ماذا يأكل السوريون: غابت “المشحمية والثرود” عن موائد الديريين.. و”أحوال الناس تغيرت”
يمر عام ٢٠٢٠ على الديريين مثقلاً بتبعات الحرب والحصار الاقتصادي، التي أنهكت معظم طبقات المجتمع ولاسيما الطبقتين الوسطى التي كان أصحابها ماقبل الأزمة من الميسورة أحوالهم والطبقة الفقيرة التي تقطعت فيها السبل على أبواب المساعدات الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية والجمعيات الخيرية التي لاتلبي العدد الكبير من هذه الطبقة.
وفي ديرالزور مدينة الرخاء السابقة وأم الماء والخضار والأجبان والألبان واللحوم بأشكالها تحولت إلى مدينة فقيرة بالكاد يستطيع أهلها شراء مايسد رمقهم كون أحوال الناس تغيرت من سيئ إلى أسوأ في ظل الارتفاع اللاهب للأسعار.
عبد المنعم تحدث لتلفزيون الخبر عن موائد الديريين وكيف تغيرت الأحوال المعيشة قبل وبعد عام ٢٠٢٠ شارحاً “في السابق كانت المائدة الديرية نحسد عليها كون المكون الأساسي في كل طبخة هو اللحم الضان”.
وتابع ” وكانت معظم طبخاتنا مناسف لحم أو مناسف لثرود البامية الديرية الذي يطهى بكيلو ونصف بامية و٣ كغ من اللحم مضافاً إليه السمن العربي، إضافة لمناسف الكباب والمشحمية كون هذه الأكلات هي من أهم الأكلات التي تشتهر بها المحافظة”.
وأكمل عبد المنعم بحسرة “أما الآن معظم الديرين يقومون بطهي البامية بلا لحمة ولا سمن عربي لارتفاع اسعارها لأضعاف مضاعفة، حيث أصبح سعر كيلو اللحم ١٥ ألف والسمن البلدي ٢٠ ألف وراتبي انا وزوجتي لايتجاوز ١١٠٠٠٠ ليرة سورية وكل راتبنا لايكفينا أكلة بامية ديرية على أصولها، وحالي كحال معظم أبناء المدينة”.
وتابع عبد المنعم وهو يعتصر الكلمات من فمه “أما عن المشحمية والكباب ومناسف اللحمة أصبحنا نراها فقط على واجهة المحلات كونها أصبحت حلم لمعظم الديرين الذين اعتادوا على الكرم والسخاء والبذخ في موائدهم”.
أما الفطور الديري كان يتميز برائحته ونكهته ففي الصباح تستنشق رائحة الجبنة العربية والسمن البلدي واللبن الضأن والبيض العربي وكانت جميعها متوفرة وباستطاعة معظم الديرين تقديم هكذا مائدة في الصباح، ولكن الآن تغيرت الأحوال وأصبح الزيت والزعتر يتصدر الفطور مع غياب كل ما سبق إلا ماندر”.
وأردف عبد المنعم “البارحة قامت زوجتي بطهي منسف “كبسة” بلغت كلفته ١٠٠٠٠ليرة سورية علماً أننا استخدمنا كل وسائل التقنين اللازمة لطهيه وسيكلفنا هذا المنسف اسبوع من التقشف من أجل دفع ضريبة تناولنا منسف الكبسة الذي لم نقوم بطهيه منذ أكثر من شهرين”.
وبين عبد المنعم “أنا لدي أربعة بنات وأنا وزوجتي دخلنا الشهري لايتجاوز١١٠٠٠٠ليرة سورية، والله لايكفينا أكثر من اسبوع ونحتاج ثلاثة أضعاف منه كي نستطيع أن نعيش عيشة كريمة نوعاً ما والله المستعان”.
ومن جانب آخر جال تلفزيون الخبر في السوق والتقى مع بائع الخضار أبو محمد الذي قال: أن”القدرة الشرائية لدى الأهالي تغيرت بعد غلاء الأسعار”، مبينا أنه في السابق كان الزبون يقوم بشراء الخضار والفواكه بكميات كبيرة ولكن في الآونة الأخيرة أصبح بالكاد يشتري بالكيلو الواحد”.
وأضاف ” ويقتصر على نوع من الفواكه أو نوعين من الخضار، وقسم كبير من زبائننا أحجموا عن القيام بتخزين المونة كالعادة كون ايراداتهم الشهرية بالكاد تكفي لشراء احتياجاتهم اليومية ولا يملك معظمهم فائض لشراء مؤن لتخزينها لفصل الشتاء”.
“أم سعد” زوجة لرجل عاجز قالت لتلفزيون الخبر: “لم يدخل أي نوع من أنواع اللحوم لبيتنا منذ أكثر من ٦ أشهر بالكاد نشتري أرخص انواع الخضار كالبيتنجان والكوسا وغيرها من المواد التي نقوم بطهيها مع القليل من التوابل والمساعدات المقدمة من قبل الهلال التي تعتمد على البقوليات “خليها على الله وخلينا مستورين وبس”.
هذا حال الكثير من أهالي ديرالزور الذين تفاءلوا خيرا بعد تحرير مدينتهم شبه المدمرة وعاشوا أكثر من ١٠٠٠يوم من الحصار الخانق الذي أطبق جلدهم على أجسادهم وباتوا يعيشون على أطلال الماضي وعلى أيام الخير كما يسمونها.
لينتزعوا من ذاكرتهم حاضرا مريرا ومستقبلاً يبدوا أنه لم ولن يتغير بهكذا عقوبات جعلت موائد الديريين خصوصا والسوريين عموماً تختلف اختلافاً جذريا مابين قبل الأزمة ومابعدها .
حلا المشهور – تلفزيون الخبر – ديرالزور