محليات

عيد القديسة البربارة .. طقس سوري شعبي يجمع كل الديانات

عيد البربارة أو عيد القديسة بربارة وهو عيد مسيحي يُحتفل فيه بشكل خاص بين المسيحين العرب في سوريا ولبنان وفلسطين، ويحتفل به المسيحيون الغربيون يوم 4 كانون الأول، والشرقيون في السابع عشر منه.

ويحتفل أبناء الساحل من غير المسيحيين وبمختلف طوائفهم بالعيد كونه يعد أيضا طقسا اجتماعيا اعتادوا الاحتفال به سنويا، خصوصا بين أبناء القرى، ويحتفل به في سوريا يومي 3-4 كانون الأول.

ويحتفل بالبربارة عادة بتقاليد خاصة أقرب ما تكون بعيد “الهالويين” في الولايات المتحدة، فيخرج الأطفال والشباب مساءً في أزياء تنكرية ويطوفون على بيوت الجيران والأقارب والأصدقاء ويعايدونهم.ويقدمون الحلويات.

ويرافق احتفالات البربارة أغاني وأناشيد فيخرج الناس إلى الساحات منشدين الأناشيد الدينية والأهازيج، إلا أنه ومؤخرا بعد سنوات الحرب حمنرمت العائلات القيام بهذه الطقوس واكتفوا بطهي البربارة وتوزيعها على الأقارب والجيران.

وفي يوم العيد يتم سلق القمح والذرة، ويضاف إليها السكر والرمان أو إضافات تحليه أخرى و تعرف هذه الأكلة باسم “البربارة” و هي طبق تقليدي يطبخ في هذا اليوم يقدم كنوع من تحلية.

وللبربارة في الأصل هي قديسة ولها أسطورة تناقلتها الأجيال خصوصا في القرى الريفية، والقديسة “بربارة” عرفت بذكائها وجمالها هي ابنة “ديوسقوروس” الرجل الثري الوثني، وبسبب خوفه على ابنته الجميلة من عيون الناس، أقفل عليها باب قصره وأمّن لها كل ما تحتاجه وما يسلّيها من فنون وعلوم.

وأقام والد بربارة حولها الأصنام لتتفرغ لعبادتها، بعد أن راسلت أحد المعلمين المسيحيين الذي دعاها للمسيحية آمنت بالمسيح ولما عرف أبوها بذلك طلب من الملك الأذن لقطع رأسها.

وتتضارب الأقوال في قصة بربارة اين وقعت فمنهم من يقول في إحدى المدن التركية ويذهب البعض للقول أنها في مدينة بعلبك اللبنانية، ولذلك وبسبب الشكوك في قصتها حذف عيدها في التقويم الروماني العام سنة 1969، ولكن بقيت القديسة بربارة في قائمة قديسين الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.

وتصادف ذكرى استشهاد القديسة بربارة في الرابع من كانون الأول في لكنائس الشرقية وفي 17 في الكنائس الغربية، وتقام في سوريا عند أبناء الديانة المسيحية العديد من الاحتفالات بمناسبة هذا العيد، حيث يتم اقامة العديد من الأطباق التي ترمز له كالقمح والحلويات، وتنتشر الأهازيج والأغاني والتراتيل الدينية التي تمجد المناسبة.

ومن الأغاني التي تناقلتها الصبايا احتفاء بالقديسة بربارة، منها “هاشلة بربارة مع بنات الحارة” التي غنت إحدى نسخها الفنانة الراحلة صباح، وأغنية “كان يا ما كان .. في قديم الزمان .. بنت اسمها بربارة .. مليانة إيمان”.

وإضافة لذلك، البربارة في قرى الساحل السوري هي أكلة سنوية شائعة ومعروفة باسم “الهريسة”، لها طقوسها الخاصة التي يجتمع عليها الأهالي وأحياناً الجيران لتناولها على مائدة واحدة ضمن أجواء مميزة.

ويتم صنع “هريسة البربارة” عن طريق وضع الماء ولحمة الدجاج مع البصل و ورقة غار في وعاء حسب الكمية المطلوبة، وتبقى نصف ساعة ثم يضاف القمح والملح، وقبل نضجها بخمس دقائق يتم وضع الزيت بحيث يغلي المزيج، ثم يترك على جمر النار، بعد نضجه لمدة عشر دقائق حيث تجري عملية الخفق لكي يتمّ توزيع وتجانس محتويات “هريسة البربارة” وتصبح سهلة الأكل.

وتأتي قدسية هذه المناسبة من كونها تؤكد فكرة التضحية من أجل المعتقد والأهل والمجتمع،
وتتعمّق لدى كل جيل فكرة الحب المتبادل مع الآخرين، ولا تقتصر مناسبة البربارة عند كثير من الأسر الساحلية على يوم واحد فقط في العام، وإنما يتم طهوها أكثر من مرة في السنة بسبب دلالاتها الروحية وفوائدها حيث يشكل القمح واللحم مادتها الرئيسية.

وهذه المشاركة بين مختلف المكونات خصوصا في الساحل السوري، حدثت نتيجة العشرة الطويلة الأمد فيما بينهم، فتحولت المناسبات الدينية لطقوس شعبية يتبناها الجميع، مثل “عيد الرابع، والبربارة، والحلوة، والأضحى، والفطر”، وغيرها.

سها كامل – اللاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى