الرئيس الأسد: قضية اللاجئين قضية وطنية لنا ومفتعلة من الغرب والأغلبية يريدون العودة
أكد الرئيس بشار الأسد أن “قضية اللاجئين بالنسبة لسوريا هي قضية وطنية إضافة لكونها إنسانية ونجحنا في إعادة مئات الآلاف من اللاجئين خلال الأعوام القليلة الماضية وما زلنا اليوم نعمل بدأب من أجل عودة كلِ لاجئ يرغب بالعودة والمساهمة في بناء وطنه.”
وشدد الرئيس الأسد “على أن الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج باتوا اليوم وأكثر من أي وقت مضى راغبين في العودة إلى وطنهم لأنهم يرفضون أن يكونوا رقما على لوائح الاستثمار السياسي وورقة بيد الأنظمة الداعمة للإرهاب ضد وطنهم” .
وقال الأسد:” أرحب بكم في دمشق وقد وطئتم أرضها ضيوفا أعزاء، وأهلا بكم في سورية التي وإن أدمتها سنون الحرب الطويلة وأثخنتها بالجراح قسوة الحصار وإجرام الإرهاب لكنها تأتلق فرحا بلقاء المحبين بحق والمخلصين بحق.. والحاملين في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم قضية الإنسان في كل زمان ومكان.”
جاء ذلك في كلمة له عبر الفيديو خلال افتتاح أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين المنعقد في قصر الأمويين للمؤتمرات بدمشق الأربعاء.
وأضاف الأسد: إنني إذ أثمن قدومكم إلى دمشق ومشاركتكم في هذا المؤتمر فإنني أخص بالشكر منكم دولاً استقبلت أبناء سورية المهجرين واحتضنتهم وتقاسم أبناؤهم مع أبنائنا لقمة عيشهم وفرص العمل رغم المعاناة الاقتصادية في تلك البلدان.
وتابع”إن قيام عدد من الدول باحتضان اللاجئين انطلاقا من مبادئ إنسانية أخلاقية … قابله قيام البعض الآخر من الدول في الغرب وفي منطقتنا أيضا باستغلالهم أبشع استغلال من خلال تحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة بالإضافة إلى جعلهم مصدرا للمال يروي فساد مسؤوليهم دون أخذ أي اعتبار للمعاناة الحقيقية التي يعيشها أبناؤنا في المهجر.”
وبدلا من العمل الفعلي من أجل تهيئة الظروف المناسبة لعودتهم فرضوا عليهم البقاء في تلك الدول عبر الإغراء حينا والضغوط و التخويف أحيانا أخرى… و هذا ليس مستغربا فتلك الحكومات التي عملت بجد لنشر الإرهاب في سورية والذي أدى إلى مقتل مئات الآلاف من أبنائها وساهم بإخراج الملايين منهم”.
وأوضح “لا يمكن منطقيا أن تكون هي نفسها (الدول) السبب والطريق لعودتهم إلى وطنهم ولا أدل على ذلك من رفضهم المشاركة بهذا المؤتمر الذي يسعى للهدف الذي يبكون زورا عليه و هو عودة اللاجئين.”
“وإذا كانت قضية اللاجئين بالنسبة للعالم هي قضية إنسانية فبالنسبة لنا إضافة لكونها إنسانية فهي قضية وطنية .. وقد نجحنا في إعادة مئات الآلاف من اللاجئين خلال الأعوام القليلة الماضية .. وما زلنا اليوم نعمل بدأب من أجل عودة كل لاجئ يرغب بالعودة والمساهمة في بناء وطنه .. لكن العقبات كبيرة.”.
” فبالإضافة للضغوط التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في الخارج لمنعهم من العودة فإن العقوبات الاقتصادية اللاشرعية والحصار المفروض من قبل النظام الأمريكي وحلفائه تعيق جهود مؤسسات الدولة السورية التي تهدف لإعادة تأهيل البنية التحتية للمناطق التي دمرها الإرهاب بحيث يمكن للاجئ العودة والعيش حياة كريمة بظروف طبيعية”.
وهذا يشكل سببا رئيسيا لتردد الكثيرين منهم في العودة إلى مناطقهم وقراهم في غياب الحد الأدنى من متطلبات الحياة الأساسية.”
تابع الأسد “ورغم كل ذلك فإن الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج باتوا اليوم وأكثر من أي وقتٍ مضى راغبين في العودة إلى وطنهم لأنهم يرفضون أن يكونوا “رقما” على لوائح الاستثمار السياسي و”ورقة” بيد الأنظمة الداعمة للإرهاب ضد وطنهم. “
وأضاف الأسد” إن موضوع اللاجئين في سورية هو قضية مفتعلة فتاريخ سورية ولقرون مضت يخلو من أي حالة لجوء جماعية وبالرغم من أن سورية عانت عبر تاريخها الحديث والقديم من احتلالات متتالية واضطرابات مستمرة حتى نهاية ستينيات القرن الماضي”.
وأوضح” إلا أنها بقيت هي المكان الذي يلجأ إليه الآخرون هربا من الاضطرابات والأزمات المختلفة لا العكس … خاصة منذ بدايات القرن العشرين و مجازره العثمانية وصولاً إلى غزو العراق عام 2003 ولم يذكر كل ذلك التاريخ أي حروب بين السوريين لأسباب عرقية أو دينية أو طائفية لا قبل تأسيس الدولة السورية ولا بعدها.”
ولأن الظروف الموضوعية لا تدفع باتجاه خلق حالة لجوء كان لا بد من قيام الأنظمة الغربية بقيادة النظام الأمريكي والدول التابعة له في جوارنا وتحديدا تركيا من خلق ظروف مفتعلة لدفع السوريين للخروج الجماعي من سورية لتكون مبررا للتدخل في الشؤون السورية ولاحقا لتفتيت الدولة وتحويلها لدولة تابعة تعمل لمصالحهم بدلا من مصالح شعبها.
وتابع”كان نشر الإرهاب هو الطريق الأسهل والذي ابتدئ العمل به من خلال تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في العراق عام 2006 برعاية أمريكية والتي انضمت خلال الحرب في سورية إلى شقيقاتها كالإخوان المسلمين والنصرة وغيرها وقامت بتدمير البنى التحتية و قتل الأبرياء و شل الخدمات العامة ونشر الرعب و دفع السوريين للنزوح عن وطنهم.”
“وفي العام 2014 وعندما بدا أن الدولة السورية في طريقها لاستعادة الأمن والاستقرار قامت تلك الدول بتحريك “داعش” الإرهابية بهدف تشتيت القوات المسلحة وتمكين الإرهابيين من جزء كبير من الأراضي السورية والتي تمت استعادة القسم الأكبر منها بفضل تضحيات جيشنا الوطني ودعم أصدقائنا هذا الدعم الذي كان له الأثر الكبير بدحر الإرهابيين وتحرير كثير من المناطق.”
“أما اليوم فنحن نواجه قضية مركبة من ثلاثة عناصر مترابطة ملايين اللاجئين الراغبين في العودة و مئات المليارات من بنية تحتية مدمرة بنيت خلال عقود وإرهاب ما زال يعبث في بعض المناطق السورية.”
“ولقد تمكنت مؤسسات الدولة السورية من التقدم خطوات مقبولة نسبة إلى إمكانياتها في التعامل مع هذا التحدي الكبير… فمع استمرار حربها على الإرهاب قامت بتقديم التسهيلات والضمانات لعودة مئات الآلاف من اللاجئين إلى الوطن من خلال العديد من التشريعات كتأجيل الخدمة الإلزامية لمدة عام للعائدين والعديد من مراسيم العفو التي استفاد منها من هم داخل الوطن وخارجه.”
“وبالتوازي ورغم الحصار غير القانوني فقد استطاعت الدولة إعادة الحد الأدنى من البنية التحتية في العديد من المناطق كالماء والكهرباء والمدارس والطرق وغيرها من الخدمات العامة وذلك لتمكين أبنائها العائدين من العيش ولو بالحد الادنى من مقومات الحياة. “
“ومن المؤكد أن هذه الخطوات ستكون أسرع كلما ازدادت الإمكانيات… وازديادها مرتبط بتراجع العقبات المتمثلة بالحصار الاقتصادي والعقوبات التي تحرم الدولة من أبسط الوسائل الضرورية لإعادة الإعمار وتؤدي إلى تراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي ما يحرم أبناء الوطن فرص العيش الكريم ويحرم اللاجئين من فرصة العودة في ظل تراجع فرص العمل.”
“وأنا على ثقة أن هذا المؤتمر سيخلق الأرضية المناسبة للتعاون فيما بيننا في المرحلة المقبلة من أجل إنهاء هذه الأزمة الإنسانية التي سببها أكبر عدوان همجي غربي عرفه العالم في التاريخ الحديث… هذه الأزمة التي تلامس في كل لحظة كل منزل في سورية ووجدان كل إنسان عادل في العالم ستبقى بالنسبة لنا كسوريين جرحا غائرا لا يندمل حتى يعود كل من هجرته الحرب والإرهاب والحصار.”
وختم الرئيس الأسد :”أتمنى لأعمال مؤتمرنا هذا كل التوفيق والنجاح من خلال الخروج بتوصيات ومقترحات تساهم بشكل مباشر في عودة السوريين إلى وطنهم لتعود سورية بهم وبمواطنيها الذين بقوا وصمدوا على مدى سنوات عشر أفضل مما كانت.”
تلفزيون الخبر