محليات

المرسوم 66 في دمشق: التحسين العمراني على حساب الإنسان؟

ثماني سنوات مضت على صدور المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، القاضي بإحداث منطقتين تنظيميتين ضمن نطاق محافظة دمشق، تحت مسمى “تنظيم منطقة خلف الرازي” و”جنوب المتحلق الجنوبي”، لكن أصوات المتضررين من سكان هذه المناطق ما زالت تعلو، مطالبة بالإنصاف، وبتعويض عادل، وشعور بالانتماء افتقدوه منذ تهجيرهم.

خلف الوعود.. واقع مُرّ

تحت شعار “تنظيم عمراني حديث”، أُعلن المرسوم حينها كخطوة تنموية تهدف إلى إعادة إعمار المناطق “العشوائية” وتحسين الواقع العمراني والخدمي، إلا أن مئات الأسر التي كانت تقطن في حي المزة خلف الرازي، وكفرسوسة، والقدم والعسالي وأجزاء من داريا، وجدت نفسها خارج معادلة “التنمية”.
“لم نتسلم شيئاً. طُلب منا المغادرة، ولم نعد”، يقول أبو خالد (اسم مستعار)، أحد سكان حي المزة – خلف الرازي سابقاً، والذي انتقل للعيش في ضواحي ريف دمشق بعد أن خُيّر بين الإخلاء الطوعي أو الإخلاء القسري، بحسب روايته.

التهجير “القانوني”.. وجه آخر للإخلاء 

يُعد التهجير أحد أبرز الآثار الاجتماعية المترتبة على تنفيذ المرسوم، حيث فقدت آلاف العائلات منازلها، واضطرت للانتقال إلى مناطق أبعد، مع عدم وضوح الجدول الزمني لإتمام المشاريع أو تسليم التعويضات.
ويصف ناشط حقوقي في مقابلة مع “المرصد السوري لحقوق الإنسان: أن “ما جرى هو تهجير ناعم، قانوني، وممنهج، أدى إلى تفريغ أحياء كاملة من سكانها دون آليات عادلة للعودة”.

مشاريع واعدة.. لمن؟

في العام 2016، أُعلن عن مشروع “ماروتا سيتي” كأحد ثمرار المرسوم، وتم تسويق المشروع إعلامياً واقتصادياً كمدينة عصرية ستُشكّل نموذجاً في الإعمار والاستثمار، مع دخول شركات كبرى للاستثمار، بدعم مباشر من محافظة دمشق.
و في تقرير نشره موقع الكتروني سوري، أشار محللون إلى أن مشروع “ماروتا سيتي” استُخدم كأداة تجارية تخدم نخبة معينة، مقابل إقصاء سكان أصليين لا يملكون القدرة المالية على شراء مساكن جديدة ضمن المشروع.

شكاوى لم تلقَ آذاناً صاغية

بحسب شهادات موثقة أوردها تقرير “هيومن رايتس ووتش ” (2018)، فإن العديد من السكان قدموا اعتراضات أمام اللجان القضائية المختصة، لكن قلة منهم تمكنوا من استرداد حقوقهم، بسبب التعقيد القانوني، وغياب التمثيل القانوني المجاني، والانخفاض الكبير في قيم التعويض، بحسب التقرير.

في المقابل، لم تصدر الجهات الرسمية إحصاءات دقيقة حتى بعد مضي 8 سنوات، حول عدد المتضررين، أو نسب المستفيدين فعلياً من المشروع، مما يُبقي المشهد في دائرة الضبابية.

فيما مصدر في محافظة دمشق لتلفزيون الخبر أنه تم إعداد محضر بتاريخ 9/8/2020 بين محافظة دمشق والمؤسسة العامة للإسكان بناء على القرار رقم 1249 تاريخ 11/5/2020 الصادر عن وزير الأشغال العامة والإسكان.

ويتضمن تكليف المؤسسة العامة للإسكان بتنفيذ أبنية السكن البديل لصالح محافظة دمشق والتي تقوم بدورها بتمليك المساكن الشاغلين المستحقين للسكن البديل على المقاسم المحددة لهم ضمن المخطط التنظيمي المصدق للمنطقة التنظيمية الثانية جنوب المتحلق الجنوبي.

وبحسب المصدر أن ذلك عملاً بأحكام المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 وذلك وفق البرنامج الزمني لكل مرحلة من مراحل المشروع المعد من قبل محافظة دمشق والمؤسسة العامة للإسكان.

وبين المصدر أنه “تم اعتماد جدول زمني لتسليم المقاسم الخالية من الإشغالات والتي يتم إعداد الأضابير التنفيذية لها لكافة الشاغلين المستحقين للسكن البديل في منطقة ماروتا سيتي كمرحلة أولى”.

وأكد المصدر أنه “تم تسليم ستة مقاسم للمؤسسة العامة للإسكان ويتم التعاقد من قبلها مع شركات القطاع العام وعلى أن يتم تسليم كافة المقاسم الخالية من الإشغالات والتي تستوعب كافة شاغلين المنطقة الأولى ماروتا سيتي حتى نهاية شهر آب من عام 2021 وعلى أن يتم تنفيذ المقاسم خلال ثلاث سنوات من تاريخ استلام المقاسم”.

وكانت محافظة دمشق في شهر تشرين الأول من عام 2019، أخلت عدداً من المقاسم في منطقة اللوان للمباشرة ببناء السكن البديل للمستحقين في المنطقة التنظيمية الأولى “ماروتا سيتي”.

وافتتحت محافظة دمشق بشهر آب من عام 2019 دائرة للسجل المؤقت خاصة بمشروع “ماروتا سيتي” في مديرية تنفيذ المرسوم التشريعي / 66 / لعام 2012، تُعنى بفتح وتنظيم السجلات العقارية للعقارات المرخصة وتوثيق وتسجيل عقود الملكية.

يشار إلى أن مشروع ماروتا سيتي مؤلف من ثلاث مناطق 101 و102 و103.

المشكلة في التنفيذ.. لا في النص؟

ويرى باحثون قانونيون أن المرسوم 66، من حيث الصياغة القانونية، يتضمن بنوداً تضمن التعويض عبر أسهم تنظيمية تُمنح لأصحاب الحقوق، وتعويضات مالية وفق تقارير لجان التقدير. إلا أن واقع التطبيق كشف ثغرات كبيرة.
“في دراسة صدرت عن مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية (2017)، تم تسليط الضوء على غياب قاعدة بيانات موثوقة وشفافة لتوثيق حقوق الملكية، لا سيما في المناطق التي تنتشر فيها عقود عرفية أو أملاك غير مسجلة في السجل العقاري، مما أدى إلى إقصاء شريحة واسعة من السكان من التعويضات العادلة.

فرح يوسف – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى