عن “الأنوف” المحشورة بالخصوصيات.. دانا جبر تتعرض للابتزاز ( نموذجاً )
يدأب كثير من الأشخاص بلهاث واندفاع للخوض فيما لا يخصهم، حيث يأخذ دأبهم الكثير من أرقهم وانشغالاتهم في السعي لالتقاط كيف يعيش الآخر، ما مخططاته، بمن تربطه علاقات، وما طبيعة هذه العلاقات، كيف يأكل وهناك من يتمنى معرفة مجرى “لقمته” وكيف “يهضمها”.
وهنا، يبرز أولاً سعي كثير من أهل هذه المجتمعات لتداول قضايا متعلقة بالفنانين، السياق هنا بعيد عن إطلاق الشائعات، إنما عن الخوض بالحقائق والوقائع الشخصية الحياتية التي يعيشها الفنان (الإنسان) الذي لايختلف في تكوينه ومجريات حياته عن أي إنسان آخر يأكل وينام ويتزوج ويحب ويخون ويخان ويخدع ويتعرض للابتزاز.
من ذلك ما تعرضت له الممثلة السورية دانا جبر مؤخرا من اختراق لخصوصيتها عبر سرقة هاتفها المحمول، بحيث قام أحدهم بسرقة صورها الشخصية الخاصة، ليتهافت كثيرون للبحث والتنقيب عن تلك الخصوصيات التي لايزيد ولا ينقص وجودها وعدمه من أي معطيات أو تفاصيل متعلقة بها.
لتغص بالتالي محركات البحث بكلمات متعلقة “بجبر” كل ذلك في سبيل أن “ينتصر” أحدهم بما وجده وقام بنشره وبالتالي ينشره غيره من بعده، وهكذا هلم جر، وفي النهاية يتم التعامل مع الحالة على أنها ممثلة، مع إغفال أنها في المقام الأول إنسانة وامرأة في مجتمع يسمي حادثة سرقة صورها الخاصة فضيحة، ويأخذ بها إلى أحاديث تنأى أي فتاة عنها.
وتم التخصيص بالحديث عن الفتيات والنساء هنا على اعتبار أن المجتمعات التي تحفل بهذه الوقائع تعتبر الفعل المشين يخص الفتاة والأخت والزوجة والابنة فقط، أما في المقابل وفيما إذا تعلق الأمر باختراق خصوصية شاب بأي شكل من الأشكال فسيتم التعامل معه على أنه حالة لاتعني الكثيرون دون أن يتم تركيب “أطراف صناعية” للحدث ليتحرك وينتشر.
وهنا يأتي فشل المحيط في ردع آلية التعامل مع الآخر بحسب نوعه الاجتماعي، هي فتاة إذاً تحتم عليها أن تسارع للدفاع عن نفسها وتدبر أمرها، وتفادي تتابع “الفضائح”، في المقابل إذا ما تعرض أحدهم لواقعة مشابهة فإنه لا يأبه بالأمر لأن مجتمعه لا يمكن أن “يعيّره” بصورة أو حادثة أو موقف تعرض له.
حيث نشرت جبر أنها تتعرض لحملة تشويه شرسة لسمعتها من قِبل شخص مجهول، في محاولة ابتزاز دون أن يحدد مطلب واضح وراء فعلته، مؤكدة أن الصور التي تم نشرها صور شخصية بحتة غير معدة للتداول أو النشر وبعضها تعرض لتشويه وتركيب و تعديل بقصد الإساءة.
ولايكاد يخفى على أحد أنه على كل حال لكل شخص خصوصيته التي من غير الممكن أن يفاصح بها أمام الملأ، بينما يحاول المتدخلون فيما لا يعنيهم معرفة مايجول بين الزوج وزوجته، وبين حبيبين بغض النظر عن ولاء أحدهم للآخر أم لا، ومحاولته إفشاء الخصوصية، في الوقت الذي بات فيه الجهاز المحمول مخبأ أسرار أغلب الأشخاص، تحديداً في عصر وسائل التواصل الاجتماعي.
في المقابل، اعتبر بعض المتابعين أن “في هذه الحادثة محاولة من “جبر” لتسليط الأضواء عليها وأنها افتعلتها كطريقة لتخلق حالة يتم من خلالها تداول اسمها، ضاربة بعرض الحائط تأثير هذه الحادثة في المجتمع وهو الذي يضج بهكذا “سِيَر” في وقت انتشرت فيه حالات مشابهة من ناحية انتحار إحداهن بسبب استغلال شاب لصورها، وقتل أخرى لخطيبها الذي حاول ابتزازها”.
ليعود الحديث هنا عن أن جبر تعلم جيدا طبيعة المجتمعات التي نعيشها، بعيدا عن كونها ممثلة أو فنانة استعراضية كما يراها البعض، وبعيدا عن أي صورة رسمتها لنفسها في أذهان الجمهور، وعلى اعتبار أنها “افتعلت الحادثة”، بحسب ما يرى البعض، فإنها “لم توفق باختيارها”.
يذكر أن الحادثة التي تعرضت لها دانا جبر شكلت قضية رأي عام وهي في المرتبة الأولى قضية مجتمع يعاني في السنوات الأخيرة من حالات مشابهة خلقها المبتزون وضعاف النفوس في بقاع من الأرض تعامل الأنثى على أنها “جسد” وتبخس خصوصيتها، وخصوصية الآخر بشكل عام دون أي اعتبار.
روان السيد – تلفزيون الخبر