سوق العقارات في سوريا: العقد شريعة المتعاقدين.. وسعر المتر 2.6 مليون ليرة وسط دمشق
تشهد سوق العقارات في سوريا وفي دمشق تحديدا ارتفاعاً غير مقبول ولاسيما بالنسبة للأسر التي لا تملك منزلاً يأويها، إذ أصبح الحديث عن امتلاك منزل حلماً للمواطن السوري بعد أن تبددت قدرته على شراء منزل في الواقع.
في جولة لتلفزيون الخبر على بعض المناطق في دمشق، أكد علي مللي صاحب أحد المكاتب العقارية في منطقة ركن الدين أن الأسعار في المنطقة مرتفعة بشكل مبالغ به.
ولفت إلى أن “سعر منزل مساحته 65 مترا يقدّر بـ85 مليون ليرة، وبذلك يصل سعر المتر الواحد في منزل كسوته عادية إلى 1.307 مليون ليرة، فيما يباع ذات المنزل في منطقة مخدّمة أكثر أمام أفران ابن العميد بسعر 170 مليون ليرة، أي أن سعر المتر المربع يصل إلى 2.615 مليون ليرة”.
وأشار مللي إلى أن “ارتفاع الأسعار في المنطقة يعود إلى قلة العرض أمام الطلب المتزايد على المنازل، فضلاً عن ارتفاع سعر الصرف”، معتبراً أن البائع هو الخاسر الوحيد، باعتبار أن صاحب المنزل الذي يبيع بعشرة مليون على سبيل المثال لا يجد منزل بنفس المبلغ الذي حصل عليه بل يحتاج إلى أن يضيف عدة ملايين إلى ثمن منزله.
أما في حي المهاجرين يشير (صلاح، ن) أحد أصحاب المكاتب العقارية، إلى أن “أسعار المنازل في المنطقة لا تقدر بميزاته بقدر ما تقدر باسم المنطقة، لافتاً إلى أنه منذ يومين جاء أحد الأشخاص لعرض منزله للبيع والذي تقدر مساحته بـ35 متر مربع مع السطح بـ110 مليون ليرة، مشيراً إلى أن منطقة كالمهاجرين ليس من الغريب أن تتواجد فيها هذه الأسعار باعتبار أنها من أرقى المناطق الدمشقية”.
وأضاف: “كما يوجد منزل معروض للبيع ومنزل آخر في منطقة خورشيد، طابق ثاني مع تراس، تبلغ مساحته 200 متر مع 150 متر تراس اطلالة على دمشق، بسعر 650 مليون ليرة”.
فيما يؤكد أبو أحمد أحد أصحاب المكاتب العقارية في ضاحية الأسد بريف دمشق، أن “الأسعار تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، معيداً سبب الارتفاع إلى الاهتمام بالواقع الخدمي في المنطقة، فضلاً عن ارتفاع أسعار مواد البناء وسعر الصرف”.
وأشار إلى أن “أسعار المنازل الجاهزة تصل إلى 175 مليون ليرة، في حين تتراوح أسعار المنزل على الهيكل بين 20 إلى 40 مليون ليرة”، لافتاً إلى أنه في عملية البيع والشراء، فإن العقد يعد شريعة المتعاقدين، أي أنه لا يمكن لأحد فرض سعر ما على المنزل بوجود اتفاق بين البائع والشاري.
وأكد أحد القاطنين في منطقة جبل الرز، لتلفزيون الخبر، أنه أراد شراء منزل في المنطقة كونها منطقة مخالفات وقد تكون الأسعار فيها معتدلة، ليجد أن سعر منزل مساحته 90 متراً ذو كسوة “سوبر ديلوكس” يبدأ بـ20 مليون ليرة.
وتابع”في نفس المنطقة منزلاً كسوته متوسطة ومساحته 90 متراً أيضاً يباع بـ15 مليون، فيما البيت القديم وذو المساحة 60 متراً يباع بـ8 مليون ليرة، ويكون في أعالي الجبل أي في منطقة تعاني من قلة مياه الشرب وتسرب مياه الصرف الصحي”.
من جهته قال الخبير الهندسي محمد الجلالي لتلفزيون الخبر: إن “القوانين الاقتصادية التي تحكم الأسعار وفقاً للنظرية الاقتصادية هي قوانين العرض والطلب”، مشيراً إلى أن العرض تحكمه التكاليف، بينما الطلب تحكمه الأسعار من جهة والدخل من جهة أخرى.
وأوضح الجلالي أن “ارتفاع أسعار البناء أثرت بشكل مؤكد على التكاليف بالوقت الذي انخفض فيه دخل المواطن والذي يتم احتسابه بالليرة السورية، باعتبار أن القدرة الشرائية لليرة انخفضت”.
وأردف: “لذلك ووفقاً لهذه المعطيات فإن أسعار العقارات تعد طبيعية بالنسبة لتكاليف البناء، ولكن نستطيع القول إن الدخل لم يعد يواكب الزيادة في التكاليف، فأصبح من الصعب على الشخص أن يشتري منزلاً بالاعتماد على راتبه”.
ويرى الجلالي أنه “إذا قامت الجهات الحكومية بتحديد أسعار العقارات فهذا يخلق سوق سوداء”، مقترحاً على الحكومة أن تقوم بالتمويل العقاري الطويل لمدة عشرين سنة مثلاً، وتشجيع القروض العقارية كما كان سابقاً، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب أن يكون النظام المصرفي قادر على تغطية التمويل والقروض.
واعتبر الجلالي أنه “لا يوجد استغلال في أسعار العقارات، باعتبار أن البائعين هم فئتين، الفئة الأولى هي الشخص الذي يريد أن يبيع منزله لشراء بيت أكبر مثلاً، ولا يستطيع بيعه بسعر منخفض، لكون كل بائع هو مشتري في نهاية المطاف، وليس تاجر.
وتابع ” أما الفئة الثانية فهي تجار البناء الذين يقومون بالبناء بغرض البيع فتحكمهم هنا تكاليف مواد البناء، باعتبار أنه إذا باع بسعر منخفض لا يستطيع إكمال تجارته في البناء”، مشيراً إلى أنه “وفق هذه المعطيات لا يمكن تسمية عملية بيع وشراء العقارات بالظاهرة الاقتصادية”.
وأكد الجلالي أن “اختلاف الأسعار من منطقة إلى أخرى، لمنزل في نفس المساحة والمواصفات، يعود إلى العرض والطلب، وذلك لوجود مناطق فيها طلب إضافي، ما يرفع سعر المنطقة مقارنة بغيرها، باعتبار أن كلفة إنشاء البناء ثابتة في كل المناطق.
إضافة إلى وجود ميزات في مناطق أوتوستراد المزة والمالكي ترفع الأسعار، مقارنة بمناطق المزة 86 والتضامن على سبيل المثال، كالطرقات الواسعة ومواقف السيارات والكهرباء النظامية وغير ذلك”.
وأشار إلى وجود نقطة هامة يتم تجاهلها أثناء الحديث عن العقارات، وهي “عدم وجود اتساق بين العقارات الموجودة في المدينة، إضافة إلى عدم توحيد أنواع الملكيات للمنازل فهناك منازل ملكية طابو وأخرى حكم محكمة أو مخالفات، موجودة ضمن دمشق، ما يؤدي إلى اختلاف الأسعار بين منطقتين متقاربتين”، مقترحاً أن يتم تنظيم كافة المساحات، لتعود الأسعار للانخفاض.
جلّنار العلي – تلفزيون الخبر – دمشق