العناوين الرئيسيةفلسطين

عقدان على “انتفاضة الأقصى”.. ودول عربية تحيي ذكراها بالتطبيع

يصادف الاثنين 28 أيلول، الذكرى العشرون لاندلاع شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، المعروفة باسم “انتفاضة الاقصى”، عام 2000، والتي استمرت حتى خمسة أعوام، تشكل فيها مسارات جديدة للنضال في القضية الفلسطينية.

الشرارة الأولى

بدأت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب اقتحام رئيس المعارضة “الإسرائيلية” حينها أريئيل شارون، ساحات المسجد الأقصى تحت حماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة الصهيونية، وبموافقة من رئيس الحكومة العبرية في حينه” إيهود براك”.

وشكلت الزيارة الصهيونية، استفزازاً للفلسطينيين، فاندلعت على إثرها فورياً مواجهات بين الاحتلال “الإسرائيلي”، والمصلين داخل ساحات الحرم المقدسي، واستشهد يومها سبعة فلسطينيين، وأصيب أكثر من 250 آخرون.

وانطلقت بعدها المواجهات خارج الحرم المقدسي، لتشهد كامل مدينة القدس مواجهات بين المقدسيين والعدو، سرعان ما امتدت حتى وصلت لكامل مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، والأراضي المحتلة.

واشتعلت الانتفاضة في مختلف الأراضي الفلسطينية بوتيرة عالية، أدت حتى 30 أيلول 2000، إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين، واعتقال المئات من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، وإصابة مئات آخرون بجروح متفاوتة الشدة.

“الدرة”.. أيقونة الانتفاضة الفلسطينية

شهد يوم 30 أيلول عام 2000، تحول الطفل الشهيد محمد الدرة إلى رمزاً للانتفاضة الفلسطينية، بعد أيام من اندلاعها، حينما استشهد ابن الحادية عشر عاماً، بحضن أبيه، على الهواء مباشرة أمام عدسات الكاميرات، بنيران الاحتلال الصهيوني، في قطاع غزة.

واحتمى الدرة بحضن أبيه، خلف برميل اسمنتي، في شارع صلاح الدين، في قطاع غزة، أثناء تبادل إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية، وجيش الاحتلال.

وكان مصور القناة الفرنسية الثانية، “طلال أبو رحمة”، ثبت كاميرته مقابل الابن وأبيه، واستمرت كاميرته بتسجيل الدقائق الأخيرة، التي كان يحتمي فيها “الدرة” الطفل من الرصاص بحضن والده، وهما خلف البرميل، وأظهرت اللقطات مناشدة الأب لإيقاف النار للحظات، والتلويح لسيارة إسعاف لتسعف الصبي.

واستمر المصور الفلسطيني بنقل الوقائع، مرفقاً بتعليق صوتي من رئيس مكتب القناة آنذاك، “شارل إندرلان”، حتى سجل ركود “الدرة”، على حضن أبيه، بعد إصابتهما بأعيرة نارية، ووقوع انفجار أمامهما، لحظة استشهاده بنيران الاحتلال، مغمضاً عينيه بكلتا يديه، وانهيار والده فوقه.

وأثار إعدام جيش الاحتلال للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، وهو ما دفعهم إلى الخروج في مظاهرات غاضبة ومواجهة جيش الاحتلال، مما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات منهم.

الانتفاضة الثانية.. منعطفات وإحصائيات

شكلت الانتفاضة الثانية أحد أبرز محطات النضال الشعبي الفلسطيني، التي شهدت جرائم “إسرائيلية” كبيرة ومتتالية، راح ضحيتها أطفالا ونساء ورجال، وأدت إلى احتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية.

وأسفرت الانتفاضية الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيا إضافة لـ48322 جريحا، وفقا لإحصائيات فلسطينية رسمية، وخلال هذه الانتفاضة، أقدمت إسرائيل على اغتيال أكبر عدد من قيادات سياسية وعسكرية فلسطينية، منها مؤسس حركة “حماس” الشيخ أحمد ياسين، والأمين العام “للجبهة الشعبية” أبو علي مصطفى وآخرين.

ومرت الانتفاضة بمحطات سياسية بارزة، حيث في 6 شباط عام 2001، عين “شارون”، رئيساً لوزراء “إسرائيل”، وفي آذار 2002، نفذ أكبر هجوم “إسرائيلي” في الضفة الغربية منذ العام 1967، ودمر القسم الرئيسي من مقر “منظمة التحرير الفلسطينية”، وشهدت مدينة جنين واحدة من أبشع المجازر “الإسرائيلية” بحق الفلسطينيين، وعرفت باسم “مجزرة جنين”.

ووقعت المجزرة في 1 نيسان، 2002، واستمرت لقرابة شهر، ارتكبت فيها القوات الصهيونية،أعمال القتل العشوائي، واستخدام الدروع البشرية، والاستخدام غير المتناسب للقوة، وعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب ، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية، وأسفرت المجزرة عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، بطرق وحشية.

وبدأت “إسرائيل” عام 2002، بناء جدار الفصل العنصري، الذي يشكل تهديداً للحياة اليومية للفلسطينيين في أراضي الضفة الغربية، والتي يمتد عبرها 85% من مساحة الجدار التي تصل إلى 22 كم.

ولم تقتصر آثار الانتفاضة على الفلسطيين، ببناء جدار الفصل العنصري، والمجازر، بل خلفت تدميراً ضخماً في المؤسسات الفلسطينية، واغتيال قاداتها، وتدمير البنية التحتية، وإعادة احتلال عدد من أراضي الضفة الغربية.

بعد خمسة أعوام.. انتهاء الانتفاضة “سياسياً”

أُعلن في شباط عام 2005، انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، فيما عرف بقمة “شرم الشيخ”، بحضور كلاً من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس وزراء العدو “أرائيل شارون”، والرئيس المصري آنذاك، “حسني مبارك”، وملك الأردن “عبد الله الثاني”، إلا أن الانتفاضة استمرت حتى بعد الإعلان السياسي لإيقافها.

وكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال “الإسرائيلي” اندلعت في العام 1987، وانطلقت شرارتها من أحد مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، لتنتهي في العام 1993 بتوقيع اتفاقية “أوسلو”.

في الذكرى العشرين.. إحياء الانتفاضة وسط التطبيع العربي

تمر ذكرى الانتفاضة هذا العام وسط خيبة أمل فلسطينية ورفض قاطع، إزاء التطبيع العربي الرسمي، لدول عربية مؤخراً مع الكيان الصهيوني الغاشم.

شهد هذا العام، إعلان تطبيع رسمي، بين الإمارات العربية، مع الكيان الصهيوني، تلاها إعلان البحرين، لحاقها بمسار التطبيع، وسط ترقب لإعلان قريب عن اتفاقيات عربية- صهيونية أخرى، مع عدد من الدول العربية، وسط مباركة أمريكية، ورفض فلسطيني.

ولا يزال الفلسطينيون يعيشون تحت خراب واستباحة لكامل حقوقهم، مع سكوت المجتمع الدولي، على جرائم العدو الصهيوني، والتي لا تزال مستمرة، حيث تهدم “إسرائيل” منازل الفلسطينيين، وتعتقل الآلاف منهم، وتضرب بصواريخها أراضيهم.

وتسعى الصهيونية إلى تهويد كل ما يرتبط بفلسطين والفلسطينيين، من تراث ومأكل ومشرب، ولباس، وفن، وتتوسع ببناء مستوطناتها على الأراضي الفلسطينية، وتحاصر قطاع غزة منذ عام 2007.

ويبقى العدو “الإسرائيلي” متخوفاً من اندلاع شرارة انتفاضة فلسطينية ثالثة، والتي يرى محللون، أنها غير بعيدة لاسيما في عدد من القرى الفلسطينية، التي تستشرس فيها قوات الاحتلال بالاعتداء على الفلسطينيين بمختلف الأشكال.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى