كرة القدم تشتكي من “سماجة” المعلّقين في التلفزيون السوري
تتباهى دول العالم عبر شاشاتها بأفضل المواهب والأصوات والوجوه من إعلاميين، ومراسلين، ومعلقين، يجيدون التعامل مع الجمهور في الداخل والخارج، لجذب المتابعين والمشاهدين حول العالم وإظهار أفضل مافي البلاد.
لكن في سوريا الوضع يختلف نوعاً ماً، فالمواهب التي تصل إلى الفضائيات لا يعوّل عليها لنقل الصورة الأرقى للبلاد، أو إظهار إرثها الحضاري بقدر ما يعول عليها لمعرفة أكثر المواهب “دعما” وأفضل الأصوات “محسوبيةً” لدرجة يعتقد المشاهد بأن هناك تنافس يجري لاختيار لقب أكثر المعلقين “سماجةً”.
وللرياضة حصة كبيرة من معاناة السوريين مع المواهب، لكن مشهد التعليق الرياضي بشكل خاص يحز في نفوس المتابعين كما يحز القوس على وتر الربابة.
وبالشعار “الفلكلوري” السوري في التعليق الرياضي المتمثل بجملة “أرضية زاحفة تعلو العارضة بقليل” تهتدي بقية المواهب من المعلقين عبر الأجيال.
وتتنوع المقولات التي تسبب آلام الرأس والقلب والشرايين للمشاهد في كل مباراة من الدوري السوري بكل ما فيه من عجائب، ليأتي المعلق ويقضي على أي أمل للمواطن بالترويح عن نفسه ولو لـ 90 دقيقة فقط .
ويستغرب المشاهد المصدوم من العلاقة بين المعلق الرياضي والمنصة الرئيسية مثلا، فلا تكاد تمر مباراة أو مناسبة رياضية إلا ويرسل المعلق “باقة من الورد” والتشكرات وأطيب الأمنيات للمسؤولين الجالسين في المنصة الرئيسية.
ويقوم المعلّق الرياضي السوري بتعداد أسماء الجالسين وتعريف المشاهد بمناصبهم الحزبية والقيادية من غير أن ينسى ازدواجية المناصب ودورهم في خدمة الرياضة والرياضيين.
ولا ينسى المعلق الرياضي في أمنياته مخرج المباراة والزملاء في المركز الإذاعي والتلفزيوني في اللاذقية، والعاملين في عربة البث ولكل من له علاقة وليس له علاقة بكرة القدم.
ويطلق المعلق الرياضي السوري نكاته ودعاباته بين الحين والآخر للترويح عن المشاهد لكنها تأتي بنكهة سوداوية تجلب الحزن والاكتئاب متبوعة بوجبة دسمة من الصراخ والتأتأه “والدربكة” عبر البث المباشر .
ولا يغيب عن ذكاء المعلق السوري أن يبدي إعجابه في كل مباراة بتواجد “الجنس اللطيف” مذكراً بمقولة أخرى من تراث التعليق السوري عندما بدأت الجماهير “تتكاثر على المدرجات”.
وبالإضافة لمواهب التعليق يثير النقل التلفزيوني للدوري السوري استياء كل المشاهدين ولاسيما الأجيال التي واكبت التطور البطيء لطرق التصوير القديمة وأساليب الإخراج التقليدية في التلفزيون العربي السوري على مر السنين.
فرغم البطء في مواكبة التقدم العلمي والتقني، إلا أن نقل التلفزيون للدوري السوري قبل الأزمة السورية كان أفضل بمراحل من البث التلفزيوني اليوم، ويصح القول أن لا مجال للمقارنة بين الأمس واليوم، رغم تغير الزمن وتطور كل تقنيات البث خلال هذه السنوات .
وقبل الأزمة مر النقل التلفزيوني بمراحل عديدة وصل فيها بعض السنوات عدد الكاميرات في البث المباشر إلى 7 كاميرات في الملعب لنقل مباراة كرة قدم.
والبعض أصبح يترحم على وجود الكاميرات وراء المرمى، أو بمحاذاة مناطق التسلل، وحتى وصل الأمر إلى الترحم على أيام كان مصور التلفزيون يلاحق الكرة عبر عدسته دون أن يفقدها ويبحث عنها أمام أعين كل المشاهدين كما يحدث اليوم
ومع دخول تقنيات الإعلام في عصر “السوشال ميديا” اتجه متابعو الرياضة السورية للاستعانة بصفحات الرياضة المستقلة، والصفحات الرسمية للأندية على “الفيسبوك” التي شكلت بديلا إعلامياً فعالا لمتابعة المباريات بشكل مباشر، وبأسلوب مقبول مقارنة بالإمكانات والظروف التي تحكم القائمين عليها.
ورغم رداءة شبكة الانترنت والتصوير عبر “الموبايل” تكون جودة صورة البث المباشر لصفحات “الفيسبوك” أفضل من البث المباشر لقناتي “سورية دراما” و “التربوية” التابعتين للتلفزيون العربي السوري .
ويبقى السؤال: متى سيكون لدينا قناة تحترم المشاهد، وتنقل الدوري السوري إلى العالم بصورة جيدة ليتم تسويق الدوري بصورة تليق به، وبالتالي ينعكس كل ذلك ايجاباً على عائدات البث للأندية، والرياضة السورية بشكل عام؟
وإلى متى ستبقى الصورة الباهتة والمتقطعة والمشوشة عنوانا لصورة دورينا ؟ وإلى متى سيبقى أسلوب النقل بدائي وعدد الكاميرات محدود؟ وإلى متى ستبقى مواهب التعليق السوري صامدة في وجه التغيير؟
أما السؤال الأخير والذي حيّر علماء أساتذة الإعلام حول العالم، و أذهل مدراء فضائيات الكوكب هو: لماذا يأخذ المصورون السوريون “كلوزات” لبعضهم البعض خلال مجريات المباراة ثم يقوم المعلق بشكر المصور على المجهود الذي يقوم به؟
كيان جمعة – تلفزيون الخبر