رسمياً.. “اسرائيل” تعلن احتفاظها ب “تيجان دمشق” المسروقة منذ 25 عاماً
منذ عدة أيام، أمرت محكمة القدس بإبقاء “تيجان دمشق” التي تعود إلى العصور الوسطى في مكتبتها الوطنية بالمدينة المحتلة، بعد 25 عاماً من سرقتها من سوريا، معتبرة إياها “كنوز مملوكة للشعب اليهودي”.
ماهي “تيجان دمشق”؟ هي 11 سفراً توراتياً يصل عمر بعضها إلى 1000 عام، ويرى خبراء أنها ضرورية جداً لفهم التطور والتغير الذي عرفته نصوص التوراة.
أما عملية السرقة ففي تشرين الأول عام 2011، نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تفاصيل التخطيط وتنفيذ عملية السرقة العابرة للقارات، والتي أوصلت “تيجان دمشق” إلى الأراضي المحتلة، عبر عملية وصفتها بأنها أشبه بعمليات “جيمس بوند”.
وبحسب الصحيفة فإن هذه العملية التي أطلق عليها اسم “أكاليل دمشق”، امتدت على رقعة جغرافية شملت عدة قارات واقتضت ضلوع العديد من الأطراف والأشخاص فيها، لتحط هذه الأسفار في تل أبيب قادمة من نيويورك، في حاوية كان عدد قليل جداً يعلم بما تحتويه.
ووفقاً لما نشرته الصحيفة العبرية، فإن قرار استعادة “تيجان دمشق” اتخذ في عام 1995 من قبل حكومة رئيس الوزراء “الإسرائيلي” حينذاك إسحق رابين.
وممن شاركوا في العملية امرأة كندية، تدعى “بيلد كار” قالت إنها قدمت مساعدات ليهود سوريا، والتي اعتبرت بأنه “من كل ما فعلت في حياتي أعتبر هذه العملية الأشد بريقاً”.
وبحسب مصادر متعددة، قامت “إسرائيل” في تسعينات القرن الماضي، بتهريب مجموعة من الآثار والوثائق اليهودية السورية النادرة في عمليه سرقة منظمة اشتملت على العديد من البلدان والأشخاص وكان المحرك الأساسي والمخطط لعملية التهريب هذه هو حاخام دمشق “أبراهام حمرا”.
من هو “أبراهام حمرا”؟ يذكر كتاب “يهود دمشق الشام” كيف قام الحاخام “أبراهام حمرا” الذي هاجر من دمشق إلى فلسطين المحتلة عام 1998م، بالتخطيط والتنفيذ لتهريب الآثار اليهودية السورية إلى “إسرائيل”.
وكان حمرا يعد كبير حاخامات دمشق ويعيش حالياً في “تل أبيب” بمنطقة حالون، وهو من يهود السفارديم.
تزوج حمرا بدمشق من يهودية اسمها استيلا وله عدة أولاد، وكانت استيلا تعمل لدى حمرا في مدرسة ابن ميمون بدمشق كأمينة سر وكانت متزوجة، ويقول أهل دمشق إنّ حمرا كان وراء طلاقها من زوجها الأول.
في عام 1976م أصبح حمرا رئيساً للطائفة الموسوية السورية، خلفاً آنذاك لرئيسها طوطح، وظل في منصبه هذا لحين هجرته من دمشق عام 1998م، أي بعد إتمام عملية السرقة.
وحين وصوله إلى المطار على خطوط شركة العال “الإسرائيلية” كان في استقباله إسحق رابين ورئيس الكنيست شيمون بيريز.
جمع حمرا قبل سفره، كل ما بحوزة الطائفة اليهودية في دمشق وحلب والقامشلي من مخطوطات وقطع أثرية وقام بتهريبها إلى “إسرائيل”.
أغلب هذه المهربات هي الآن بحوزة المركز الدولي لتراث اليهود السوريين في منطقة “حولون” وعرف من هذه الآثار المهربة حينها مخطوطات من الكتاب المقدس، 40 من لفائف التوراة، 32 صندوق لفائف التوراة المزخرفة.
وأشارت حينها وسائل الإعلام “الإسرائيلية” إلى أنّ الحاخام حمرا بذل جهوداً كبيرة ليُحضر معه من دمشق مخطوطات قديمة وبعض المقالات والدراسات والكتب بما فيها المتعلقة بالمحرقة وطائفة “السفارديم”.
يذكر أن عملية تهريب الوثائق تمت بسرية تامة حيث تم نقل المهربات إلى تركيا ومن ثم إلى فلسطين المحتلة عبر قنوات فرنسية وأميركية.
وعرضت هذه المخطوطات والقطع الأثرية بعد ترميمها يوم 15 تشرين الثاني عام 2000 في منزل الرئيس “الإسرائيلي”موشية كتساف.
هل ساهمت فرنسا بسرقة تيجان دمشق؟ في عام 2013، نقلت صفحات فيسبوكية عن أحد الموظفين المحليين الذين عملوا في السفارة الفرنسية في دمشق، حديثاً يثبت وجود اتصالات مستمرة بين السفير الفرنسي وحمرا عام 1990، وهو العام الذي جرت فيه محاولة سرقة “التيجان” الأولى.
عُرف عن يهود سوريا غناهم بكتبهم، وكانت الـ24 كنيساً يهودياً المنتشرة على الأراضي السورية تضم 11 مخطوطة تراوح أعمارها بين 700 و1000 سنة.
وفي عام 2015 عرضت المكتبة العامة في القدس، ولساعات قليلة فقط، ثلاثاً من أقدم المخطوطات تعود الى القرن العاشر ميلادي، ويقول خبراء الكتابة العبرية إنها كُتبت في ما يعرف اليوم بأرض فلسطين.
ويقول “شلومو بازو”، وهو أحد الحاخامات المولودين في دمشق، وهرب مع عائلته سنة 1985، إن “في حوزته مخطوطاً عمره 300 سنة كان في سوريا”.
وأوضح في حديث الى وكالة “أسوشييتد برس”: عندما سمحت السلطات السورية لليهود بالرحيل، عملوا على تقسيم المخطوطات الجلدية والملفوفة إلى قطع بحجم الورق.
وأضاف “خُبئت المخطوطات في الحقائب، ولما وصلوا الى “إسرائيل” عملت على خياطة هذه الجلود لإعادة المخطوطات إلى شكلها الأولي”.
ويعد القانون الدولي عملية تهريب المخطوطات اليهودية سرقة، إذ إن اتفاقية اليونسكو سنة 1970 تمنع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وتطالب بإعادة كل القطع المسروقة بعد 1970 إلى دولها الأم.
وبحسب تعبير باحثين ومؤرخين، فإن المكتبة “الإسرائيلية” الموجودة في القدس المحتلة، ليست مركز كتب، بل باتت مركزاً متخصصاً في السرقات الدولية.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر