“هوليود سمايل” في مجلس الشعب
كنا نظن أن التأخير لعنة ثم أحببناه حين تأخرنا في اللحاق بركب العالم مع فيروس كورونا، وغالباً ما يكون هذا التأخير نعمة للحكومات لتتخذ احتياطاتها.
مثل أن يتصل بك صديق ويخبرك أنه قرر زيارتك بعد ثلاثة أيام مثلاً، فتكون فرصة لك لتنظف البيت على الأقل و”تشحد” ثمن علبة متة وكيس سكر، أو حفنة من القهوة، أو لتحلّ خلافاتك العائلية مع زوجتك فلا تذكرك بهدية “عيد ميلادها” أمام الضيوف، إذن التأخير يكون أحياناً مفيداً، لكن للشخص الحصيف فقط.
أما وزاراتنا المتفاجئة دوماً بالشتاء، وبعده بالصيف، والتي تفاجأت أيضاً بوجود وباء اجتاح العالم اسمه “كورونا”، بعد أكثر من ستة أشهر على حملته، فلا التأخير يفيدها ولا التبكير.
بعدما أزيلت صفحات الوفيات من الجرائد اليومية، أصبح “فيسبوك” جريدتنا التي نعلّق عليها نعوات أحبائنا، الموت هو الحاضر الوحيد في يومياتنا، الموت بسبب كورونا، بسبب نقص التغذية، بسبب انعدام الأدوية والتجهيزات الكفيلة بإنقاذ أي مريض ولو كان مصاباً بإسهال.
ربما يكون منشأ الفيروس صينياً، كما قالت وسائل الإعلام، لكن الموت سوري، بفيروسات إضافية ووجع قلب مختلف، فنحن “كسوريين” لا نقبل أن يسبقنا أحد بأي شيء، ولا حتى بالموت، نستطيع أن نتفوّق على الجميع: يهاجر الجميع ويتخلون عن حيواتهم السابقة لكن لا تهاجر مدن بأكملها وقرى كاملة، يصاب الجميع بأمراض مختلفة لكننا وحدنا من نموت عن الكرة الأرضية، تتعفن جراحنا وتنزّ ولا أحد يشير إلى دمنا الذي يسيل.
وعلى “الفيسبوك” نفسه الذي تملؤه نعوات الموت والحزن، تنتشر أيضاً صوراً لطيفة لانعقاد الجلسة الأولى لمجلس الشعب السوري، الخبر الذي تناولته جميع وسائل الإعلام.
بعض هذه الوسائل يفخر بقدرة البعض على الرقص، وسط كل هذا الموت، بكل ما يحمل هذا الأمر من معنى فخور حيناً وساخر أحياناً أكثر، لكن الصور لا تكذب: هاهم أعضاء مجلس الشعب المنتخبين من الشعب في “سيلفيات” كثيرة، يضحكون في المجلس، يبتسمون ويجهّزون أنفسهم لخدمة من انتخبهم” بكل نشاط وحيوية.
ربما أغضبت هذه الصور البعض، على مبدأ “إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا”، إذ نعلم كم أنت فخور ياعضو مجلس الشعب الجديد بالامتيازات الكثيرة التي ستحصّلها، لكن يفضل أن تخفي الـ”فينير” والـ “هوليود سمايل” فأغلب السوريين ينامون جوعى.
محمد أبو روز – تلفزيون الخبر