هل تنشئ الحكومة “وزارة للاعتذار” ؟ .. لقد أخطأنا
“لقد أخطأنا، نعتذر”، جملة بسيطة يصعب نطقها أحياناً. في الحياة، من المألوف ألا نعتذر أبداً. الناس الطيبون لا يريدون الأعذار والأشرار لا يهتمون لأمرك
لكن العذر نقطة انطلاق لعلاقة جديدة ومقدمة أساسية لمعاهدة سلام دائم، إذ تتضمن عناصر أساسية: الاعتراف بالخطأ، الندم، إظهار الرغبة في إصلاح الموقف والتواضع.
في الخبر، إن ثلاثة اعتذارات رسمية قدمتها جهات رسمية سورية مؤخراً، في يومين فقط، وربما تشكل هذه الاعتذارات سابقة في تاريخ الأداء الحكومي السوري: ثمة من يعترف بخطئه، لكنه لا يعد بألا يتكرر هذا الأمر مستقبلاً.
وبغض النظر عن تحقق هذا الوعد أو عدمه، اسأل أي شخص يقف في طوابير السكر والتبغ والخبز، اسأل السيارات العمومية التي تنتظر أمام محطات الوقود، اسأل الغابات المحترقة في صلنفة ومصياف، اسأل الأحياء العطشى والمناطق المعتمة، اسأل الطلاب الممتحنين وأهاليهم، اسأل الصحفيين الذين تم اعتقالهم خطأ: هل قبلتم اعتذار الحكومة؟
عندما قام اللاعب الفرنسي من أصول جزائرية، زين الدين زيدان، بنطح اللاعب الإيطالي ماتيرازي، قال: “أعتذر لكنني لست نادماً”، هناك شيء مخيف في الاعتذار على هذه الشاكلة، إذ إن الرسالة الأساسية هنا هي قابلية الأمر للإعادة.
هل أصبح الاعتذار ممارسة بالية أو عفا عليها الزمن؟
التمييز بين الإهانة والضرر موجود لكن من الصعب تحديده، إذ بمجرد أن يكتشف أحد حجم الخطأ أو يتورط أحد المسؤولين بـ “انزلاق لفظي” حتى يعتذر، فتنتهي المشكلة، كأن الأمر كلام بكلام، ولن يترتب عن هذا الخطأ أي ضرر قليل أو كثير، وتصفو السماء وتزقزق العصافير بعدها.
طبعاً هذه الاعتذارات لن تمنع تكرار الأخطاء مستقبلاً، وخصوصاً إذا صرّفناها على سعر الليرة السورية القديم، أي اعتذارات قبل الحرب عن أخطاء ارتكبها مسؤولون سابقون
وأقترح، بما أن النية معقودة على تقديم الاعتذارات والاعتراف بالأخطاء، أن يتمّ إنشاء “وزارة للاعتذار” إذا أرادت الحكومة فعلاً أن تتابع أخطاءها بحق السوريين
أو أن تقوم كل وزارة بإنشاء “مكتب الاعتذار”، وإذا رغبت بتقديم اعتذارات فلتعتذر من كل شجرة محروقة أو حيوان فقد موطنه، من كل حجرة رصيف مخلوعة، من عواميد الإنارة المكسورة، من الأدوات المنزلية المحروقة
من كل سوري نام واستيقظ في العتمة، من كل سوري نام ولم يستيقظ، من أطفال لا يجدون خبزهم، من خبز لا يجد من يأكله، وعندما تقول الغابة والمدينة والسماء الصافية: قبلت اعتذاركم، عندها يمكن القول إن الحكومة تعمل.
محمد أبو روز – تلفزيون الخبر