“كيس أكياس النايلون”.. ثروة منزلية كدستها الأمهات السوريات
صحيح أن العالم تجمعه خصال واحدة تعود لتشابه النفس البشرية، إلا أن كل مجتمع على حدا، يبتكر أشكالاً من اللباس واللغة والطعام والعادات تشمله دوناً عن غيره، مثيرة الحيرة لدى “الآخرين” ممن هم خارج نطاق هذا المجتمع.
وفي سوريا، يبرز المجتمع على اختلافه وتنوعه بعادات أخذت ألفتها في كل بيت سوري، وكأنها اتفاق مدون بين أفراد هذا المجتمع، تستمر مع استمراره، كأن يكون هناك نصف ليمونة في باب الثلاجة، أو تخصيص “خلف الحنفية” ليكون موضعاً “لصينية الشاي”.
واعتادت الأمهات السوريات على أن تحتفظ بمختلف أنواع الأكياس، كالتي تأتي بها من البقالية، أو من “الخضرجي”، وأخرى المخصصة للخبز والمونة، وأكياس الكرتون التي توضع فيها هدية جديدة ليعاد تدويرها مجدداً دون ضياع.
وحين تسأل كل أم عن سبب الاحتفاظ بكيس الأكياس الذي غالباً ما يوضع عند باب المطبخ أو في أحد خزاناته، تجيب “بيلزم”.
وما إن صدر مؤخراً القرار الذي يرفع سعر ربطة الخبز المدعوم إلى 100 ليرة بدلاً من 50 متضمنة 25 ليرة سورية سعراً للكيس النايلون، حتى تبسمت الأمهات السوريات ممن يحتفظن بالأكياس النايلون، معلنة أن عبارة “بيلزم”، غدت واقعاً غير منتظر، مطمئنة عائلتها بعدم تأثرهم برفع سعر الربطة إلى هذا الحد.
وبدأت الأمهات السوريات على مواقع التواصل الاجتماعي بتداول أفكارهن حول “ثروة أكياس النايلون” المكتشفة حديثاً في البيوت، حتى غدا ينطبق على “كيس النايلون” المثل القائل “خبي كيسك الأبيض ليومك الأسود”.
وأصبح لـ”كيس الخبز” حدود جديدة للاستخدام، كما دونت عدة سيدات سوريات على “فيسبوك”، تعقيباً على قرار رفع سعر كيس الخبز من قبيل “قال وبيحطوا الزبالة بكيس الخبز الفاضي”، أو “مين المواطن البرجوازي إلى رح يشتري الخبز المدعوم مع الكيس من يوم وطالع”.
وابتكر آخرون طبقة جديدة، تضاف للطبقات الاجتماعية الموجودة في المجتمع السوري، كما طبقة “مالكي السيارات”، ولدت طبقة “أصحاب أكياس النايلون”.
وكانت “ربطة الخبز”، آخر المواد التي مسها “شيطان” الغلاء، حيث تضاعف سعرها من 50 ليرة سورية إلى 100 ليرة، وسط غلاء يكوي معظم العائلات السورية، حتى مس أكثر مادة يومية يستهلكها السوريون، وتعتبر مصدراً بخس الثمن “للشبع”، يضاف لأي طعام وجد.
وبات “كيس النايلون”، إحدى الأغراض التي تستحق التفكير قبل شراءها مقابل مبالغ مالية لا تزال تزداد خانات أرقامها يوماً تلو الآخر، حتى “الأكياس” التي كانت قبل سنوات لا تشكل أي قيمة مادية ملموسة، لم تتخط النصف ليرة.
وعلى مر سنوات الحرب في سوريا، ارتفع سعر الخبز عدة مرات، وعليه ارتفع سعر الكيس معها، حتى وصل تقديرياً إلى 15 ليرة، قبل أن يرتفع سعر كيلو الخبز مجدداً بالرغم من تأكيد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في شهر آذار الماضي على “عدم وجود زيادة على سعر ربطة الخبز”.
وبات “كيس النايلون” حديث الشارع السوري، لربما يصار له أن يوضع “تحت البلاطة”، حفاظاً على قيمته وندرة الحصول عليه بعد أن كان يكدس فوق بعضه بكيس واحد تطاله كل يد في الأسرة.
لين السعدي – تلفزيون الخبر