينين وغير المتدينين والمساواة بينهم، الحرية الدينية للأشخاص سواء اختيار الالتزام بالدين أو التحرر منه.
ومن خصائصها أيضا الاعتماد على الديمقراطية والإنصاف بين المواطنين بغض النظر عن انتمائهم الديني، المساواة في استخدام الخدمات العامة كالمدارس والمستشفيات.
ومن أبرز خصائصها انها لا تعني الإلحاد ولا تفرضه على المواطنين، بالرغم من اهتمام الملحدين فيها، إضافة إلى حماية حرية التعبير عن الرأي.
مبادئ العلمانيّة
تتكون العلمانية من مجموعة مبادئ منها: السعي إلى الاتفاق مع العلوم، الاهتمام في تَحقيق الانفصال بين شؤون الأديان والدول، قطع العلاقات بين المجتمعات والدين، وتطبيق كافة الأفكار والمُكوّنات الصناعيّة المُعتمدة على صناعة الإنسان لها.
تلفزيون الخبر